أطفال للبيع!

حقا لا أجد ما أكتبه! فلا يوجد مجال للكتابة الساخرة، ومن ماذا نسخر؟ أو يسخر من يكتُبون؟ فمن يكتُب بسخرية، ليس له أدنى حق في سُخريته اللا مبررة، فالأوضاع في معظم بلداننا على ما يُرام، فكل شيء من أوضاع معيشية وتقدُم واكتشافات جديدة وأفكار بنّاءة مقبولة وطيبة، وقد انتقلت حُمى العَدَوُات والخبرات، من تصنيع الخبز من دقيق القمح المُخصص لعلف الحيوانات والمُغلف بالقشر وعيدان وسنابل القمح، الذي له طعمُ مميز ورونق متجدد ومغاير للمعهود، والمتوافر بكثرة وبالمجان في أحد البلدان لإنتاجه، من دقيق مُسرطن مُبارك في بلدان أخرى، وفي القريب العاجل سنتقدم، وينتج الخُبز من غُبار الطُرق لتوافره بكثرة، وهو بالطبع أفضل وأقلْ خطرًا من الطحين المُسرطن! وبالتأكيد مُعظم الناس أٌغلقت شهيتهم تجاه المخُبوزات المصنعة، وهذا جيد لخفض وتضاؤل الأجسام الآدمية، والتي ستُقطع أمعاؤها وتكتُم أنفاسُها، فتُقصر الأعمار، مما يؤدي لميزات عديدة، ستتكشف مستقبلًا أهمها الراحة الأبدية!

 وتخفيف الأعباء والتكاليف عن كاهل المجتمعات، وقد توافرت بكثرة أنواع من حليب الأطفال المُلوث، مما سيُريح الأطفال من حياتهم مُبكرًا، وبدلاً من أن ينشأوا ويكبروا ويصطدموا بالظروف المستقبلية المؤلمة، وبعد انتشار قراصنة الأعضاء البشرية المتنوعة في بلدٍ ما، فقد تزايدت في نفس البلد فِرق جديدة من قراصنة الأطفال حديثي الولادة بالبيع أو التأجير، مع إمكانية الاستبدال وتهريبهم للخارج، وذلك سُيحقق عدة ميزات، منها الثراء السريع لذوي الطفل المباع، أو تحسُن أحوالهم المادية المتعثرة، وإراحتهم من طفلهم بدلًا من عناء التربية أو نفقات التعليم، أما عن توظيف العمالة وتوافر وظائف للمتخرجين أصحاب التخصصات الدراسية المختلفة، فالوظائف متوافرة، ولا يوجد ما يسمى بالبطالة المنتشرة في أجزاء من العالم المُتأخر، غير أن بعض صنوف المتخرجين يتعالون على وظائفهم المتاحة، ويُريدون وظائف بمواصفات معينة، ويجري العمل لتوفيرها بما يُناسب أحوالهم وطموحاتهم، والكل يبيت ليله مُطمئنًا وبطنه ممتلئ، ولا يوجد جوعى أو محتاجون، ولا يوجد أناسُ يعيشون تحت خط الفقر كما في العالم الآخر، ولا توجد أُمنيات جديدة للناس، فجميع الآمال تحققت، على أحسن وجه. وهكذا لا يجد الساخرون ما يكتبونه، والأفضل أن يعتزلوا جميعهم الكتابة بالأساليب الساخرة مبكرًا!