في غرف الدردشة

زلّة لسان

 

سيدتي أنا سيدة متزوجة منذ خمس سنوات، وسعيدة في حياتي وعندي طفلان، ولكن مشكلة نشأت بيني وبين زوجي بسببي.

حين تزوجنا كان زوجي مرشحًا لبعثة دراسية في الخارج، وكنت سعيدة بهذا، وحلمت بالسفر لكي أكمل دراستي الجامعية ونبني مستقبلاً لحياتنا معًا، ثم فوجئت بزوجي يرفض البعثة ويتنازل عنها لشقيقه الأصغر، بحجة أنه لا يريد أن يمضي عدة أعوام في دراسة إضافية، في ذلك الوقت شعرت بقهر شديد، واعتبرت أن زوجي قام بالتضحية بمستقبله من أجل أخيه ولم يفكر فيَّ، والمشكلة هي أن راتبه قليل، والآن وبعد إنجاب طفلين نعيش في حالة مادية متعبة، علمًا بأننا تركنا المدينة التي يسكن بها أهله، وانتقلنا إلى منطقة لا نعرف فيها أحدًا من أجل العمل، وأهل تلك المنطقة لا يحبون الغريب، ولو أننا سافرنا ودرسنا وعدنا حاملين شهادات عليا، لما كان هذا حالنا. المهم هو أننا فتحنا الموضوع منذ أيام واحتدم النقاش، وقلت له إنني مازلت حاقدة، لأنه منح مستقبلنا لأخيه، وصدم زوجي من كلامي لأنه لم يتوقعه، حاولت الاعتذار فلم يقبل، علاقتي بأخيه وزوجته طيبة، ولم أرتكب أي خطأ معهما أبدًا، أرجو أن أجد لديك نصيحة.

 

عزيزتي أذكّرك بقول الله تعالي: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ».. يؤسفني أنك في حديثك مع زوجك لم ينصبّ اهتمامك إلا على أمر واحد وهو الشكوى من ضيق الحال، فأنت باعترافك سعيدة معه، وقد مَنَّ الله عليكما بالأولاد، وتلك نِعمٌ كبيرة، أما مسألة الرزق فهي بيد الله وحده، والإنسان يتلقى رزقه، سواء سافر أو لم يسافر، فلا أحد يسرق رزق آخر.

النقاش الذي أشعر زوجك بالصدمة يتعلق بالثقة بين الزوجين، والاستقرار النفسي الذي يشعر به أحدهما إلى جوار الآخر، فالزوج الذي يبذل جهدًا لإسعاد زوجته يتمنى أن تكون هي المرآة التي ينظر إليها، فيرى وجهه الحسن، ولذلك صُدم حين أدرك أنك اختزنت مثل تلك المشاعر السلبية لمدة خمس سنوات، وبعد إنجاب الأولاد، وكأن ما يعنيك هو المال، ولو على حساب صلة الرحم.

وإذا عدنا إلى قرار الزوج بعدم السفر، لأنه لا يرغب في الحصول على درجة علمية أعلى، فقد كان قرارًا حكيمًا وفّر عليه وعليك الحياة لعدة سنوات، في ظل توتر وخوف من الفشل، ولا شك أن قرار الدراسة يعود إليه وحده، لأنه كان قرارًا نابعًا من تقدير واقعي لإمكانياته النفسية والدراسية، ولا يجوز أن تحمّليه إحساسًا بالذنب بهذا الخصوص.

ابتعادك عن المدينة التي يقيم فيها الأهل قد يكون مرهقًا، ولكن الحياة تحتمل الفراق واللقاء، ولذلك ما أنصحك به هو التخلي عن أفكارك المسبقة عن أهل المنطقة التي تقيمين بها حاليًا، لو بذلت جهدًا لوجدت صديقات يمكن أن تأنسي إليهن، من يبحث عن الخير يجده، ومن يبحث عن نقيضه يجده.

الزوج ليس ماكينة صرف لكل احتياجاتك، الزوج شريك بالنصف، والمسؤولية الاجتماعية تقع على الزوجة، من تهيئة جو أسري مريح، إلى ربط علاقات طيبة مع الأهل والجيران، فتكتسب الحياة المشتركة طابعًا إنسانيًّا مستقرًا.

كرري اعتذارك لزوجك في وقت مناسب، بادئة بتأكيد أن حياتك معه هي كل ما تتمنين، وبأنك لا ترضين بغيره بديلاً، واقترحي أن تزورا شقيقه، وأن تحملي معك هدية بسيطة كدليل على حسن النوايا، وأكدي لزوجك أن ما بدر منك لن يتكرر، وأنه ليس انعكاسًا لمشاعرك الطيبة نحوه ونحو أسرته.

 



الزوجة الثانية

 

سيدتي ترددت قبل أن أكتب إليك، ولكن الحيرة استبدت بي، لقد تزوجت منذ عام ونصف بعد حب ومعاناة وانتظار، تعرفت على زوجي وأنا في التاسعة عشرة، كان متزوجًا وله أولاد، وساعدني كثيرًا، وكنت أشعر بحبه ولذلك أحببته بقوة، وكنت لا أريد أن أدمر زواجه، غير أن تمسكه بي أقنعني في النهاية، الآن نحن زوجان، والمشاكل تحيط بي من كل جانب، وأنا أحاول أن أتجنبها وأوفر على زوجي كل المتاعب، ولا أناقشه في أي قرار يختص بزوجته وأولاده، وحين يغيب عني أشغل نفسي بالعمل.

مؤخرًا شعرت بأنه تغير، علمًا بأنني لم أقصر في حقه أبدًا، المهم هو أنني اكتشفت أنه يتواصل مع فتاة، فصدمت صدمة عمري، لأني مازلت أتعامل معه كحبيب لا كزوج، وأفكر في كل ما يدخل البهجة على حياتي معه، وأعد له المفاجآت وأهتم بجمالي وثقافتي، والغريب أن زوجي في مرحلة النضج، كما أنه يكبرني بعشرين عامًا، لقد واجهته بهدوء فأنكر، وادعى أن الفتاة هي التي تلاحقه، ووعد بقطع كل اتصال بها.

ما طرأ على علاقتنا بعدها أنه أصبح يمازحني بقوله إنه يفكر في الزواج للمرة الثالثة، وحين قلت له إن مثل هذا المزاح يجرحني، تمادى في القول بأن الرجل يجب ألا يكتفي، وأن الله منح الرجل رخصة للزواج، فثرت عليه وخيرته بين الإخلاص لي وعدم التفكير في زواج آخر، أو الطلاق، لكي يذهب كل منا في طريق.. أنا مازلت أحبه ولا أريد أن أخسره.

المتألمة س.س

 

عزيزتي حين تتعرف فتاة في التاسعة عشرة على رجل متزوج وتبرر لنفسها أنها علاقة لا غبار عليها لأنها علاقة حب، فهي تفرض على نفسها حياة يملؤها الوهم والقلق والمعاناة النفسية والاجتماعية، لقد انتظرت عشر سنوات، حتى كادت فرصتك في زواج آخر تضيع، وتزوجت وباعترافك لم تتلاشَ المشاكل، بل ازدادت تعقيدًا، فلا عاقل يتصور أن ترحب الزوجة الأولى وأولادها بزوجة ثانية كانت على علاقة مع الأب والزوج. والآن أنت زوجة لها مثل الذي عليها من حقوق، واكتشفت أنه رغم الحب القائم بينك وبين زوجك، مازالت عنده ميول للإثارة التي تجلبها علاقات سرية، وحين واجهته أنكر، ووعد بألا يتكرر الأمر، هذا الاكتشاف قوض إحساسك بأن الزواج به حقق لك كل ما تتمنين، وما يدهشني هو أنك لم تفكري يومًا بأن الرجل الذي يستمرئ علاقة سرية مع فتاة تصغره بعشرين عامًا -وهو الزوج والأب- هو رجل يعاني من مراهقة عاطفية لا شفاء منها، تصورت كما تتصور كل امرأة ترتبط بعلاقة مع رجل متزوج أن زوجته قصّرت معه، وأنه وجد معها الحب المثالي، والأمان الذي سوف تستقر به حياته، ثم تكتشف أن الخائن يخون مرة بعد مرة.

تلميحاته لك بأنه يريد الزواج هي محاولة لاسترداد ما فقده من جراء اكتشافك لعلاقته مع الفتاة الجديدة، إذا صدق ظني فالأمر لا يعدو كونه كلامًا لن يتبعه فعل، وليست تهديداته هي المشكلة في علاقتك معه، المشكلة هي أنك لم تتكيفي بعد مع دورك كزوجة ثانية، دورك الآن هو الحفاظ على كيان الأسرة التي بنيت معه، والرضا بنصف وقته وعواطفه وماله بلا شكوى وبلا إحساس بالتضحية، إذا مازحك بأنه ينوي الزواج لا تنفعلي ولا تطلبي الطلاق، اكتفي بأن تعقدي معه رهانًا على أنه لن يجد من هي أفضل منك. لقد قبلت الزواج به، وأنت أدرى الناس به كزوج وكإنسان، وعليك أن تتحملي نتيجة اختيارك، ومنه أن تحافظي على بيتك واستقرارك معه، لا باللوم والحصار، وإنما بالذكاء والتكيف.

 

 

في غرف الدردشة

 

سيدتي أنا فتاة سورية، أحببت شابًا منذ أربع سنوات، تعرفت عليه عن طريق الكمبيوتر وغرف الدردشة، واستمر الحب إلى أن نشأت بيننا مشاكل أظهرت ميله إلى السلوك العصبي، شعرت بأنه شايف حاله دون داعٍ، فلا هو الأكثر وسامة أو الأكثر مالاً.

منذ ذلك الوقت -أي قبل عام- تراجعت مشاعري نحوه كثيرًا، باختصار لم أعد أحبه، وبدأت أكتشف أنه يكذب، ورغم أنه جاد في العلاقة، أشعر بأنني أخاف من الارتباط به، أخشى أن أنهي العلاقة خوفًا من أن يُقدم على الانتحار، أنا في الحادية والعشرين، وهو في الخامسة والعشرين.

ابنتك ك

 

عزيزتي لقد تراجع إحساسك بالحب، لأن مقومات نمو الحب لم تكن موجودة منذ البداية، ما اعتبرته حبًّا هو تعوّد على حالة التواصل مع شخص معين، لأنها كانت حالة تجلب لك إحساسًا بالأهمية والحميمية، ولكن حين تراجع الإحساس بالمتعة والإثارة تلاشى إحساسك بالحب.

لا تخافي من أن يقدم على الانتحار لو أنهيت العلاقة، إذا غيرت عنوان بريدك الإلكتروني وأرقام هاتفك انتهى الموضوع، لست مسؤولة عنه، لأنه يكبرك في العمر والتجربة، إحساسك بأنه يكذب أقنعني بأن إنهاء تلك العلاقة أفضل لكليكما، لقد تعلمت شيئًا عن نفسك من خلال هذه العلاقة، وتعلمت أن علاقات الإنترنت علاقات ناقصة، لأن التفاعل الحقيقي الذي يفضي إلى ارتباط متوازن غير متاح.

علاقات الإنترنت علاقات لم ترسم لها حدودًا، لأنها لا توجد داخل الإطار الاجتماعي المتعارف عليه، والذي أصبحت له أصول، والحقيقة أن علاقات الإنترنت توقع خسارة أكبر على الفتيات نفسيًّا واجتماعيًّا، بينما يزداد إحساس الطرف الآخر بالفروسية كلما تعددت تجاربه مع الفتيات، تلك هي نصيحتي، ولكن الاختيار في النهاية هو اختيارك.

 

ردود

 

سالم الطرابلسي..

أكرم أباك وابق إلى جواره مهما أكد لك أنه لا يمانع في سفرك، الرزق من عند الله، ولو أكرمت أباك فسوف يكرمك الله بطرق لا يمكن أن تتخيلها.

 

نظيرة أ

يا سيدتي الطموح محمود، ولكن الطموح لا يكون على حساب الآخرين.. طفلاك أولى بك من أمك، ويمكنك تأجيل كافة المشاريع عامين أو ثلاثة، حتى يلتحقا بالمدارس.. سوف تخسرين الكثير إن لم تنصتي لصوت العقل.