لم تعرف السينما المصريَّة نجماً مثل رشدي أباظة، فشخصيَّة الفتى الأوَّل التي جسَّدها في الشاشةِ على مدى أعوامٍ طويلةٍ بأسلوبٍ لم يستطع أحدٌ منافسته فيه، تداخلت مع شخصيَّة «الدونجوان» التي سيطرت إلى أقصى حدٍّ على حياته الخاصَّة، إذ تزوَّج رشدي خمسَ مرَّاتٍ، الأولى من الفنَّانة تحية كاريوكا، ثم الأمريكية باربرا، والدة وحيدته قسمت، بعدها ارتبط بسامية جمال، فصباح، وأخيراً نبيلة أباظة. وهناك جانبٌ آخرُ في حياة رشدي، لا يعرفه الكثيرون عنه، فهو الأخُ الأكبرُ لثلاثِ بناتٍ وصبي، حيث تزوَّج والده اللواء سعيد أباظة من الإيطاليَّة تيريزا التي أنجبت له رشدي، ثم انفصل عنها، وتزوَّج من السيدة هانم، فأنجبت إخوته من والده «رجاء، وزينب، ومنيرة، وفكري». «سيدتي» زارت منزلَ الأختِ الصغرى لرشدي أباظة، السيدة منيرة أباظة، في منزلها بحي المعادي، فذكرت لنا أنها ما زالت تعيشُ مع ذكرياتِ أخيها الأكبر، كاشفةً عن أنها تعدُّه الأبَ الثاني لها، كما ألقت الضوءَ على جوانبَ مختلفةٍ من حياته.
تنسيق | كلودين كميد
حوار | هبة خورشيد
تصوير | حامد كامل
مكياج | ضحى سلامة
شعر | أحمد باتيخا
رشدي أباظة
لنبدأ بقصَّةِ زواجِ الأب، اللواء سعيد أباظة، من الإيطاليَّة تيريزا التي أنجبت له النجمَ رشدي أباظة، كيف كان التعارفُ بينهما؟
والدي سعيد أباظة، كان لواءً في الشرطة، وبحكمِ عمله، كان يتنقَّل بين المحافظات، ويقيمُ فيها. حكى لي أنه التقى والدة رشدي، تيريزا الإيطاليَّة، في أحدِ مطاعمِ القاهرة، إذ كانت ضمن الجاليةِ الإيطاليَّة التي تعيشُ في مصر، وأحبَّها، وتزوَّجها، وأنجبت له رشدي، لكنَّ جدتي لأبي، كانت لا تحبُّها، ولم تكن راضيةً منذ البدايةِ عن هذا الزواج، بل وكانت غاضبةً من أبي، لأنه لم يتزوَّج فتاةً من عائلته، واقترن بتيريزا دون معرفتها، وأخبرها بعد الزواج. أقامت تيريزا أثناء حملها برشدي مع أبي بالزقازيق في الشرقيَّة، موطنُ العائلةِ الأباظيَّة، بناءً على تعليماتِ جدتي حتى تحافظَ على الحفيدِ الأباظي الجديد، إذ كانت تخافُ من أن تسافرَ والدته إلى وطنها، وتأخذه معها. وُلِدَ رشدي في الزقازيق، وبعد أن أكملَ عامه الأوَّل، انفصلت والدته عن أبي، وعادت إلى القاهرة، وأدارت محلَّ الحلوى الذي تملكه، فقد كانت أوَّل مَن يفتحُ محلَّ حلوى في مصر.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
رشدي افتقد حنان الأم
وأين أقام رشدي بعد انفصالِ والديه؟
بعد انفصالِ والديه، أقام رشدي في الزقازيق مع جدته، وبعد زواجِ أبي من أمي، السيدة هانم، أقام معنا في بنها، وكانت أعمارنا تتراوحُ بين السابعةِ والتاسعة، وكان فكري في ذلك الوقتِ يبلغُ عامين. التحق رشدي بـ «مدارس سان مارك» الداخليَّة في الإسكندريَّة، وكان يقسِّمُ وقته ما بين قضاءِ الإجازاتِ الصيفيَّة معنا، والالتحاقِ بالمدرسةِ في الشتاء.
هل افتقدَ رشدي حنانَ الأمِّ في فترةِ طفولته بعد انفصالِ والديه؟
إلى حدٍّ كبيرٍ، كان يفتقدُ حنانَ الأمِّ، لأنها لم تعش معه فترةً طويلةً. كان يزورها أحياناً بمكانِ إقامتها في القاهرة، ثم يعودُ إلى المدرسةِ الداخليَّة. أثناء إقامته في طفولته مع جدته، كانت حياته مملوءةً بالصرامةِ، فشخصيتها قويَّةٌ، ولم تكن تُظهِرُ عواطفها على الرغمِ من حبِّها الشديد له. كان رشدي يداعبها أحياناً ببعض مقالبه الطفوليَّة، وكانت تغضبُ منه كثيراً، وتجري وراءه، لكنه لم يعش حنانَ الأمِّ الصديقةِ لأولادها إلا مع أمي، السيدة هانم، فقد كانت صديقةً لرشدي، وحنونةً عليه بشكلٍ كبيرٍ. كان يشعرُ بالاستقرارِ، والأمانِ، وجوِّ العائلة بمنزلنا فقط في بنها.
ما رأيك بالاطلاع على هذا اللقاء مع إيمان ذو الفقار ابنة مريم فخر الدين
"سامية جمال أكثر زوجةٍ احتوت وأحبَّت أخي رشدي، وكان يحبُّها كثيراً، ويقدِّرها ويحترمها"
علاقة رشدي أباظة بوالده
- رشدي أباظة مع زوجته الأولى الفنانة تحية كاريوكا في شهر العسل
- بوستر فيلم «الزوجة 13» من بطولة رشدي أباظة وشادية
- بوستر فيلم «في بيتنا رجل» من بطولة رشدي أباظة مع زبيده ثروت وعمر الشريف
- رشدي أباظة يسقي الزرع في منزله
كيف كانت علاقةُ رشدي بوالده؟
كان يخافُ من أبي، ويحترمه، فهو بحكمِ عمله رجلَ شرطةٍ، كان صارماً جداً، وفي الوقتِ نفسه حنوناً، وكان رشدي يحكي لأمي كلَّ أسراره. أتذكَّرُ مشهداً، لا أستطيعُ نسيانه أبداً عندما أخبر رشدي أبي بأنه سيعملُ في السينما، وقتها رفضَ أبي الأمرَ تماماً، وقال له: «ما عنديش حد أباظي يعمل في السينما». لكنَّ رشدي أصرَّ على موقفه، فقام أبي بطرده من المنزل. حاولت أمي إقناعَ أبي بأن رشدي حرٌّ في حياته العمليَّة، لكنَّه تمسَّك برفضه. هذا الأمرُ دفعَ برشدي إلى ترك المنزل، ودخل وأبي في قطيعةٍ، استمرَّت خمسة أعوامٍ. صدقاً، لا أستطيعُ نسيانَ هذا المشهد، فقد كنا أطفالاً حينما حدثَ أمامنا. يومها بكينا لأننا نحبُّ رشدي، ونعدُّه أباً ثانياً حنوناً علينا. خلال تلك الأعوامِ، حقَّق رشدي نجاحاتٍ كبيرةً في السينما، وأصبح نجماً معروفاً، تفتخرُ به العائلةُ الأباظيَّة، وعندما بلغت أختي الكبيرة رجاء 16 عاماً، تقدَّم لها شابٌّ، وتمَّ تحديدُ موعدِ الخطبة، وبدأ أبي يدعو أفرادَ العائلة، وهنا تدخَّل «عمي عزيز وعمي أحمد»، ليقنعا أبي بضرورةِ أن يقوم بدعوة رشدي أيضاً، مؤكِّدَين أن الوقت حان لتعودَ العلاقةُ بينهما مرَّةً أخرى، وحتى يتعرَّف العريسُ على الأخِ الأكبر.
وهل قام والدك بدعوة رشدي إلى حضور الخطبة؟
تحدَّث معنا أبي حول عودةِ العلاقةِ مع أخينا الأكبر رشدي، فأجبناه بأن زملاءنا في المدرسةِ، وأصدقاءنا، ينبهرون، ولا يصدِّقون عندما نخبرهم بأن رشدي أخونا، ويعدُّون ذلك مزاحاً، لأنهم لم يشاهدوه يزورنا، وكان ذلك يضايقنا كثيراً. والحمد لله، دعا أبي رشدي إلى حضورِ الخطبة، ما أسعدَ أخي كثيراً، ولا أنسى عندما دخلَ بسيارته الأنيقةِ شارعَ منزلنا في «العجوزة» كيف وقفَ كلُّ مَن يسيرُ في الشارعِ ليسلِّم عليه، ويتصوَّر معه، ونحن نراه من شرفةِ المنزل، ومعنا زميلاتنا وصديقاتنا، ونناديه «أنكل رشدي». وبمجرَّد دخوله المنزل، وقفنا صفاً لنسلِّم عليه، وبدأ أبي يعرِّفه على كلِّ واحدةٍ منا، لأن ملامحنا تغيَّرت فقد تركنا أطفالاً. كان سعيداً جداً، واحتضننا بحبٍّ وحنانٍ، وحملَ فكري على كتفيه.
وهل استمرَّت العلاقةُ بينكم بعد ذلك؟
بدأت العلاقةُ بيننا وبين رشدي تقوى، وكان يقضي معظمَ إجازاته من التصويرِ معنا، أو يدعونا إلى عزبته في «الهرم»، ويطهو لنا المشويَّات، والعدسَ الأباظي، وعندما كان يأتي لزيارتنا في منزلِ «العجوزة»، كان يطهو لنا المعكرونة الإيطاليَّة، لأننا كنا نحبُّها من يديه.
زواجه من سامية جمال
- نظاراتٌ شمسيَّةٌ لرشدي أباظة
- ساعة يد رشدي أباظة
- رشدي أباظة
- صورة البطاقة الشخصية لرشدي أباظة
- رشدي أباظة
كيف كانت علاقتكم بسامية جمال أثناء ارتباطِ رشدي بها، ولماذا استمرَّ الزواجُ 18 عاماً؟
كانت علاقتنا أكثر من رائعةٍ. كانت تحبُّ أبي، وهو أيضاً يحبُّها، وتحترمه، وتقدِّره. كانت أكثر زوجةٍ احتوت، وأحبَّت أخي رشدي، وهو أيضاً كان يحبُّها كثيراً، ويحترمها. أثناء جلوسهما معنا في إحدى الزيارات، كنا نرى سامية وهي تفهمُ على رشدي ماذا يريدُ من نظرةِ عينٍ حتى دون أن ينطقَ بكلمةٍ، وكانت تضعُ له فنجانَ القهوة أمامه، أو تُحضر له كوباً من الماء، أو من الشاي دون أن يطلبه. سامية كانت أماً، وزوجةً، وأختاً، وصديقةً لأخي رشدي، لذا استمرَّ زواجهما 18 عاماً.
كيف تمَّ التعارفُ بين رشدي وباربرا الأمريكية، والدة وحيدته قسمت؟
باربرا كانت تقيمُ في مصر، وكانت متزوِّجةً من بوب عزام، الذي يشتهرُ بأغنية «يا مصطفى يا مصطفى». قابلها رشدي في إحدى السهرات، وأحبَّها، وبادلته الشعور، فطلبت الطلاقَ من بوب، وتزوَّجت أخي، لكنها لم تتحمَّل حياةَ الفنِّ، وغيابَ رشدي عن المنزلِ لمدةٍ طويلةٍ، إلى جانبِ سهراته طوال الليل. لم تجد الحياةَ العائليَّة الطبيعيَّة التي تريدها، فانفصلا. باربرا أنجبت له ابنته الوحيدةَ قسمت التي انتقلت للإقامةِ مع والدةِ رشدي، كما أقامت مع سامية جمال في سنواتِ طفولتها حتى وصلت إلى سنِّ المراهقة «13 عاماً»، وفي يومٍ من الأيام، طلب رشدي من أبي أن تقيمَ قسمت معنا لخوفه الشديدِ عليها، وبالفعل سكنت معنا لمدة أسبوعَين في بنها، لكنها لم تتحمَّل حياتنا، لأنها كانت مختلفةً عن حياتها مع سامية وجدتها. كانت حياتنا مملوءةً بالنظام، وكان أبي صارماً جداً، لا يقبلُ أن تخرجَ قسمت، أو أن تتحدَّث في الهاتفِ في وقتٍ متأخرٍ، أو أن تذهبَ للسينما كما كانت معتادةً عليه في القاهرة، لذا عادت مرَّةً أخرى للإقامةِ مع سامية التي وفَّرت لها جواً من الهدوءِ للمذاكرة، وكانت تقومُ بتوصيلها إلى المدرسة، وكانت صديقةً لها، وحينما بلغت الـ 17 من عمرها، لم تستطع سامية السيطرةَ عليها، وفقدت القدرةَ على التعاملِ معها كما كانت تفعلُ في طفولتها ومراهقتها، فذهبت قسمت للإقامةِ مع جدتها لوالدتها، وأحياناً مع والدتها.
كيف كانت علاقتكِ برشدي؟
أنا أقربُ أخواته البناتِ إلى قلبه. كان يحكي لي كثيراً من أسراره الشخصيَّة، ويفصحُ عن حبِّه الشديد لسامية. اعترف لي بأنه يحبُّ المرأةَ الناضجةَ، الحكيمةَ التي تحتويه، وكلُّ هذه الصفات كانت موجودةً في سامية جمال.
كيف كانت علاقةُ رشدي بأخيه الأصغرِ وشقيقكِ الفنان الراحل فكري أباظة؟
كانت علاقةَ أبٍ بابنه. رشدي كان يحبُّ فكري كثيراً، ويخافُ عليه، وكان دائماً يمزحُ معه، ويقولُ له: «كان نفسي أكون أنا الأخ الأصغر مثلك وأخواتي البنات يدلعنني». رشدي كان يريدُ أن يعتمد فكري على نفسه، وألَّا يكون الأخَ المدلَّل، لذا تركه، ولم يساعده في أن يصبح ممثلاً، فاعتمدَ فكري على نفسه، والتحقَ بمعهدِ التمثيل. كذلك لم يساعده رشدي بعمله في السينما. أتذكَّرُ موقفاً إنسانياً، لا أنساه لرشدي مع فكري، ففي أحدِ الأيام، طلبَ شقيقي من رشدي أن يأخذَ سيارته، وأن يذهبَ بها إلى مكانٍ ما، وبعد ساعتَين، عاد، وكان خائفاً، وأخبرنا بأن أجزاءً من السيارة تهشَّمت نتيجةَ تعرُّضه لحادثٍ أثناء قيادتها، وهنا أخبرت أمي رشدي بالأمرِ أثناء جلوسه مع أبي، فاحتضن فكري، وقال له: «أنا يمكن أن أشتري سيارةً أخرى، لكنْ من الصعبِ أن أعوِّض أخي لو حدث له مكروهٌ».
ما رأيك بالاطلاع على هذا اللقاء مع جيهان عبدالمنعم أخت السندريلا