الأصل والصورة

لم تكن الحياة كيفما كنت أعتقد. وجودك في حياتي كشف لي عن الفروقات بين الأصل والصورة. بين أن تستهلكها الأيام، أو نعيش الحياة. معك اكتشفت أشياء كثيرة كنت أجهلها. فما كنت أحسبه ألوانا شاحبة، هو في الواقع ألوانا وردية. وما ظننته وجوها جامدة، كانت في الحقيقة ممتلئة بالحيوية. لا أعرف كيف اختلفت. هل أعدت لي نظري لأرى الأشياء بأشكالها، أم انك غيرت كل الملامح والوجوه من أجل أن تمنحي السعادة للجميع.

قبلك كانت الأيام متشابهة، كنت أعتقد أن العمر نعيشه لنحسب كم مضى منه، ونقلق كم بقي. روتين لم يعطنا فرصة أن نرى الأفق البعيد. أقصى طموحاتنا أن يمضي يومنا دون جديد، خوفا من مفاجآت لم تكن في الحسبان. نركض في دهاليز الزمن، وننسى أن أوراق التقويم تسقط يوما ورقة ورقة. كأنها رقيب يتربص بنا، ويحصي علينا أنفاسنا وخطواتنا. ما معنى أن يحتفل إنسان بعيد ميلاده، وكأنه يوقع عقد تنازل عن سنة من عمره بحضور شهود؟!..

معك اكتشفت أن معايير الزمن قضايا وهمية. اخترعناها لنحل مشكلة التكرار، وتشابه الأيام. بينما كل يوم معك هو عمر بذاته. ما قيمة حسابات الزمن إذا كنت تمتلك في كل يوم عمرا بكامله. عندها يصبح الزمن قضية هامشية. تغيرت الأشياء فجأة. وهج حضورك جعل الحزن يتوارى مهزوما في الزوايا البعيدة. وشرّع بوابات الفرح، فاستعادت الأشياء قيمتها، وأصبح للابتسامة معنى، وتصالح التفاؤل مع تفاصيل الأحداث وتفسير الأمور.

أتأملك وأرى فيك كل يوم شيئا جديدا. روحك الشفافة ومشاعرك المرهفة، وحنانك الذي يزيل جفاف العالم ببلسمه. شخص مثلك يستحق أجمل ما في الحياة. بل وجود أشخاص مثلك يعيدون لمسة الإنسانية والنقاء لعالم اكتسحته المادية والمظاهر. معك يغرد القلب كطفل صغير. يكتنز بين جنباته شوقا لاينتهي، وفيضا من الحنين.


اليوم الثامن:

كلما يمر يوم جديد أنضج أكثر

لأكتشف كم أنا بك محظوظ..