بين بورتو أو لشبونة، أي مدينة تختارين لقضاء إجازة ممتعة في البرتغال؟
تتنافس المدينتان، منذ قرون، وهما تمتلكان كنوزاً سياحيّةً جاذبةً للمسافرين، من دول العالم كافة، لا سيما المعالم المهمّة، والطعام، والنشاطات الممتعة، والطبيعة الآسرة. في كل من بورتو، ولشبونة، أحياء مدرجة في قائمة اليونسكو، ومتاحف عالمية المستوى، وتجارب طهي غنية، في حين تقع الشواطئ الخلابة على بُعد مسافة قصيرة منهما. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يجب عليك استكشاف لشبونة أو بورتو، أولاً؟
للمساعدة في اتخاذ القرار بشكل أسهل، إليك مقارنة بين المدينتين.
حال الطقس
- يعرف كل من لشبونة وبورتو حرارة الصيف، التي قد تتجاوز 29 درجة مئوية.
- تقع كلتا المدينتين في الداخل قليلاً من المحيط الأطلسي، وتحظيان بنسيمه.
- الربيع والخريف، هما الموسمان المفضلان لقصد مدن البرتغال، حينما تكون السماء زرقاء صافية غالباً، والحرارة دافئة.
- مع مسافة 170 ميلاً (274 كيلومتراً) فاصلة بين المدينتين، تعرف بورتو ضعف معدل هطول الأمطار السنوي، مقارنة بلشبونة، خلال الشتاء.
التاريخ والثقافة
تحمل كلتا المدينتين ثقلاً تاريخياً كبيراً فوق أكتافهما، إذ تعدّ لشبونة واحدة من أقدم المدن في أوروبا، حيث من المرجح أن الفينيقيين أسّسوها منذ نحو 3000 عام. ومنذ ذلك الحين، كانت بمثابة بؤرة استيطانية لعديد من الناس، ومنهم: الإغريق، والقرطاجيين، والرومان، الذين أطلقوا عليها اسم أوليسيبو. سرعان ما ازدهرت المدينة، عاصمة البلاد منذ عام 1256، خلال سنوات الاستعمار في البرتغال، والمعروفة باسم عصر الاكتشاف.
ضرب زلزال مدمر المدينة في عام 1755، ما أدى إلى تدمير الكثير من العمارة التاريخية للعاصمة. لا تزال بعض المعالم قائمة جزئياً، مثل: دير كارمو مفتوح السقف، في الوقت الراهن، فيما لم تعرف معالم أخرى، مثل: دير جيرونيموس الرائع، وحي ألفاما المغربي التاريخي، من دون أضرار تذكر. بعد الدمار، أعيد بناء المدينة باستخدام تخطيط شبكي من ماركيز بومبال، ما أدى إلى إنشاء لشبونة التي سيراها السائح، اليوم، حيث يمتد مظهرها الجديد فوق تلال المدينة السبع.
يعود تاريخ بورتو أيضاً إلى آلاف السنين، حيث ينحدر اسمها من الاسم الروماني للمدينة، بورتوس كالي. بعد بعض المعارك بين القوط الغربيين، والمور، والمسيحيين، أصبحت في النهاية مدينة ساحلية مزدهرة مرة أخرى في القرن الرابع عشر. يمكن رصد المباني القديمة الرائعة حول المركز التاريخي المدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، مع دير سيرا دو بيلار، الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر، وكاتدرائية القرن الثالث عشر (كاتدرائية سي، التي تم تجديدها لاحقاً على الطراز الباروكي) المثيرين للإعجاب بشكل خاص.
معالم سياحية جذابة
إذا كان قرارك بشأن لشبونة مقابل بورتو، يعتمد على مقارنة المعالم السياحية، والنشاطات، التي يمكنك القيام بها في المدينتين، فإن حجم العاصمة يدفعها إلى الأمام قليلاً. باعتبار لشبونة المركز الثقافي للبلاد، وأكبر مدينة، فإن لكل حي فيها طابعه، ومعالمه الخاصة. في هذا الإطار، تحلو الجولة في الصباح، في ألفاما، الحي المغربي القديم، بحثاً عن الهدايا التذكارية. ثم بعد ذلك، يمكن قضاء فترة بعد الظهر في التنزه على ضفاف النهر، وبين معارض الفن الحديث، والهندسة المعمارية المانويلينية. تتضمن النشاطات الأخرى، التي يمكنك القيام بها في لشبونة: زيارة قلعة ساو خورخي، وهي حصن واسع يطل على المدينة من موقعه المتميز على قمة التل، وساحة براسا دو كوميرسيو المواجهة للنهر، وهي ساحة واسعة محاطة بمبانٍ فخمة بلون الخردل؛ وجسر بونتي 25 دي أبريل، الذي يشبه إلى حدّ كبير الجسر الأحمر الشهير في سان فرانسيسكو. تعد منطقة بيليم وجهة جذابة بحدّ ذاتها، فهي تضم العديد من المعالم الأثرية، والمتاحف، إضافة إلى دير جيرونيموس على الطراز المانويلي، وبرج بيليم، والعديد من المتاحف في لشبونة. في هذا الإطار، يحلو التعرّف إلى الأزوليجوس (الزليج)، البلاط البرتغالي الجميل المرسوم يدوياً، في متحف الأزوليجو الوطني، والتعرّف إلى تاريخ المدينة والزلزال المدمر الذي ضرب البلاد عام 1755 في متحف قصة لشبونة أو الانغماس في الروح الموسيقية للأمة في متحف الفادو.
نجحت بورتو، بدورها، في مواجهة التحدي في السنوات الأخيرة، مع افتتاح عدد كبير من المتاحف، والأماكن السياحية الجديدة. هناك، يحلو اكتشاف جسر دوم لويس الأول الشهير في بورتو، ومناطق الجذب حوله، علمًا أن الجسر يرتفع من ساحة ريبيرا المواجهة للنهر، وهو معلم رئيسي. جدير بالذكر أن مركز بورتو التاريخي، وهو بأكمله موقع للتراث العالمي لليونسكو، يمنح أفضلية لبورتو على لشبونة، حسب البعض. في بورتو، تحلو الجولة في قصر بولسا المزخرف، حيث تدهش الغرفة المطلية بالذهب المستوحاة من الطراز الإسلامي، والرحلة إلى قمة برج كنيسة كليرجوس للاستمتاع بالمناظر الممتدة عبر المدينة، وزيارة متحف سيرالفيس خارج المدينة، ثاني أكثر المتاحف شعبية في المقاطعة بعد متحف كالوستي جولبنكيان في لشبونة، حيث يلتقي الفنّ، والطبيعة.
تجارب الطهي
لناحية المطبخ المحلي، هناك تنافس كبير بين أهل بورتو، ولشبونة حول من يمتلك أفضل المأكولات البحرية، والسندويشات، وصولاً إلى قهوة الإسبريسو!
يعود اسم بورتو إلى الأيام، التي كانت المدينة ترسل فيها أفضل أنواع اللحوم لدعم البحارة في البلاد. لذلك، Tripas à Moda do Porto هو أحد الأطباق المميزة في بورتو، حيث يتم تقديم حساء الفاصوليا واللحوم. ومن بين الأطباق الرئيسة في المدينة، ساندويش فرانشيسينيا، وهو عبارة عن ساندويش مملوء باللحوم والصلصة. ومع ذلك، لا تقتصر الأطباق في الشمال على الدسمة منها، حيث تظهر المأكولات البحرية المحلية، مثل: سمك السلمون المرقط، والثعبان البحري، والمحار، والسردين، في قوائم المطاعم الراقية الحائزة على نجمة ميشلان، وفي المطاعم التقليدية.
في لشبونة، وعلى طول ساحل البلاد، تهيمن المأكولات البحرية بنفس القدر من اللذة، حيث تعد المطاعم، التي تقدم المأكولات البحرية من الأماكن التي تستحق الزيارة لتناول أطباق من الجمبري القرمزي وسرطان البحر. وعلى غرار بورتو، تتميز لشبونة أيضاً بساندويشاتها المميزة، لا سيما بريجو المحشو بشرائح اللحم.