كما تهواه
سيدتي أخبريني هل أنا على حق؟ هل الحب حق؟ هل الصبر على المحبوب حق؟ هل الشوق له حق؟ هل الانتظار حق؟ لا أدري... فهناك العديد من التساؤلات التي لا أجد من يصدقني فيها الرأي، فكل اللواتي قصصت عليهن حكاية حبي الصامت نصحنني بالابتعاد؛ لكن أنى للقلب القبول!!! .
قبل عام ونصف العام تعرفت إلى شاب في الجامعة، علمًا بأنني تخرجت وبدأت دراساتي العليا، وهو مهندس وملتزم، وعمره 35عامًا. كان هناك إعجاب متبادل، ولم يطل اللقاء، وتقدم لخطبتي بعد أسبوعين من تعارفنا؛ لأنه يقصد الزواج وليس شيئًا آخر، فدخل كما يُقال من الباب، كنا على اتصال نتحدث يوميًا مدة ساعة تقريبًا بعقلانية واحترام، كنا نتحاور في مختلف الشؤون، وعرفنا عن بعضنا أهم الأمور، وحفظت تاريخه داخل القلب، فهو شاب هادئ الطباع، مهذب، خلوق، من عائلة قريبة المستوى الاجتماعي والمادي من عائلتي، أخبرني أن السبب في تأخره في الارتباط هو متابعته وملازمته لوالده رحمه الله، فقد مرض والده، ولازم الفراش خمس سنوات فكان هو خادمه ومعينه. وأنا في نظري أقدس الوفاء للعائلة؛ لأنني ألازم والدتي في فترات مرضها أيضا... وبعد الزيارات الاعتيادية، بين الأهل وتعارفنا المكثف إلى بعضنا البعض، كان النقاش في بعض الأمور، وكلها كانت متفقًا عليها، غير مسألة السكن، رغم الخلاف فيها، لكنها لم تكن عقبة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن إخوته رفضوا أن يقيم في منزل العائلة مع أمه الكبيرة وشقيقته، وذلك لأنه بيت العائلة، وشقيقه المطلق جاء حديثا ليسكن معهم، وهنا بدأ الخلاف بين الإخوة، فأعرض عن الارتباط رغم شوق أهله لذلك، وشوقه هو. وتم الاعتذار رسميًّا لأسرتي... فكانت المفاجأة لي، وعندما تحدثت معه قال: هو تأجيل لا أكثر... فقلت له: أتمنى أن تكون مرتاحًا في قرارك، فقال لي: لا... من أين لي بالراحة؟ بعدها... حاولت الاتصال به، لكنه لم يعد يجيب... وطبعا كرامتي لم تسمح لي بتكرار المحاولة، إلا أن الشوق لم يتوقف. مضى عام ونصف على هذا الحب البريء... وكنت أقارنه بكل الناس، كل الأزواج... كل الخطاب... ويفوز هو بكل الميزات، ويكبر التعلق به.
ربما هو ما أحبني، كنت فتاة صالحة بالنسبة له، لكنه كان معجبًا بي، كان يحترق شوقًا لي، وكان يصرح ببعض العبارات... لكن وضعنا الاجتماعي لا يصل بنا للمراهقة أو الحب الطائش... ربما لأننا نفهم ما نريد... المهم مضت سنة ونصف السنة... كنت أتناساه، وأمضيت رمضان الماضي بالدعاء والتوسل إلى الله أن أنساه، ولكنني كنت أشعر بأنني أشعر به... أحس إحساسًا قويًّا به... قبل شهر دخلت أمي المشفى وكنت مرافقتها... وفي يوم خروجها رأيته هو أيضا... كنت خائفة عليه من المرض والتعب، عندما رأيته، أخذ قلبي يدق كثيرًا، يدق مرارًا وبسرعة أنفاسي تتصاعد، وشعرت بأنني قطعت النفس، مررت من أمامه، نظر إليّ... عاد قليلا إلى الخلف، وفي عيني، ألف سؤال وسؤال... لماذا؟ لماذا ابتعدت؟
وبعدها بأيام لم أحتمل... هاتفته من جديد... تكلم معي بهدوئه المعتاد... . شرح لي ظروفه، ومرض والدته المفاجئ علمًا أنني حلمت بها في نفس الفترة التي تعرضت بها للجلطة ولازمت الفراش... قال لي: أنا ما زلت كما أنا... متوقف بي الزمن. سألته باختصار: هل أبقى محتفظة برقم هاتفك؟ قال لي: كما تشائين. قلت له: حيرتني سابقًا وما زلت تحيرني... فأجاب: كما تشائين. بعد أيام هاتفته ثانية، كانت مكالمة عادية جدًّا... حدثني مجدداً عن تفاصيل مرض. لا أدري... هو أشعرني دون تصريح ببقائه على العهد، فما زال الزمن متوقفًا به، وهو لم يتغير كما قال، ولكن ما حيرني في أمره أنه لا يدري ما يريد. وأنا أيضًا لا أدري ماذا أفعل... هل أنتظر ذاك الإنسان البسيط الرائع الذي رأيت به صورة الإنسان المثالي؟ أم أتركه وأنساه، ولا أعيد تكرار محاولة الاتصال به؟ هل أخبره صراحة بأنه لا يفارق ذهني أبدا؟ إنني أفكر به باستمرار؟ لا أدري بالله عليك أرشديني.....
القلب المحب
عزيزتي لو كنت في مثل عمرك لكتبت لك ردًّا منهجه عذب الكلام الرومانسي. ولكن لأنني مثل والدتك، وإنني عشت كافة التجارب على اختلاف أنواعها الرومانسي منها والمغرق في الواقعية، أقول لك أولا: يجب أن تجعلي الكتابة انشغالا أول في حياتك؛ لأن قدرتك على التعبير تستحق الإعجاب، ابني عليها تجلب لك الكثير من النجاح والاكتفاء.
أما بخصوص الحبيب فاسمحي لي بأن أقول لك: إنه قد يكون أشد الرجال وسامة وأدبًا واستقامة، ولكنه رسب في أول امتحان رسوبًا لا يؤهله لتكرار المحاولة. فالعذر الذي انسحب بسببه من حياتك أقبح من أي ذنب. فالرجل يقيم بأفعاله. ولو أنه جاء إلى أهلك وقال: إن الأمر كذا وكذا، وإنه مستعد أن يجاهد؛ لكي يتحقق أملك وأمله، ولو بالحصول على شقة صغيرة مستقلة تتعاونان في الحصول عليها ولو بقرض بنكي، أو طلب مهلة من والديك؛ لكي يدبر أموره أو يتفق مع إخوانه على السكنى في بيت العائلة عامًا واحدًا تتدبران فيه الأمور لاحترمته، ولكنه رفع راية الهزيمة من أول جولة. فكيف تربطين عقلك وقلبك به؟ طبعًا اتصالك به بعد رؤيته خارج المستشفي -مع تعاطفي مع دقات القلب وحبات العرق- منحه تفويضًاً مجانيًّا في الإحساس بمكانته عندك واستمرار التواصل بينكما، ولكن مجانًا وبدون التزام.
قال لك: كما تشائين. لكن وإن شئت لأنه في نظرك غير كل الأزواج الذين هم في اليد، وأولئك الذين هم على الشجرة، لو شئت فقد حكمت على قلبك بالانتظار اليائس إلى أن يتفضل الحبيب التعبان بكلمة أو عبارة تحيي الأمل ولكنها لا تحققه.
معني ذلك أنه إذا صادفك خاطب صالح فسوف تشعرين بالتردد خوفًا من أن يكون قبولك بآخر خيانة للحب. فهل هذا عدل؟ وهل هذا عقل؟ خاصة وأن المسألة كلها لم تتجاوز الأحاديث المنمقة في غفلة من الزمن، وفي غفلة من واقع الأمور. أليس من المحتمل أن يكون هذا الرجل الذي يقدم نفسه للفتاة التي تعجبه مخلوقًا ابتكر نفسه، ولا يستطيع أن يجعل ابتكاره يؤدي الدور كاملا بل إن حدود قدرات الابتكار هي أحاديث الهاتف وأعذار تبرر تأخره في الارتباط؛ لأن الارتباط الكامل بما يحتوي من مسؤوليات وواجبات أكبر من إمكانياته وقدراته؟ ومن الأعذار التي قدمها لك: مرض والده، عدم رضا إخوانه،ثم مرض أمه.
هو لم يدعوك لانتظاره فلا تنتظري.
لا تغضبي مني أو تعتبريني عديمة الرومانسية؛ لأن العكس صحيح. ولكن الحياة علمتني أشياء كثيرة ومنها القدرة على تقييم الناس من أفعال قد تبدو صغيرة أو هامشية أو مبررة، ولكنها دالة والزمن يثبت دلالتها. أتمنى أن يصادفك الحب الذي تحلمين به، وأن تكتمل به حياتك في زواج سعيد.
هل أعود إليه؟
سيدتي أنا من عائلة محافظة جدًا عمري 22 سنة، تخرجت من الثانوي، وكنت أنتظر النتيجة، تقدم لخطبتي ابن عمي، ترددت في القبول ولكني قبلت بعد أن أقنعتني أختي التي تكبرني، اشترطت إكمال دراستي، وتمت الخطبة واستمرت 3سنوات، خلالها أحبني وأحببته، وبعدها تمت الملكة، وكنت سعيدة جدًّا، وهو كذلك، وأتت فترة الاختبارات وأنا في السنة الثانية في الجامعة. نجحت وتزوجت، ولكن في فترة الملكة أدهشني بطلبه أن أتعاطى بعد الزواج أقراص منع الحمل أو أية طريقة لمنع الإنجاب بحجة أننا في مقتبل العمر، ونريد الاستمتاع بدون أطفال لمدة، ووافقته لأني أحببته، وفعلا استخدمت حبوب منع الحمل بعلمي أنا وهو فقط، كنت أول أيام زواجنا سعيدة جدًّا جدًّا، ولكن بعد الزواج اكتشفت فيه صفات لا أحتملها ومنها شكه وغيرته وبخله، ولأني أحببته كنت مثل ألعوبة بين يديه، كان يأخذ ما يريد مني، ثم يتركني وحدي ليلا ونهارًا، وفي يوم طلب مني أن أحوّل الدراسة من الانتظام إلى الانتساب علمًا بأنه لم يكن تبقى على تخرجي سوى عام ونصف العام. ولذلك رفضت، قلت: سوف أنقل أوراقي للكلية التي قربنا؛ ليسهل هذا علينا، وإذا بدر مني أي تقصير فسوف أترك الدراسة. قال لي: لا دراسة بعد اليوم، اختاري بيني وبين دراستك، زعلت وتعبت ودخلت إلى المستشفى بعد أن انهارت أعصابي، شعرت بأني لعبة له دون مشاعر، بعد دخولي المستشفى تدخل أبي وأبوه لحل الموضوع ورجعت إلى بيتي، وجلست معه أسبوعين، وتغير قليلا وجاء موعد الدراسة، ذهبت إلى أهلي؛ لكي أنقل الأوراق إلى الكلية التي تقع في المدينة التي أعيش فيها وأثناء وجودي في بيت أهلي لم يتصل بي، كنت أنا التي تبادر بالاتصال لأعاتبه، وكونه لا يسأل عني؟ وكم حاول استفزازي، ويقول إنه ذهب إلى هذا المكان أو ذاك مع أصحابه وهي أماكن غير لائقة، وفوجئت برسالة مسجلة منه يقول: أنتِ طالق؛ انهرت ونقلت إلى المستشفى. ولكني بعد مرور سنة تماسكت، وكأن شيئًا لم يكن، ولكن الحقيقة هي أنني محطمة، أتذكر لحظات وضحكات وبرامج تلفزيونية ودعابات، وكل لحظة أتذكره بها أحلم به دائمًا وأفرح إذا استيقظت أتحدث مع طيفه دائمًا، أتخيل لحظات رجوعنا إلى بعضنا البعض، ماذا سوف ألبس؟ وماذا سوف أقول له؟ هل سوف أعاتبه أم ماذا؟ حاول إرجاعي بشروطه هو، ولكن أهلي رفضوا أن أرجع له؛ لأنه عند طلاقي لم يذكر أسبابًا.
حاليا وبعد مضي عام حاول إرجاعي، ولكنه يشترط ألا أعمل بعد التخرج، وألا تكون هناك أية علاقة بين أمي وأمه. هذه الشروط تخيفني؛ لأن أمه امرأة متسلطة، وهو شخص يتحكم برأيه. كما أن هناك أمورًا جديدة، وهي أن هناك خاطبًا تقدم لي. مطلق. وهو شقيق إحدى أستاذاتي. لمست فيه من الصفات ما كنت أبحث عنه. ولكني حائرة . هل أعود إلى زوجي أم أتزوج برجل أفكاره متفتحة وسلمية من ناحية المرأة؟
زوجة حائرة
عزيزتي زوجك الأول هو ابن عمك، ومع ذلك طلقك بتعسف ومن دون وجه حق، لو صدق كل ما ورد في رسالتك فهو إنسان لم ينضج ويتعامل مع الحياة بمنطق الطفل المدلل الذي لا يرفض له طلب، وإن رفض بكى وتشنج وكسر كل شيء. قلت في رسالتك الأولى إنك رغم كل شيء استمر حبك له وذكرتِ الدعابات واللحظات الخاصة علمًا بأنك قلت أيضًا: إنه تعامل بكل أنانية حتى في ممارسة العلاقة الحميمة. والآن يريد أن يعيدك إلى عصمته ولكن بشروط تعسفية أيضًا وهي أن تنقطع العلاقة بين أمك وأمه، وألا تفكري في العمل. الحقيقة هي أنني لم أتمكن من رسم صورة حقيقية لمشاعرك نحو هذه الزيجة. هل كان إحساسك بالحسرة ناتجًا عن فقدان الحالة الزوجية عامة لا فقدان الشخص بعينه؟ أم أنك مستعدة لقبول كل شروطه لكي تعودي إليه؟ لا يمكنني الإجابة عن تلك الأسئلة. أنت القادرة على الإجابة بصدق. ربما كان إصراره على عدم الإنجاب نعمة أنعم الله بها عليك؛ لكي تتخذي قرارًا مستقلا بالاستمرار معه أو الانفصال الدائم والزواج بآخر. الخاطب الجديد يروق لك كبيانات على الورق. ولكن هل تعرفينه حقًّا؟ يجب التحري وعدم الاندفاع؛ حتى لا يتكرر الفشل.
لو كنت ابنتي لنصحتك بإكمال دراستك والتفاهم مع الخاطب إن كان مناسبًا على أن يكون قرار العمل (إن أردت ذلك) من عدمه قرارك إلى أن تنجبي، وبعد الإنجاب أقول لك إن رعاية طفلك بنفسك لا تقدر بثمن. ولكن الأهم حاليًا هو التيقن من أن الخاطب إنسان كريم معتدل ويحترم حق المرأة ويحترم أهلها.