يصادف اليوم (9 فبراير) ذكرى ميلاد الفنانة السورية القديرة منى واصف، التي وٌلِدَت في عام 1942، وهي الفنانة العربية التي نادراً ما يجود الزمان بمثلها. ومن القلائل اللواتي أدركن قيمة ودور الفن الحقيقيين، ومسؤولية الفنان تجاه جمهوره ومجتمعه، فظلت ملكة فنية متوجة على عرش قلوب الجمهور العربي لعشرات السنين.
هي "هند بنت عتبة" في رائعة مصطفى العقاد "الرسالة"، و"دليلة" في "دليلة والزيبق"، و"الشيخة مزنة" في "جواهر"، و"أمينة" في "ليالي الصالحية"، و"أم جوزيف" في "باب الحارة"، و"أم جبل" في "الهيبة"، وغيرها من الوجوه الدرامية المميزة والمتعددة التي عرفناها من خلالها على مدى 66 عامًا منذ بدايتها في عام 1958، قدمت خلالهم ما يزيد عن 200 شخصية درامية مميزة بين المسرح والإذاعة والسينما والتلفزيون.
سر يوم الميلاد
اللافت أن يوم ميلاد النجمة منى واصف حسب الوثائق الرسمية هو الأول من فبراير، لكنها بيًّنًت في حديث خاص لـ " سيدتي نت " قبل عامين أن يوم ميلادها الحقيقي هو في التاسع من شهر شباط / فبراير وأن خطأ ما حصل عند تسجيل قيودها وقالت: "على زماني كان يكتب يوم الميلاد كرقم وهو 9 شباط حيث كانوا لا يكتبون في التاسع من شباط مثلاً بل رقم فقط ويبدو أن رقم 9 بالعربي لم يكن مكتوباً بشكل واضح حينها فظهر على الصورة رقم 1 وتم تسجيلي في البطاقة الشخصية من مواليد 1 شباط وبصراحة لم أقم بتغييره وربما لم أكن أعرف أني سأصبح معروفة لدى الناس ويصبح تاريخ ميلادي متداولاً في محرك البحث "جوجل".
البدايات
بدأت النجمة منى واصف مشوارها الفني في عرض الأزياء بنهاية خمسينيات القرن العشرين، وأول عرض أزياء لها كان في مهرجان القطن بحلب.
دخلت مجال التمثيل بعد ذلك، لكن عائلتها لم تتقبل الأمر في البداية، حتى أنها تعرضت للعقاب من قبل والدتها عندما اكتشفت أنها تمثل في المركز الثقافي العربي بدمشق دون علمها، لكن والدتها تقبلت الأمر فيما بعد.
عاشت مع زوجة أبيها بعد انفصال والديها، ولها ثلاث شقيقات، منهن الممثلتان هيفاء وغادة واصف، وشقيقتها هيفاء هي زوجة الفنان محمود جبر ومن أبنائهم الممثلات ليلى جبر ومرح جبر.
تزوجت من المخرج محمد شاهين في عام 1963، الذي ساندها ودعمها كثيراً حتى رحل عنها عام 2004. وأنجبت منه ابناً واحداً اسمه عمار.
حب القراءة
كشفت منى واصف في تصريحات صحفية أنها ورغم بلوغها عامها الـ82، إلا إنها ما زالت تهتم بصحتها من خلال السباحة لمدة ساعة ونصف الساعة يوميا كما كانت تفعل مع والدتها، وكشفت أن القراءة ساعدتها على البقاء كما هي الآن، فمن عاداتها أن تقرأ يوميا من 4 إلى 5 ساعات، وخاصة الروايات والمسرحيات وأحيانا السير الذاتية للعظماء.
وعرف عن واصف -التي تملك مكتبة كبيرة في بيتها- أنها تعمل على تجميع الكتب من أجل قراءتها في الصيف، وتعتذر عن الأعمال الفنية تلك الفترة، حيث تعتبر الثقافة سلاحا تحمي به موهبتها، وتقوي به حضورها على المسرح والشاشة.
وكانت تقول "كي أتمتع بحياتي فأنا، مع كل كتاب جديد أقرؤه، أعيش عوالم جديدة، ويمكن أن ألخص مصادر ثقافتي بأنها من الحياة والتجارب والكتب".
نجمة المسرح
قدمت واصف على خشبة المسرح 28 مسرحية بالفصحى، أغلبها مسرحيات عالمية لكبار الكتاب المسرحيين العالميين والعرب، ومنها "الزير سالم، أوديب ملكا، موتى بلا قبور، طرطوف، لكل حقيقته، المفوضة، جونا والطاووس" وكان آخرها مسرحية "حرم معالي الوزير" التي أعيد تقديمها 3 مرات في 8 سنوات.
وعام 1990، أنهت تجربتها بالمسرح الذي قالت "هو من صنعني" وقررت التفرغ للسينما والتلفزيون.
مسيرة تلفزيونية مميزة
رحلة منى واصف مع الدراما، تعود إلى وقت انطلاقة التلفزيون العربي السوري خلال فترة الوحدة مع مصر في 23 يوليو 1960.
وعام 1964، شاركت بتمثيلية "ميلاد ظل" عام 1961، ثم مسلسل "أسود أبيض". وعام 1966، انطلق مشوارها السينمائي بأول ظهور لها بدور (سعدة) في فيلم "سلطانة".
وكان التلفزيون السوري من المحطات الأولى في حياتها الفنية، وبعد ذلك التلفزيون الأردني الذي أسهم في انتشارها، وفي المرحلة الثالثة عملت بدبي وشاركت في 17 مسلسلا، ثم انتقلت لمحطتها الرابعة في لبنان.
فيلم "الرسالة"
قدمت واصف في السينما 29 فيلماً، بدأتها بفيلم "سلطانة 1966" إلا أن لقاءها بالمخرج العالمي مصطفي العقاد وضعها في مكانة رفيعة وساعدها على اكتشاف جوانب خفية في تكوينها الفني؛ إذ رشحها العقاد لدور "هند بنت عتبة" في فيلمه العالمي "الرسالة" إنتاج عام 1976 ونجحت في تقديم الشخصية بشكل رائع وحقق العمل نجاحاً باهراً.
تكريم مستحق
مؤخراً، حازت النجمة السورية القديرة منى واصف على تكريم خلال حفل صناع الترفيه Joy Awards 2024 وذلك عن مسيرتها الفنية الطويلة التي قدمت خلالها عدد كبير من الأفلام السينمائية والمسلسلات والمسرحيات.
وتم تكريم النجمة السورية القديرة بجائزة الإنجاز مدى الحياة حيث طغت اللحظات المؤثرة على مشهد تسلمها الجائزة في حفل جوائز Joy Awards 2024 حيث غالبتها الدموع وعبرت عن سعادتها الكبيرة جداً بهذه الجائزة.
وقالت منى واصف عقب حصولها على الجائزة في حفل صناع الترفيه والتي قدمها لها النجم الفرنسي جون رينو: "بقدر سعادتي بهذه اللحظة كنت أتمنى أن تكون أمي معي بهذه اللحظة لأنها كانت غاضبة مني كوني لم أكمل دراستي واتجهت للفن.. علّها كانت ترى أني استطعت تحقيق إنجاز ما".
تؤمن واصف بأن الفن متعة ورسالة؛ لذا تختار أعمالها بعناية ولا تحب الاستسهال، وتأمل أن يكون القادم أفضل وحافلا بأعمال هادفة وجادة، فمازال عطاؤها مستمراً وطموحها بلا حدود.
