الحب والتقاليد
سيدتي أرجو أن تحظى رسالتي باهتمامك، أنا فتاة عربية أدرس في الجامعة وعلى وشك التخرج، نشأت بيني وبين أحد زملائي قصة حب واتفقنا على الزواج. المشكلة العادات والأعراف في قبيلته، فهو خاطب ولكن بشكل غير رسمي، فقد اتفق أهله وأهل فتاة في مثل عمري بأن تكون الفتاة محجوزة له. وحدث قبل أن يربط الحب بيننا أن جاءه والد الفتاة التي تدرس حاليا خارج الوطن، وقال له: إن هناك شخصا تقدم لخطبتها، فهل هو يريد الارتباط بها أم لا؟ ولأنه لم يكن مرتبطا بغيرها في ذلك الوقت أكد لوالدها أنه على العهد؛ وعلى هذا حجزت له الفتاة. المشكلة أننا نحب بعضنا البعض كثيرا، ونتمنى أن يتكلل الحب بالزواج. وقد فاتح أهله في موضوع التحرر من الوعد السابق، ولكنهم غضبوا غضبا شديدا ورفضوا مشروع ارتباطنا تماما. ولقد صارحني بذلك، وقررنا أن ننهي العلاقة التي بيننا. ولكننا لم نستطع الاستمرار في القطيعة. والآن لا ندري ما يمكننا أن نفعل. هل نتخلى عن الحلم؟ أم نواصل لعل أهله يقتنعون؟ ما هو الحل برأيك.
الحائرة ن.م
عزيزتي أدرك تماما أن الأعراف تمارس سطوة كبيرة على أبناء القبائل؛ ولكني أرى بارقة أمل قد تصيب وقد تخيب. فقد تحدث والد الفتاة مع الشاب مباشرة، وسأله إن كان راغبا في استمرار الاتفاق المبرم عائليا. ومعنى ذلك أنه كان يتوقع إجابة بنعم أو بلا، وبما أن الفتاة تدرس خارج الوطن فإن التحرر من الارتباط لن يسبب لها إحراجا ولا لأسرتها حيثُ إنها غير متواجدة.
ما أقترحه هو أن يتوجه الشاب إلى والد الفتاة مباشرة، حيثُ إن الحديث بينهما كان حديثا مباشرا، ولم يمض عليه سوي بضعة أشهر. اطلبي منه أن يتوجه إلى والد الفتاة مباشرة ويصارحه بما كان، حيثُ إنه كان صريحا معه من قبل وأن يعتذر له ويطلب منه السماح.
لن يسع والد الفتاة إلا قبول الأمر الواقع. ولكني أحذر من ردة فعل أهل الشاب، وأقترح أن تؤجلا مشروع ارتباطكما في الوقت الحالي إلى ما بعد التخرج، والحصول على وظائف تؤمن لكما نوعا من الثقة والاستقلال. وقد يكون فسخ خطبته إيذانا بارتباط الفتاة بخاطب آخر، مما ييسر على والديه قبول رغبته في الارتباط بك. أتمنى أن يتكلل الحب بالزواج إن كان في ارتباطكما خير لكما.
أين حضن أمي؟
سيدتي أتمنى أن أجد لديك حلا يريح قلبي المتعطش إلى حنان الوالدين. أنا فتاة عربية، ابنة وحيدة لها سبعة إخوة. أعيش حياة ملؤها الوحدة والجفاف العاطفي. لا أذكر أن أمي ضمتني إلى صدرها مرة واحدة. ولا أذكر أن أبي حياني بابتسامة يوما. أصبحت أهابه وأخجل منه إلى درجة لا يمكن تصورها. إذا مر من أمامي أتوارى منه ولا أتبادل معه أية أحاديث إلا للضرورة القصوى. الألم يعتصرني من معاملة أمي لي فهي دائمة الانتقاد ودائمة الشكوى مني مع أنني أحاول استرضاءها بكل ما أوتيت من قوة.
سأروي لك موقفا معها. كانت أمي مضطرة إلى الخروج في مساء أحد الأيام. وكانت تعد طعاما لعشاء الأسرة فطلبت مني مراقبة القدر على الموقد إلى أن ينضج الطعام. والحقيقة هي أنني فعلت ما أمرتني به ثم انتبهت أنني أريد أن أؤدي فرض صلاة العشاء. فذهبت للصلاة وحين عدت إلى المطبخ كان السائل في القدر جف واحترق ما في القاع. وحين عادت أمي اشتعل غضبها ودعت عليّ كثيرا خصوصا حين رفض والدي أن يتناول العشاء. حاولت الاعتذار فلم تقبل وها أنا أمضي أغلب الأوقات وحدي في غرفتي أبكي ولا أجد في نفسي رغبة في متابعة دروسي أو حتى في الحياة. أرى صديقاتي يخرجن مع أمهاتهن ويتواصلن معهن. فهل أنا بهذا السوء بحيث لا أستحق محبة أمي؟
الحزينة شيرين
عزيزتي لعلك تدركين أن البنت في الأسرة العربية تنسب دائما إلى أمها. فإن هي كانت متفوقة دراسيا وتتقن فنون الإدارة المنزلية قيل إن أمها أحسنت تربيتها. وإن شردت أو شذت عن قواعد السلوك القويم قيل إن أمها لم تحسن تربيتها.
وانظري معي إلى ما تتحمله أمك يوما بعد يوم. فهي مسؤولة عن إعداد طعام لعشرة أفراد يوميا. ومسؤولة عن إدارة البيت وتوفير احتياجات الزوج وسبعة أبناء وبنت هي أنت. في أحد الأيام طلبت منك مراقبة قدر طعام وهي مهمة ليست صعبة على الإطلاق. فإذا بك تتركين المهمة لأداء الصلاة. وبالطبع لا تلامين على تأدية فرض الصلاة ولكن كان يمكن تأجيل صلاة العشاء عشر دقائق ريثما تنتهين مما كلفت به. وإن لم تعترفي بأنك شاركت في إشعال غضبة أمك فلن تتحرري من إحساسك بالظلم والجفاف العاطفي.
حب الأم ابنتها غير قابل للتفاوض، ولكن لا يجب أن ننسى أن علاقة الأم بابنتها هي علاقة من طرفين وعلى كل طرف قدر من المسؤولية.
ما أنصحك به أن تعتبري هذا الموقف جزءا من الماضي، وأن تفتحي مع والدتك صفحة جديدة. بعد أن تهدأ الأمور اعتذري لها برفق واعترفي بأنك أخطأت، وعديها بأن مثل هذا الخطأ لن يتكرر. اطلبي رضاها وأطيعيها ما استطعت. وسرعان ما تنقشع الغيوم ويعود الصفاء بينكما. إن كنت راغبة في صحبتها اطلبيها في أوقات مناسبة. واطلبي نصيحتها في بعض أمورك الشخصية، واطلبي منها أن تعلمك شيئا تجيده. بهذا توصلين ما انقطع بينكما.
مدمنة دردشة
سيدتي أكتب لك وأنا شاعرة بالخجل والعجز، وأتمنى أن أجد لديك حلا، فأنا ياسيدتي رغم تجاوزي مرحلة المراهقة والاندفاع أصبحت مدمنة دردشة على الإنترنت. المصيبة أنني متزوجة وسعيدة مع زوجي، ولا أتصور أنه يشك بي مطلقا، ولو عرف مشكلتي ربما لن يصدق. كل يوم أقطع على نفسي عهدا بألا أعود للكمبيوتر، ولكني أجد نفسي مدفوعة مثلي كمن أدمن الكحول أو المخدر. وما أن أفرغ من الدردشة؛ حتى يمتلكني الندم والخوف من المستقبل والخوف من أن يفتضح أمري. أحيانا أتمنى أن أذهب إلى زوجي وأصارحه بما أفعل لعله يساعدني أو يسامحني. ولكني أخشى أن يعتبرني خائنة وغير جديرة بحبه ووفائه، وقد ينتهي الأمر بطلاقي خاصة وأننا لم نرزق بأولاد بعد. أرجوك لا تهملي رسالتي فقد عقدت الأمل على نصيحة منك.
الخائفة مريم
عزيزتي إن أقنعت نفسك بأنك مدمنة كمدمن الكحول والمخدر فتلك وسيلة للتهرب من تحمل مسؤولية الفعل. فأنت وأنا نعرف أن علاج الإدمان شاق وطويل، ويعتمد إلى حد ما لا على إرادة المدمن فقط، ولكن على تدخل طبي ونفسي من الخارج. لكن مشكلتك تختلف، وأعتقد أن عدوك الأكبر هو الفراغ والملل، وخلو أيامك من مهام محددة مستقلة عن الحياة الزوجية تشعرك بالمسؤولية والإنجاز والثقة. قلت إنك سعيدة مع زوجك، وهذا عنصر إيجابي للغاية. ما تبقى هو تنظيم حياتك اليومية بشكل يمتص فائض الطاقة عندك. لم تذكري في رسالتك إن كنت أكملت تعليمك أم لا، ولم تذكري شيئا عن حياتك قبل الزواج. هل كنت تعملين وظيفيا؟ ولكن تعاملك مع الكمبيوتر يقنعني بأنك تعلمت، وأنك قادرة على توظيف ما تعلمت بما يصلح حياتك.
يقال إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. ولذلك أنصحك بإعادة تنظيم حياتك بحيث تفرغين من مهام البيت في الصباح، وبعد الفراغ من تلك المسؤوليات حددي لكل يوم هدفا. لم أستشف من رسالتك ما يدخل السرور على نفسك، ولكني أخمن أن التواصل مع الآخرين هو جزء منها. وبما أن الدردشة لا تزيد على كونها ألاعيب خيالية يمارسها طرف على طرف، بحيث يصور كل طرف للطرف الآخر نفسه على أنه كائن مثالي متفهم ومستمع جيد ومستعد للتواصل بدون أن يرد على خاطره أن تلك هي حالة إنسانية من ابتكار خيال كتاب الرومانسية. وليس هذا انتقاصا من قيمة الكتابة الرومانسية وإنما هو تذكير بأن كل إنسان يحلم بالكمال والمثالية، ولكنه يظل يدرك أن الأحلام شيء والواقع شيء آخر. وحين تختلط الأمور عليه تبدأ المشاكل المعقدة.
قلت إنك سعيدة مع زوجك؛ فلم لا تجربين أن تفيضي عليه بجزء من فيض الرومانسية في خيالك؟
وإن لم تسعفك قدراتك على ذلك فاكتبي سلسلة من الرسائل الرومانسية في دفتر صغير واحتفظي بها. وحين تأتي مناسبة مثل الاحتفال بعيد زواجكما لفي الدفتر في ورق الهدايا، وقدميه له على أنه هدية منك استغرق إعدادها أسابيع كثيرة.
إن لم ترق لك تلك الأفكار فحددي لنفسك مهمة يومية، ولتكن زيارة صديقة أو شراء شيء لنفسك أو للبيت، أو السؤال عن شخص مريض أو محتاج. تعلم شيء جديد يشعرك بالتفوق أو تسجيل موسيقى أعجبتك وتودين أن يشاركك في الإنصات لها شخص عزيز. هذه المهام تعود إليك أنت وإلى تركيبتك الشخصية ولكنها وسيلة مجربة لمحاربة الفراغ والملل.
لا تفكري في البوح لزوجك بما حدث معك؛ لأن البوح قد يدمر الثقة بينكما. اكتفي بمحاربة الملل وذكري نفسك يوميا بأنك إنسان حر له إرادة. وذكري نفسك بأن كيد الشيطان ضعيف.
أنتِ على مفترق طرق. وظفي عقلك ومشاعرك؛ لتهديك إلى الاتجاه الصحيح. أتمنى لك التوفيق، وأذكرك بأن التوفيق من الله فتوجهي له بالدعاء، وأذكرك أيضا بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.