امرأة طموح

أحزان أب

 

سيدتي أنا أب لابنة في الثلاثين، ابنتي تزوجت حسب مشورتي برجل تقدم والده لخطبة ابنتي لابنه، وشعرت بأنه رجل جاد وعلى خلق، سعدت به كثيرًا، وحين التقيت ابنه وجدته مهذبًا محترمًا يصلي الفروض، ووجدته هادئ الطبع، غير أن هدوءه الشديد أثارني، فطلبت مقابلته مرة أخرى لكي أسمعه وهو يتكلم وأعرف تفكيره، وبالفعل تم اللقاء ولم أجد به عيبًا، وشجعني هذا الانطباع على تشجيع ابنتي على الموافقة.

في الوقت الحالي ابنتي تركت بيتها وهي غاضبة، وجاءت عندي لأن زوجها صامت، يفضل الجلوس بمفرده ولا يشاركها حياتها، وقد سبق وأن طلبت ابنتي تدخلي لحل مشكلة بينهما ففعلت، وشعرت وقتها بأن زوج ابنتي يعاني من حالة نفسية معينة، مما أغضبني من والده الذي لم يصارحني، بل عجَّل بترتيبات الزواج حتى لا نكتشف وضع ابنه.

أنا الآن في حيرة لأن ابنتي تريد أن تعود إلى بيتها، وأنا أمنعها من باب الحرص على كرامتها إلى أن يأتي زوجها ليعتذر ويطلب رجوعها، لكنني أشعر بأنه لن يأتي تجنبًا للمشاكل.. فماذا أفعل؟

 

والد دانيا

 

 

 

سيدي الفاضل من بين السطور فهمت أن ابنتك عادت إلى بيتك غاضبة، ولكنها الآن بعد أن هدأ غضبها تريد أن تعود إلى بيت الزوجية، ألا يدلك هذا على أن في زواجها عنصرًا إيجابيًا؟

أقدر إحساسك بالمسؤولية لأنك زوجتها برجل  يفضل العزلة والصمت، وهي لا تشعر بالارتياح لصمته.

ولكنني لم أجد في رسالتك ما يدل على أنه يهينها أو يعتدي عليها أو يُقصر في الإنفاق أو في الحقوق الشرعية، فكيف يمكن أن يُهدم بيت الزوجية؛ لأن الزوج لا يمتلك المواصفات التي تعشش في ذهن زوجته؟ ابنتك خرجت من بيتها ولم يطردها زوجها، ولذلك فإن إصرارك على إبقائها عندك حرصًا على كرامتها -كما قلت- هو في الحقيقة إجراء في غير موضعه، فالزوج لم ينتقص من كرامتها، وفي الحقيقة حين تترك الزوجة بيت الزوجية فتلك هي الإهانة التي يتحملها الزوج. رأيي هو أن تصل إلى صيغة لتصفية الموضوع، ويمكن لابنتك أن تتصل بزوجها وتطلب منه أن يأتي لاصطحابها لأنها اشتاقت إلى البيت وإلى صحبته، وبذلك يصل إليه الإحساس بأنه غير منبوذ.

إذا كان زوج ابنتك يعاني من حالة نفسية، فمن المؤكد أن الحالة لها أسباب، وربما تكون رغبته في الانفراد بنفسه هي وسيلة لتحليل تلك الأسباب والتعامل معها، في أحيان كثيرة تؤدي السكينة وحنان الزوجة واستقرار الحياة إلى إحساس الرجل بالأمان الكافي لتتراجع الأعراض، وأعتقد أن الزوجة المحبة هي مرآة إذا نظر فيها الزوج شاهد وجهه الحسن، ويجب أن تكون الزوجة سترًا لزوجها.

يجب ألا يشجع الأهل ابنتهم على ترك بيت الزوجية إلا للضرورة القصوى، وإلا لما عمرت البيوت واستقرت الحياة الأسرية.

 

 

امرأة طموح

 

سيدتي اسمحي لي أن أطرح مشكلتي لعلي أجد حلًا، أنا أستاذة جامعية وأم لطفلين، حصلت على بعثة دراسية لنيل الدكتوراه في جامعة أوروبية، ولكن زوجي رفض أن أقبل البعثة، ورفض اقتراحي بأن أسافر وآخذ معي أولادي حتى أخفف عليه المسؤولية، حاولت أن أناقشه بهدوء، ولكنه رافض لأي نقاش في هذا الموضوع، خاصة أن ظروف عمله لا تسمح بأن يسافر معي.

لقد هددني بأنني لو قبلت البعثة سوف تنتهي حياتنا معًا، وسوف يطالب بحضانة الأولاد، وزاد على ذلك أن اتهم عملي بأنه تسبب في كثير من المشاكل، وفي النهاية خيرني بين زواجنا واستمراري في العمل.

أنا حائرة لأني لا أريد أن أهدم حياتي معه، ولا أريد أن أترك أولادي مع أبيهم، ولكني إنسانة طموحة وأريد مواصلة الدراسة، وللعلم فقط فإن حصولي على الدكتوراه سوف يعم بالفائدة علينا كأسرة؛ من الناحية المادية والاجتماعية.

ساعديني لاتخاذ القرار لأنني في حالة سيئة من الحيرة والاكتئاب.

حائرة القرار

 

 

 

سيدتي الطموح ليس عيبًا، ولكن الحياة مواقف واختيارات، ولقد مَنَّ الله عليك بالزوج والولد وهذه نعم كبرى، حاولي أن تفهمي أسباب رفض زوجك لسفرك؛ لا من منطلق التعسف والسيطرة، ولكن من منطلق إنساني بحت، سفرك يعني أن يحرم الزوج من أنس الزوجية ودفء البيت وصحبة أولاده، ومن طعام في بيته، ورفقة زوجته لمدة أربع سنوات أو خمس، والهدف هو حصولك على مؤهل أعلى من العالي؛ لأنك في الواقع تحملين مؤهلًا عاليًا .. فهل هذا عدل؟ لو أخذت أولادك معك فسوف تعرضين نفسك لأعباء نفسية كبيرة؛ لأن اهتمامك بالدراسة سيشعرك بأنك مقصرة نحو أولاد أبعدتهم عن أبيهم، واقتلعتهم من البيئة المنزلية؛ لكي تتركي رعايتهم أثناء انشغالك بالدرس لشخص غريب، وإلى جانب ذلك ستشعرين بأنك واقعة تحت ضغط كبير للانتهاء من الدراسة والحصول على المؤهل في أقصر مدة ممكنة حرصًا على مشاعر زوجك، وأخيرا وليس أخرا فإن حرمانك من زوجك سوف يُثقل عليك بالقدر نفسه، كما يثقل عليه أيضا حرمانه منك.

لو كنت ابنتي لقلت لك أجلي البعثة، الطموح يمكن أن يتحقق فيما بعد؛ لأن الوقت الحالي هو وقت التفرغ للزوج والأولاد، وأذكرك بأن اختيارات الفرد تساهم في تحديد مصيره، فكري في التسجيل للدكتوراه في جامعة محلية لها علاقات مع جامعة في الخارج، وابحثي عن جامعة تقبل أن تُجرَى الأبحاث في وطنك، ثم تسافرين مرة أو مرتين كل عام للقاء الأساتذة، ومناقشة سير العمل، ابحثي عن حل وسط، ولكن لا تفكري في هدم حياتك؛ لأن بيتك وأسرتك هم استثمارك الإنساني الحقيقي.

 

 

في مهب الريح


سيدتي أنا سيدة عربية مقيمة في أستراليا، أشعر بحزن وعزلة تكاد تذهب بعقلي، لقد هاجرت إلى أستراليا مع زوجي وتركت أهلي من أجله وأنجبنا طفلًا واحدًا، ثم نشأت بيننا مشاكل كما يحدث في كافة الزيجات، وللأسف تصرف زوجي بشكل غير مسئول، حيث إنه خرج ولم يعد، وتركني لأصارع الدنيا مع الطفل، بلا عمل ولا دخل ولا حتى فرصة في الرجوع إلى وطني، مرت بي أيام حالكة السواد، واستطعت بمساعدة بعض المعارف أن أحصل على راتب من الضمان الاجتماعي وبيت للسُكنى، واستقرت حياتي نسبيًا إلى أن تعرفت على شاب عربي، شعرت بأنه يهتم بأمري ويعطف على ولدي؛ فشعرت نحوه بالأمان، وتدريجيًا توطدت الصلة بيننا، وظننت أن الدنيا ابتسمت لي. وكثيرًا ما تكلمنا عن الزواج، وعن ضرورة أن أرفع دعوى للمحاكم لكي أحصل على الطلاق، وبعد مضي ست سنوات على بداية العلاقة بدأت أضغط عليه لكي نُكمل المشوار ونتزوج، ففوجئت بأنه يؤجل ويتهرب، وأخيرًا صارحني بأنه لا يمكنه أن يصارح أهله في الوطن بعلاقتنا نظرًا إلى أنه لم يسبق له الزواج، خصوصًا أنني أكبره في العمر قليلًا، بكيت وشعرت بأن الدنيا أضيق من ثقب الإبرة، ولكنه طمأنني بأنه سوف يعود إلى وطنه في عطلة لكي يتفاهم مع أهله ثم يعود ونتزوج.

وبالفعل سافر وطال سفره من دون أن يتصل بي ثم غامرت أنا بالاتصال عدة مرات لأجد جواله مغلقًا، وفي إحدى المرات استخدمت جوالًا غير جوالي فرد عليَّ، وأخبرني بأنه تزوج، مادت الأرض تحت قدمي، وفقدت السيطرة تمامًا، مرضت عدة أسابيع، وشعرت بأن حياتي انتهت قبل أن تبدأ، لا أدري كيف يمكنني مواصلة الحياة بعد أن تعرضت لخيانة الرجل مرتين.

هل تبقَّى لي أمل؟

اليائسة: ص


عزيزتي يجب ألا يقنط الإنسان من رحمة ربه، وإذا نظر إلى تاريخه نظرة محايدة لأدرك أن أمامه خيارات، وعليه أن يتحمل نتيجة اختياره، حين خرج زوجك من حياتك بهذه الصورة المشينة كان عليك الاستعانة بأهلك وأهله؛ لكي تخرجي من تلك الورطة الاجتماعية، إما بالرجوع إلى وطنك وتربية ابنك وسط أهله، وإما بطلب الطلاق رسميًا من الحكومة وبدء حياة جديدة ملؤها العمل والإنجاز والاستقرار، ولكنك فضلت أن تستمر الحياة على ما كانت عليه، واكتفيت بمدفوعات الضمان الاجتماعي رغم ما في ذلك من عزلة وتواكل واحتياج نسبي وافتقار إلى الإحساس بالذات. عشت على هامش مجتمع الهجرة، واستمر التواكل حين ألقيت بنفسك إلى علاقة غير واضحة المعالم، وضعت نفسك تحت رحمة الشاب المذكور والظروف المحيطة بكما، وهنا مكمن الخطأ، لقد قبلت بلا شيء وحين أعطاك لا شيء رميته بالخيانة، وهذا يجانب الصواب.

 نصيحتي لك هي أن تخلعي ثوب الضحية، وأن تعترفي بأنك أخطأت بحق نفسك وحق ولدك، ابدئي من جديد، وألغي من حساباتك الرغبة في توجيه اللوم والعتاب للشاب الذي ذكرت، لقد اختار طريقه، فاختاري طريقك أيضًا، تعلمي شيئًا وابحثي عن عمل حتى يكبر ولدك وهو موفور الكرامة، وإن كنت كارهة لحياتك في أستراليا حاولي الرجوع إلى وطنك بحثًا عن مستقبل أفضل.

 

ردود

 

عبد المولى الطحاوي- مصر

ليس على المريض حرج.. اصبر عليها يثبك الله.

 

نور الصباح – الكويت

كل الظروف التي ذكرت لم تقنعني بأن مؤامرة تحاك كما تشعرين.. اهتمي بصحتك أولًا بدلًا من التركيز على جمع الأدلة