منزل ضيافة بين أشجار الزيتون والصنوبر

منــــزل ضيـــــــافة بين أشجار الزيتون والصنوبر
منــــزل ضيـــــــافة بين أشجار الزيتون والصنوبر «دار زفتا»

تلتقي عراقة الماضي مع استشراف المستقبل في صرح معماري يمتــد على مســاحة 1200متر مربع في «دار زفتا» الواقعة في بلدة النبطية جنوبي لبنان، حيث تحتضن الدار عناصر فنية وثقافية مستدامة بين أشجار الزيتون والصنوبر الموزعة في أرجاء الحدائق المحيطة بها. التقت «سيدتي» صاحب الدار بهجت الدرويش للحديث عن تاريخ المكان وتصميمه الداخلي الفريد، والتقطنا بعدستنا زوايا جميلة من غرف المكان.

 

 

 

ʼيتمتّع المنزل بعناصر استدامة بعيداً عن التكنولوجيا، ويرتكز على الطاقة الشمسية والأحجار وخشب الأرز. كما أن الطعام عضوي من محاصيل الأراضي الزراعية المحيطةًʻ

 


تشهد جدران دار زفتا الواقع في (بلدة النبطية - جنوبي لبنان) على فصول مهمة من مسيرة البلاد، وتحديداً من مراحل بنائه من عام 1906 إلى عام 1911 وحتى يومنا هذا، مع ما رافق البناء من إعادة ترميم بعد الأضرار الفادحة التي وقعت في أغلب أقسام الدار الداخلية بسبب حريق كبير في عام 2014 كما يشير مالكه.
ويضيف: «يقولون إن كل عائلة لديها قصة ترويها، هذه الدار شاهد حيّ على تاريخ المنطقة ومسار العائلة، ابتداءً من جدّي الأكبر، وكان اسمه حسين بك الدرويش، الذي بنى هذه العمارة الضخمة لتكون ملتقى لأعيان المنطقة، ونقطة تلاقٍ لسكّانها؛ حيث كان يتابع معهم بصفته وجيه المنطقة همومهم ومشكلاتهم وطلباتهم... ».

 

 

غرفة الجلوس وقناطرها التي تصلها بصالة زجاجية حوّلها المالك إلى مكتبة

 


منزل ضيافة على الطراز التقليدي-العثماني

سلم داخلي يتميز بداربزين من الخشب والنحاس بتصميم متكرر في أرجاء المنزل


يصف بهجت الدرويش هذه الدار بأنها «صمّمت بذوق مهندسين معماريين إيطاليين وشرقيين معاً، مع ما رافق عملية البناء في حينها من طراز تقليدي-عثماني، كما أنها مؤلّفة من منزلين توأمين من الطراز العثماني متصلين بستة أروقة متوّجة بأعمدة ذات تيجان محفورة بزهور اللوتس، إضافة إلى ألوان خاصة بجدران الدار وأبوابها ونوافذها المصنوعة من خشب الأرز القطرانيّ، التي تتآلف مع ثريات فخمة وبلاط أحمر وقطع أثاث دمشقيّ وفرنسيّ، إلى جانب أعمال فنيّة، لا سيّما مجموعة المخطوطات التي تبيّن الأختام المحفورة باسم القرى التي كان جدّي الأكبر حسين بك الدرويش يدير شؤونها بالكامل... وبعد الحريق في عام 2014، حرصت على عودة البيت القديم إلى عراقته بفضل جهود المهندسة المعمارية سيمون قصرملي، التي حرصت على ترميم الدار مع بعض التحديثات المواكبة لمتطلّبات عصرنا هذا».
ما رأيك بالتعرف على تاريخ القصر الحديدي في الطائف وسبب تسميته

 

غرفة نوم للضيوف يطغى عليها ديكور الخشب الدافئ والبلاط التقليدي

 


"دار زفتا " يجمع بين جمالية التراث ومراعاة شروط الاستدامة

صالة المكتبة تطل على الحديقة بنوافذها الممتدة على مساحة الحائط الدائري


تعدّ هذه الدار داراً للفنون والثقافة والتراث والاستدامة، كما أنها دار للضيافة والكرم والرفاهية. بات منزلنا وجهة تقام فيها المناسبات التي لا تنسى، وهو الملاذ الأقرب إلى الشمس بعيداً عن الحياة المزدحمة للاستمتاع بالمشهد الطبيعي الخلاب واستنشاق الهواء المنعش والتربة والأرض والغذاء والوجوه والندوب وتاريخ المنطقة... حسبما يؤكد بهجت الدرويش، ففي هذا المكان يتوقف الوقت وتختفي الجاذبية الأرضية وتبدأ أحلام اليقظة.
يتمتّع هذا المنزل بجميع شروط الاستدامة من الابتعاد عن التكنولوجيا ووسائلها المختلفة وشاشات التلفزة، والتركيز على الطاقة الشمسية والأحجار وخشب الأرز، كما أن الطعام من منتوجات الأراضي الزراعية المحيطة بالدار من الزيتون، والخضروات والفاكهة، وزيت الزيتون مع العلم أنها عضوية وخالية من أي مواد كيماوية. اليوم تتمتّع هذه الدار بالكثير من المعاني التي تنبثق منها العديد من الأحداث والمناسبات التي حدثت داخل جدرانه، فهو أكثر من مجرد بيت ضيافة، إنه حركة اجتماعية تحافظ على تراث الدار وتدعم التنمية المستدامة.

 

مالك الدار بهجت الدرويش

 

ʼشهدت الدار تاريخ المنطقة ومسار العائلة، ابتداءً من جدّي الأكبر حسين بك الدرويش، الذي بنى هذا الصرح ليكون ملتقى لأعيان المنطقة، ونقطة تلاقٍ لسكّانها ʻ
بهجت الدرويش

 

غرفة طعام مطلة على الحديقة

 

ʼفي هذا المكان يتوقف الوقت وتختفي الجاذبية الأرضية وتبدأ أحلام اليقظة ʻ

 

مبادرة «طريق الفن» حولت الدار إلى ملتقى للفنانين

مرآة قديمة في مدخل الدار تعكس أشعة الشمس المتسللة من السقف الزجاجي


الجدير بالذكر أن هذه الدار، من خلال مبادرة بعنوان «طريق الفن» التي بدأت بسلوك طريقها، تحوّلت إلى ملتقى للفنانين الذين يقدّمون في أعمالهم قصصاً عن الإنسانية، والإبداع، والعزيمة، والمرونة، والجمال، والأمل. ويقول: «تسعى الدار إلى حدّ كبير إلى دعم الفنانين، لأنه من مهمتها للتنمية الاجتماعية المستدامة، كما نسعى جاهدين إلى خلق فرص عمل للمجتمع المحلي، مع التركيز على النساء والشباب من خلال تشجيع ودعم ريادة الأعمال المحلية والمنتجات المحلية. والأهم من ذلك أننا ندعم التنمية المستدامة للمواهب والأنشطة الفنية؛ لأن هدفنا هو فتح إقامة فنية مجاورة للدار في المستقبل ستجمع بين هذه الدار والمعارض الفنية والفنانين العالميين». ويختم بهجت حديثه قائلاً: «هذه الدار مؤسسة اجتماعية؛ حيث تذهب عائداتها إلى الحفاظ على تراث الدار ودعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية، وهي جوهرة معمارية، وحدائقها واحة من الجمال. كل منزل يحمل التاريخ داخل جدرانه وأحجاره وسقوفه وأرضياته وأسسه... هذا المكان بالنسبة إليّ هو الوطن».
يمكنك أيضاً الاطلاع على "عمروها" مشروع وثائقي يكشف تاريخ بناء المدن السعودية

 

جلسة في باحة الدار الخارجية

 

ʼصُممت الدار برؤية مهندسين معماريين من إيطاليا والشرق الأوسط ʻ

 

 

غرفة جلوس بأثاث مكون من قطع تراثية وأخرى عصرية