بين ثقافتين

زمن الأمنيات

 

سيدتي أرجو التكرم بالاطلاع على مشكلتي التي تقض مضجعي وتجعل الدنيا أشبه بسجن مظلم لا مخرج منه.. أنا سيدة عربية متزوجة منذ ثلاث سنوات وأم لطفل واحد.. من دواعي الأسف أنني بعد ولادة الطفل وانشغالي به تأثر أدائي في العمل، وأصبحت في وضع لا أحسد عليه، حيثُ إنني أعمل في السلك الجامعي، وهو المجال الذي يعمل به زوجي أيضًا.. فقد كنا زميلين، منذ زواجي وأنا أقدم تنازلات لكي تسير بنا الحياة بلا عثرات، ومنها أنني رفضت قبول منحة تفوق تؤهلني للسفر إلى الخارج للحصول على الدكتوراه.. ولم أندم إلا مؤخرًا حين حصل زوجي على بعثة دراسية للسفر ثلاث سنوات، بعد رفضي للمنحة أصبحت مطالبة بتقديم أبحاث للجامعة حتى لا تتأخر فرصي في الترقي، ومعنى ذلك أنني لا أستطيع طلب إجازة لمرافقة زوجي.. ما يقهرني هو أن زوجي يظهر سعادة كبيرة وهو يستعد للسفر وحده، تاركًا لي مهمة رعاية الطفل وحدي ثلاث سنوات كاملة، حيثُ إنني لا أستطيع مرافقته بسبب ظروف عملي.. لا أشعر بأمان، وأرى المستقبل قاتمًا وأظل وحدي سجينة خوفي وهواجسي، ولا أرى حلاً لمشكلتي مطلقًا.. أرجو أن أجد لديك نصيحة.

 

المعذبة أماني

 

 

عزيزتي لا شيء يأتي في الحياة بدون ثمن.. وعليكِ أن تتذكري أن الله ليس بظلام للعبيد.. الإنسان هو الذي يظلم نفسه إذا أصر على طلب كل شيء، وتصور أن عدم الحصول على مبتغاه يضعه في خانة المظلومين.

لقد مَنّ الله عليكِ بكثير من النعم، وليس أقلها العلم والوظيفة والمكانة الاجتماعية والزوج والولد.. وبما أنكِ امرأة عاملة وتجدين اكتفاء ومتعة في العمل لا يمكنني أن أنكر عليكِ الرغبة في الحفاظ على عملكِ.. ولكن ولادة طفل ليس مكملاً لوجاهة اجتماعية، وإنما هي مسؤولية يقابلها الكثير من الإشباع النفسي للأم والأب أيضًا.. ودعيني أغبطكِ على قرار رفض المنحة التي حصلتِ عليها في غير الوقت المناسب لحياتكِ وزواجكِ، لأن الإنسان العاقل يختار لنفسه الأفضل.. وكان الأجدر بكِ في ذلك الحين أن تطلبي إجازة غير مدفوعة الأجر من العمل إلى حين يشتد عود طفلكِ ويمكنكِ العثور على حضانة مضمونة لرعايته حين تعودين إلى عملكِ.. ولكن قبولكِ لحمل مضاعف أثّر على نفسيتكِ وعلى أدائكِ وعلى رؤيتكِ لحياتكِ الزوجية.. طموح المرأة لا يحسب عليها، ولكن إدارة حياتها تحسب عليها، بحيث يتوجب عليها التفكير المتأني في صيغة تؤمن لها أفضل الحلول.. أمومتكِ سوف تمنحكِ أضعافًا مضاعفة من الإشباع النفسي الإنساني من أي منصب يؤهلكِ له العمل.. وليس هذا انتقاصًا من قيمة العمل الذي يعده الدين جزءًا من العبادة.. وإنما هو إشارة إلى أهمية التنظيم واختيار التوقيت السليم لكي تعطي المرأة كل جانب من حياتها حقه.

نصيحتي لكِ في الوقت الحالي هو ألا تفسدي علاقتك مع زوجكِ.. أشعريه بأنكِ غير متضررة من سفره وأنكِ سوف تشتاقين إليه، وإلى الدور الذي يلعبه في حياتكِ، وأنكِ سعيدة بسفره إلى أن تستقر به الأمور، ثم تلحقين به في زيارة أنتِ والطفل حتى لا يُحرم من أبوته.. لا تتصوري أن سفره وحده سوف يكون رحلة متعة.. فهو لا يعرف من الاغتراب شيئًا في الوقت الحالي، ولا يعلم كم سيعاني من حرمان إذا ابتعد عن أنس الزوجية والأبوة.

الفرق بين المتفائل والمتشائم هو زاوية رؤية.. لو غيرت زاوية الرؤية لأدركتِ أنكِ في أمس الاحتياج لفترة تنفردين بها بنفسكِ وتتخففين من أعباء خدمة البيت والزوج، وربما تلتمسين بعض الدعم من أسرتكِ بحيث تخف أعباؤك وتستطيعين استكمال بعض الأبحاث المطلوبة بدون ضغط عصبي خلال الأشهر الستة الأولى من سفر زوجكِ.. بعدها تنظرين حولكِ وتقررين الخطوة الأولى من إعادة بناء الجسور التي تدعم مستقبل الزواج.

اعتبري هذه الأزمة امتحانًا تخرجين منه ناجحة وأكثر صلابة.. زوجكِ وابنكِ هما أهم جانب من استثماركِ الإنساني فلا تهدريه.. وعملكِ له مكانة في سلم الأولويات، فاختاري الطريق الآمن لحماية كافة استثماراتكِ، والأهم هو تقوية إيمانكِ بعدالة الله واليقين بأن الله يهبنا ما تستقيم به الحياة لا ما نتمناه لأنفسنا، فنحن أحيانًا نتمنى ما لا يسعدنا.

 

 

بين ثقافتين

 

سيدتي انا فتاة عربية ادرس خارج الوطن  وكان قرار السفر للدراسة طموحا تحقق بعد صراع طويل للحصول علي موافقة الاهل. والحمد لله لم يتبق علي تخرجي سوي عام واحد اعود بعده الي وطني. قبل سفري تقدم لخطبتي شاب تعرفت عليه مصادفة عبر الانترنت وشاءت الصدفة ان يكون زميلا لاخي في العمل. بعد تعارفنا اصر علي مقابلتي ورفضت وحين اكتشفت انه يعلم بموضوع سفري للخارج ويعلم بتفاصيل اخري عني وعن اسرتي دهشت  واصبحت اتهرب منه الي ان جاءتني امي ذات يوم واخبرتني ان زميلا لاخي في العمل يريد ان يقترن بي. وهنا صارحني بأنه زميل اخي وبأنه جاد في طلب الاقتران بي ولكنه لا يستطيع الانتظار عامين الي حين رجوعي من الدراسة. اخبرته عندها بأنني مصرة علي اكمال الدراسة ولا يمكنني التنازل عن طموحي.

وبالفعل تقدم لخطبتي ووافقت شرط ان ينتظرني. وسافرت معي امي في الفترة الاولي من الدراسة واستمر خاطبي في مراسلتي. ولكن حين علم ان امي عادت وتركتني في مقر الدراسة غضب وقال انه لا يتحمل فكرة ان اعيش وحدي في الخارج وانه قد يغير رأيه في موضوع الخطبة. ادهشني موقفه لأن الاتفاق المبدئي بين الاسرتين تم علي اساس ان ترافقني امي لفترة .

لقد مر عام كامل وتأكد من انني فتاة جادة ونزيهة. ثم طرأت مشكلة اخري تتعلق بالفيس بوك. فقد طلبت منه اضافتي علي صفحته في الفيس بوك فرفض بحجة انه لا يستسيغ ان يطلع كل اصدقائه علي صوري في الفيس بوك. وحبن ناقشته بأن اصدقاء الفيس بوك يتعاملون باحترام لم يعجبه منطقي واصر علي ان الغي اشتراكي في الفيس بوك والا يكون لي اصدقاء من الجنس الاخر  حتي زملاء الجامعة. وحين رفضت طلبه اعتبر انني افضل اصدقائي وزملائي عليه . بدأت اشعر انه يتعامل معي بتشدد كبير ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة حتي في اختياري لفستان الزفاف.  ارسلت له صورة الفستان الذي اعجبني فقال انه غير موافق لأن الفستان يكشف عن الاكتاف وان بنات العائلات لا يتخلين عن الحشمة حتي يوم الزفاف.

اعيش حاليا في دوامة لأنني ضقت بتهديده المستمر واشعر بأن الثقة مفقودة . احيانا اشعر بأنني احبه واتمناه زوجا وفي احيان اخري اكره طلباته الكثيرة واشعر انني لا يمكن ان اتمتع باستقرار معه. ما هو القرار السليم؟

 

 

 

عزيزتي في الزواج كما في اية علاقة انسانية بين طرفين اشياء قابلة للتفاوض واخري لا يمكن المقايضة عليها. احد هذه الاشياء هو حق الزوج في رسم الحدود في علاقته مع زوجته. الزوج له القوامة والقوامة لا تعني التشدد والتعنت ولكنها تعني الاتفاق علي مبدأ تستقر به الحياة الاسرية. المشكلة كما تراءت لي هي ان خاطبك يكيل بمكيالين. فها هو يتبني ثقافة الفيس بوك ولكنه ينكر عليك المشاركة فيها. وهنا مربط الفرس فاما نقبل بثقافة شبابية للجميع وهي ثقافة تأتي الينا من الخارج واما نرفضها رفضا كاملا .

قد يكون الجزء الاكبر من مشكلتك معه هو ان نضجه الفكري والاجتماعي لم يكتمل. والدليل علي ذلك قبوله بسفرك لاكمال التعليم ثم رفضه لفكرة وجودك في مقر الدراسة بدون والدتك وكأنه لا يعلم ان الام لا يمكن ان تحرسك او تراقبك في جميع الاوقات وفي جميع المواقف وان استقلالك وقدرتك علي تصريف امورك لا  تعيبك.

كل خلافاته معك تدل علي انه يتوقع منك طاعة بعد الزواج وهذا حق مشروع للزوج بالتفاهم لا بالقهر. لأنك لو تظاهرت بالموافقة علي طلباته تمسكا به لن تختفي المشاكل بعد الزواج. ما انصحك به هو عدم التسرع في فسخ الخطبة او في اتمام الزواج. انتظري حتي تكملي مهمتك الدراسية. بعد رجوعك الي الوطن عليك بحسم الامر معه والتفاهم علي ما هو مقبول وما هو مرفوض علما بأن حق الزوج علي زوجته هو ان توفر له ما يشعره بالامان والثقة.