سيدتي
ترددت كثيرًا في الكتابة، ولكن حالة اليأس التي تعتريني حملتني على طلب المشورة،
أنا زوجة وأم عاملة، في الخامسة والثلاثين، زوجي في الخامسة والأربعين، تزوجت وأنا في السابعة عشرة، وأنجبت وأنا في الثامنة عشرة، بعد زواجي أكملت الدراسة الجامعية، وأنجبت الطفلين الثاني والثالث أثناء الدراسة، كان زوجي محبًا لي، وداعمًا لي في الدراسة، ولا أنكر أنه أب صالح، وإن كانت الظروف المادية صعبة، ولكني لم أشكُ، ودائمًا أُعبّر عن الرضا بالقسمة.
تخرجت في الجامعة، وحصلت علي عمل، وتدرجت في عملي إلى أن وصلت لمنصب جيد، واكتسبت احترامًا في مجال عملي.
بعد تخرجي مباشرة توفي والدي، وأصبح من واجبي رعاية أسرتي ماديًا، وعادت أمي وإخوتي للوطن، وبقيت أنا وزوجي وأولادنا.
بعد وفاة والدي، أصبحت العلاقة مع زوجي متوترة، وأصبح يهينني في كل فرصة، ويشتمني أمام الأولاد، وكانت حجته دائمًا أنني مقصرة في حقه، وفي حق أولادي، حاولت أن أتغير وأن أقضي أوقاتًا أطول مع الأولاد، ولكنه لم يكف عن شتمي، وإهانتي، نختلف على ميزانية البيت علمًا بأنني لا أرى نقصًا في أي شيء، وبأنني أشاركه في المصاريف.
اضطررت لطلب المعونة من أهله، لأول مرة، بعد 14 عامًا من الزواج، وحاولوا أن يصلحوا بيننا، وعقدنا صلحًا على أساس أن أطاوعه في كل شيء، وأنتبه إلى البيت والأولاد، وأقلل الاهتمام بالعمل، لأن اهتمامي يضايقه، فكرت في الطلاق، ولكن أولادي هم نقطة ضعفي، وذلك لأن زوجي من جنسية أخرى غير جنسيتي، ونحن نقيم في بلده، فكرت في الانفصال داخل المنزل، ولكني لا أعرف إن كان انفصالنا بهذا الشكل فكرة جيدة أم لا.
زوجي يحترم أمي ويحبها، ولا يريدني أن أخبرها بما يحدث بيننا، خوفًا على صحتها، وخوفًا من غضبها عليه، أحيانًا أنام باكية، وأتمنى أن يكون أبي حيًا، لو ظل أبي على قيد الحياة، لما كان هذا هو حالي، هل سبب مشاكلي أنني تزوجت وأنا صغيرة على الزواج؟ هل أحبني زوجي فعلاً؟ هل أحببته أنا؟ أنا لا أستحق هذه المعاملة حتى لو كنت مقصرة في حقوقه، هل يجب أن أتحمل الإهانة من أجل أولادي؟
الأم الحائرة
عزيزتي
قرأت ما بين سطور رسالتك، واتضح لي أن سبب مشكلتك هو أنك واقعة تحت انطباعات مغلوطة، فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية، وبتغير الظروف والأحوال.
ذكرت أنك تزوجت زواجًا مبكرًا وأنجبت أيضًا وأنت صغيرة، ولكني أفترض أن الزواج تم برضاك في حياة والدك، ولم يجبرك أحد عليه، ذكرت أيضًا أن زوجك كان محبًا لك، وداعمًا في مسألة إكمال التعليم، ثم ذكرت أن علاقتك به توترت بعد وفاة والدك مباشرة، وكأنك تربطين بين غياب الوالد وتغيّر أخلاق زوجك، ومعاملته معك، ولكن الحقيقة هي أن والدك توفي بعد تخرجك، وبعد حصولك على وظيفة، أي أن المتغير الحقيقي الذي أثر على علاقتك بزوجك، هو العمل الوظيفي، الذي تبدّل معه الدور الذي قمت به قبل خروجك إلى العمل، وبعد استلامك للعمل، تراجع اهتمامك بشؤون الأسرة، وهذا هو مربط الفرس، فلا وفاة والدك جعلتك ضحية، ولا خرج الزوج المفتري من قمقم أبقاه فيه والدك إلى أن أتاه الأجل، ولا أتوقع أن زوجك يغار من نجاحك في العمل.
المسألة هي أنه رجل ضحى براحته، وراحة أطفاله، وبصحبتك كزوجة لسنوات طوال، لكي تحققي طموحك، وتكملي تعليمك، فلا يجوز إذن أن تديري له ظهرك كزوجة، لأنك تعتبرين أن وضعك الوظيفي المحترم، وقدرتك على الكسب تبيحان لك أن تقصري في حقه، وحق أولاده، أنت زوجته، ولست زميلة في السكن بالأجرة.
زوجك صاحب فضل عليك، وتلميحك بأنه يضيق بمساعدتك لأسرتك في غير محله، فهو باعترافك يحترم أمك، ويخاف على صحتها، وعلى شعورها، فكرة الانفصال عنه داخل البيت، فكرة حمقاء، وكأنك تعاقبينه، وإن فعلت، فلن يلومه أحد على هجر زوجة تعتمد مثل هذا النشوز أسلوبًا في التعامل، أنا لا أقول إن إهاناته لك مغفورة، ولكني أقول إن بإمكانك أن تتحاشي الصدام معه، فأنت -باعترافك- تجادلينه ولا تطاوعينه، والدليل على ذلك أن اتفاق المصالحة مع أهله، قام على أساس ألا تنافسيه السيادة، واتخاذ القرار، الرجل يجب أن يشعر بأنه قائد في بيته مع زوجته وأولاده، فهذا حق شرعه الله؛ لكي تسير دفة الأمور في البيوت بعيدًا عن العواصف الخطرة.
تفكيرك في الطلاق تفكير قصير النظر، فأولادك بحاجة إلى والد ووالدة، مهما كانت الأم قادرة على الكسب، ما أنصحك به هو ألا تضيعي استثمار السنين من أجل وظيفة، أنصحك أن تجربي نوعًا آخر من التواصل، اقترحي أن تطلبي إجازة بدون مرتب لمدة عام؛ لكي يسترد هو الإحساس بأنه مسؤول عنك، وعن الأولاد، ولكي يدرك أنك لا تفضلين الوظيفة على دورك في حياته كزوجة، تفرغي عامًا لرعاية أسرتك، لأنك قد تجدين في ذلك ارتياحًا، ومتعة، وأعتقد أن أولادك في مرحلة المراهقة التي تتطلب وجود الأم الذكية بالقرب منهم، الفلوس ليست أهم اعتبار في الحياة، وإن قبلت بنصيحتي فسوف تتعلمين استخدام أداة جديدة من أدوات الاستمرار، والبقاء، وهي التكيف مع الظروف مهما تبدلت، أعيدي حساباتك، وفكري في حياتك ككل.
حبيب بدوي
سيدتي
أنا فتاة جزائرية في الخامسة والعشرين، أحب شابًا في الخامسة والثلاثين، منذ خمس سنوات، المشكلة أن أهله يرفضون أن أكون زوجة له، لأنهم يعيشون في البادية، ويعتبرون أن بنات المدن سيئات، وحبيبي لا يريد أن يخسر رضا أمه التي تريد أن تزوجه بأسلوبها، أسرته تعتقد أن البنت التي ترتبط بعلاقة مع شاب قبل الزواج، فتاة غير صالحة، المشكلة هي أن جميع معارفي، وأقاربي يعرفون بعلاقتي معه، وأنا لا أستطيع الاستغناء عنه، وهو لا يستطيع الاستغناء عني، فهل من حل؟
المخلصة جميلة
عزيزتي
بشكل عام، لو تزوجت رجلاً دون رضا أهله، فسوف تقذفين به إلى حالة صراع نفسي طويل، لأن الرجل يمكن أن يبدل زوجة بزوجة، ولكنه لا يمكن أن يبدل أهله، والدليل على ذلك أنه رغم بلوغه الخامسة والثلاثين، لم يصل بعد إلى مرحلة اتخاذ القرار الحاسم، فيما يتعلق بارتباطه بكِ، ولو ضرب بكلامهم عُرض الحائط، وحاول الحفاظ على صلته بهم تحت أي ظروف، فلابد أن يستمر كيدهم لكِ، حتى تنفصم عرى الزوجية بينكما، لا يمكن أن يصبح الرجل حكمًا بين أهله وزوجته، دون أن يصيبه الصراع النفسي، والملل، والرغبة في الهرب، الحب وحده ليس كافيًا، لبناء زواج ناجح، الفرصة الوحيدة لنجاح مثل هذا الزواج هو الانتقال للحياة في بلد آخر، بعيدًا عن غضب الأسرة، لو نصحتك بانتظاره، قد تنتظرين طويلاً، وإن نصحتك بقبوله زوجًا رغم اعتراض أسرته عليك ستكونين هدفًا لكثير من السلبيات.
سيف لولوة
سيدتي
أنا طالبة جامعية سعودية، في الحادية والعشرين، أثناء الدراسة الثانوية كنت لا أذاكر إلا قبل الامتحانات، نظرًا لسهولة المواد، وكنت مرتاحة لأنني أنجح دون مشاكل، الآن وأنا في الجامعة مازلت أسير على نفس المنوال، ولكن نظرًا لصعوبة التخصص، فلم أعد أحقق المعدل المبتغى، لقد درست حتى الآن خمسة فصول دراسية، ولكن وبسبب عزوفي عن الدراسة، لم أحقق الكثير، لا يمر فصل دراسي دون أن أطالب بالإعادة، ومن خلال تفاعلي مع زميلاتي، أدركت أنني الوحيدة التي تعاني من تلك المشكلة، ومعني ذلك أن كل الزميلات يذاكرن إلا أنا، علمًا بأن لدي الوقت، والفراغ، أحاول يوميًا أن أذاكر وأغلق باب غرفتي، ولكني أعجز عن التركيز فيما أقرأ، المصيبة هي أن أهلي يعتبرونني مجدّة، وأحيانًا تدخل عليَّ أمي غرفتي بالليل لتقول كفاية مذاكرة ارحمي صحتك، والمفارقة هي أنني لم أكن قد استوعبت ولا كلمة مما قرأت.
المشكلة هي أنني لا أعرف سبيلاً إلى تغيير أحوالي، ما يحزنني هو أن غيري يتمنى الحصول على فرصة الدراسة، ولا يصل إليها، فهل أنا فاشلة أم أنني فقدت عقلي تمامًا؟
الحائرة لولوة
عزيزتي
ما إن قرأت رسالتك، حتى تذكرت أن ما تملكه يدك، تزهده نفسك، وذلك لأنني على تواصل مع فتيات يتمنين فرصة لإكمال التعليم، فالتعليم في حياة المرأة ليس رفاهية، بل جواز مرور للاكتفاء، والاستقلال، والكرامة، والقدرة على تصريف الأمور، شهادتك إنجاز لا يمكن أن يلغيه أحد، أو ينتزعه منك لأي سبب من الأسباب، التخرج يمنحك ملكية خاصة للتفاعل مع الحياة، ومع الناس في شتى المواقف، ومن الجائز أن إحساسك بالانتماء لأسرة ميسورة، يصوّر لك أن الاكتفاء المادي يحمي المرأة من كل شيء، وهنا مكمن الخطأ، التعليم يحميك من العزلة النفسية أولاً، ومن العزلة الاجتماعية أيضًا.
عزوفك عن الدراسة ربما يكون انعكاسًا لاختيار مجال دراسي لا يتناسب مع اهتماماتك، وقدراتك، الإنسان إذا أحب فرعًا من فروع المعرفة، سعى إلى اكتساب المزيد، وإلى التفوق أيضًا، لا يمكنني أن أجيب عن هذا السؤال لأن إجابته عندك.
ربما يكون التكاسل والخمول، ناتجين عن عدم الحركة، فهل تمارسين نشاطًا بدنيًا؟ النشاط البدني ينشّط الدورة الدموية، والذاكرة أيضًا.
يقال إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فوظّفي هذا السيف لصالحك، ولمتعتك، ولكن يجب أن تكون البداية من نقطة تحديد ما يمتعك، وما يفيدك لكي تختاري اختيارًا صائبًا
ردود
عبد الودود أ ل ـ صنعاء
لقد حصلت على هذه الوظيفة بصعوبة، ولذلك يفضل أن تتحمل الظروف لفترة تبيح لك التقدم إلى وظيفة أفضل، في مؤسسة أفضل، ولكن الاستقالة حاليًا لن تكون في صالحك.
زينة الحياة
يا سيدتي. أسباب هذا الضيق قد تكون نفسية، وقد تكون عضوية، الأفضل هو زيارة الطبيب أولاً لكي نستبعد احتمال المرض العضوي.