ماذا بعد تخفيض أسعار التذاكر؟!

سهى الوعل
سهى الوعل
سهى الوعل

أزمةٌ، يُواجهها شبَّاكُ التذاكرِ في كلِّ أنحاءِ العالمِ، والسببُ وراءه التراجعُ الكبيرُ في عددِ الإنتاجاتِ السينمائيَّةِ! فمقارنةً بين الفترةِ نفسها لبدايةِ العامِ الجاري والأعوامِ السابقةِ، سنجدُ أن عددَ الأفلامِ التي تمَّ إنتاجُها في 2024 أقلُّ بكثيرٍ على مستوى العالمِ كلِّه! وهو أمرٌ، انعكسَ سلباً حتى على المهرجاناتِ الدوليَّةِ الكبيرةِ، أي أن الأزمةَ طالت أفلامَ الشبَّاكِ، وأفلامَ المهرجاناتِ، بل وأفلامَ المنصَّاتِ أيضاً!

الأثرُ امتدَّ إلى الشرقِ الأوسطِ، وبطبيعةِ الحالِ تأثَّر الشبَّاكُ السعودي أيضاً، ما نتجَ عنه انسحابُ إحدى شركاتِ السينما من البلادِ، وإغلاقُ جميع دورها، بينما قرَّرت شركاتٌ أخرى، أن تغلقَ أبوابها في المواسمِ الأقلِّ إقبالاً من الجمهورِ مثل رمضان! وهذه مقدِّمةٌ ليتمَّ إغلاقُها لاحقاً في مواسمِ الاختباراتِ، والفتراتِ المماثلةِ التي تشهدُ نسبةَ إقبالٍ أقلَّ، ولا تكفي لتغطيةِ تكاليفِ التشغيلِ من الأساس!

هناك هدفٌ، تضعه الجهاتُ المعنيَّةُ بأن يصلَ عددُ دورِ السينما في السعوديَّةِ بحلول 2030 إلى 350 دارَ سينما، تشملُ إجمالي 2500 شاشةَ عرضٍ، وهو أمرٌ يبدو أنه أصعبُ ممَّا كنا نتوقَّع، والسببُ تخوُّفُ المستثمرين من أداءِ القطاعِ، وتردُّدهم بشأن الانضمامِ إليه، ومن هنا جاءت القراراتُ الأخيرةُ التي تمَّ إعلانها بشأنِ تخفيضِ رسومِ رخصِ ممارسةِ نشاطِ السينما، وتشغيلِ الشاشاتِ بشكلٍ كبيرٍ جداً، ليصبحَ قطاعُ السينما السعودي ضمنَ الأكثرِ تنافسيَّةً إقليمياً ودولياً بزيادةِ نسبِ المساهمةِ الاقتصاديَّة للشركات.

ويبقى السؤالُ الأهمُّ: هل ستضمنُ هذه القراراتُ إقبالاً وأرباحاً أكبر؟

ممَّا لا شكَّ فيه، أن معظمَ المستثمرين، وأمامَ التخفيضِ الكبيرِ جداً لرسومِ ممارسةِ النشاطِ والتشغيلِ، لن يستطيعوا مقاومةَ إغراءاتِ هذا التحدِّي، وسيفكِّرُ كثيرٌ منهم بالمغامرةِ، إذ لا بأسَ في ذلك.

لكنْ، وعلى صعيدٍ آخرَ: هل سيكتفي الجمهورُ بتخفيضِ أسعارِ التذاكرِ؟!

هذا في رأيي الأمرُ الأهمُّ، إذ لا أجدُ في أسعارِ التذاكرِ المشكلةَ الرئيسةَ. المشكلةُ أكبرُ من ذلك بكثيرٍ، وتبدأ من نوعيَّةِ الأفلامِ المعروضةِ، مروراً بتواضعِ المنافسةِ في جميعِ المواسمِ السينمائيَّةِ حتى بوجودِ أفلامٍ لأبطالِ الصفِّ الأوَّلِ، ووصولاً لعدمِ وجودِ جيلٍ جديدٍ من نجومِ السينما أصلاً، سواءً في الوطنِ العربي، أو "هوليوود".

من وجهةِ نظري.. حتى وإن نجحنا في إقناعِ المستثمرِ بالاستثمارِ في القطاعِ، والمشاهدِ بالذهابِ إلى السينما بشكلٍ دائمٍ، فلا يمكنُ التغلُّبُ على تلك المشكلاتِ ما لم يرتفع عددُ الأفلامِ التي يتمُّ إنتاجها عربياً وعالمياً، وما لم تتحسَّن جودتها، فلا يزالُ عددُ الإنتاجاتِ متواضعاً مقارنةً بحجمِ مشروعِ السينما نفسه في كلِّ العالمِ، وليس في السعوديَّةِ فقط.