الكذب مرفوض
سيدتي أنا فتاة عربية وحيدة أبويها، وليست لي صديقات يمكنني التشاور معهن فيما يعترضني من مشكلات. أشعر بالوحدة وأشعر بأن أحدا في هذا العالم الكبير لا يفهمني أو يكن لي الحب. وقعت في الحب ولكنني غير متأكدة من مشاعر الشخص الذي أحب. من أحب هو الرجل الذي كان زوجي ثم طلقني. لقد طلقني في لحظة غيرة جنونية. والقصة باختصار أنه بسبب غيرته الشديدة يدفعني أحيانا للكذب الأبيض. كان زوجي مسافرًا في رحلة عمل، وخرجت أنا أثناء سفره إلى السوق. ومن سوء حظي أنه خابرني وأنا في السوق، فسمع أصواتًا كثيرة وموسيقى وظن أنني خرجت للترفيه، وأنني في حفل مع رجل آخر يراقصني؛ لأني حين رددت على الهاتف كنت في حديث مع أحد الباعة. حين أدركت من صوت زوجي أنه غاضب خفت، ولم أعرف ما يمكنني أن أقول، فقلت له بسرعة إنني في البيت والأصوات هي أصوات حفل في بيت الجيران. نعتني بالكذب، وطلب أن يتحدث مع أمي؛ لكي يثبت أنني حقا في البيت. فقلت له إنها نائمة. فتدافعت من فمه عبارات السباب كالقذائف، ولم يسعني إلا إغلاق الخط والإسراع إلى البيت؛ لكي اتصل بأمي، وأطلب منها أن تكلمه وتدعم روايتي. وما أن تناولت الهاتف الجوال حتى قرأت رسائله الغاضبة يأمرني فيها بالتوجه إلى بيت أهلي؛ لأنه أوصى أحد أصدقائه بإغلاق البيت إلى حين عودته. وعاد بعد ساعة، وحاولت أن أسرد عليه ما حدث، ولكنه رفض أن يسمعني. أعلم أنني ما كان يجب أن أكذب ولكني فعلت بحسن نية. كنت أحلم بالاستقرار معه إلى نهاية العمر، ولكن حلمي لم يتحقق. أرجو أن أجد لديك نصيحة مخلصة .
ابنتك الحزينة عائشة
عزيزتي ليس هناك كذب أبيض وغيره أسود. الكذب كذب وهو من أسوأ السلوكيات. ثم إن الزواج يقوم أساسا على الثقة بين الزوجين، وإن أدركت زوجة أن معدل الغيرة عند زوجها فوق العادي فيجب ألا تستثير غيرته بالكذب. ولا أعلم لماذا كذبت ما لم تشعري بالذنب؛ لأنك خرجت من البيت إلى السوق.
لقد وقع الطلاق وليس أمامك سوى تقبل الواقع وانتظار أن يسترد زوجك قدرته على التفكير العقلاني لعله يصدق روايتك. المهم هو أن تتعلمي مما حدث عبرة سواء عادت المياه إلى مجاريها مع هذا الزوج أو أن تتزوجي بغيره. العبرة هي تحاشي الكذب بكل أنواعه والتفكير في قائمة الأولويات بحيث تستقيم الحياة، ويستمر التفاهم بين الزوجين.
تغلبي على إحساسك بالوحدة في الوقت الحالي بالانغماس في العمل على إسعاد من هم بحاجة إلى البر مثل كبار السن والأيتام، وإن لم تطب نفسك لذلك فمارسي نشاطا محببا إلى نفسك يشعرك بأنك قادرة على الابتكار والإبداع.
أكثري من الدعاء والاستغفار لعل الله يستجيب لدعائك.
لا حب بلا كرامة
سيدتي أنا فتاة خليجية جامعية وجميلة، ومن أسرة لها مكانتها في المجتمع. ارتبطت عاطفيا بابن عمي ولكن من دون أن يشعر أحد. كان دائم الاهتمام بي والإطراء، وكان يتحين الفرص؛ لكي يشعرني بأنه مرتبط بي نفسيا. وكنت أشعر بالضيق كلما تقدم لي خاطب مع أن كل صديقاتي كن يحسدنني على كثرة الخطاب. وبعد تخرجي تقدم لي خاطب فرفضت رغم أن الوالدين كانا مقتنعين به تماما، وسألتني أمي عن أسباب رفضي، وأفضت إليّ بأن الناس يتساءلون إن كنت محجوزة لشخص ما. وأشيع كل ذلك في العائلة، ولم يتحرك ابن عمي مطلقا، وقال لي أبي بصراحة: إنه سمع شائعات مفادها أنني أنتظر ابن عمي، وقال إنه لا يريد أن نخسر أسرة عمي، ومن الأفضل أن تظل العلاقات طيبة. وعندها شعرت بأن كرامتي أهينت، وتحت إلحاح أبي الذي كان مضطرا إلى السفر قبلت بالخطبة. بعد الخطبة اكتشفت أن الخاطب مريض نفسيا وبخيل وحاقد عليّ؛ لأنني من أسرة راقية، وهو انعكاس لإحساسه بالدونية. تحملت أطول فترة ممكنة وانتظرت إلى حين رجوع أبي وفسخت الخطبة فاسترحت.
في تلك الأثناء كان ابن عمي يكمل دراسته في الخارج، وحين سمع بفسخ الخطبة بادر بالاتصال لتشجيعي، وعرض علي مساعدته في أي أمر. وبعد رجوعه لم يتقدم لخطبتي كما تعشمت وشعرت بأنه لم يفعل؛ لأني خطبت من قبل، وأُعتبر في نظر المجتمع فاشلة . أخبرتني إحدى صديقاتي بأنه لا كرامة في الحب، وأن عليّ أن أكاشفه بمشاعري لعله يتحرك. ولكني مترددة. أرجو أن أجد لديك حلا.
المترددة م. أ
عزيزتي أن يثني عليك شاب سواء كان من أبناء عمومتك أو لا فهذا أمر يفعله الشباب كلما سنحت لهم الفرصة. وقد ذكرت في رسالتك أنه كان يتعمد الثناء عليك في غير وجود الآخرين. وهنا مربط الفرس، فهو ابن عمك، وكان في مقدوره أن يفضي إلى والديه برغبته في الارتباط بك ولكنه لم يفعل. ثم سافر لإكمال تعليمه ولم يتصل بك إلا بعد أن خطبت ثم فسخت الخطبة بحكم القرابة بينكما. وعاد إلى الوطن ولم يتحرك. فإذا كاشفته بالحب أحرجته ووضعت كبرياءك على المحك، وهذا ما لا أنصحك به أبدا.
ربما كانت الخطبة التي فشلت هبة من القدر؛ حتى تقتنعي بأن الحياة ممكنة مع زوج آخر لو كان إنسانا سويا يقدرك ويدخل السعادة على قلبك. واحمدي الله أنك اكتشفت نقائص الخاطب، فهذا نوع من التدريب على حسن الاختيار في المستقبل.
لقد طلبت نصيحتي، ولذلك لا يسعني إلا بذل النصيحة بحكم التجربة والخبرة. أؤكد لك أن القلب له قدرات كبيرة جدا على التكيف مع واقع جديد. ضعي مسافة نفسية بينك وبين حلم الارتباط بابن العم. وافتحي نوافذ قلبك لأمل جديد. أنت متعلمة وابنة أسرة راقية وحسنة المظهر. لا ينقصك شيء، وسوف يتقدم لك خاطب حين ترينه، وستعرفين أنه هو الشريك الذي تتمنين. اصبري وسوف تنالين ما تستحقين من الاستقرار والسعادة.