العلم نور، والتقنية تقدم، والإنترنت تطور رهيب، وصار حمل الهواتف والحاسبات المحمولة صفة ولغة العصر، ومن لم يتقنها فهو متأخر، فقديمًا في الزمن الماضي، عندما كان يقع حادث مروع في أحد الشوارع والميادين، كنا نتسابق ونسارع ونقدم على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ونقدم الدعم والمساعدات، أما الآن فالعالم تطوّر ويجب أن نتطور معه، ونساير الركب المتقدم، فعندما تقع الحوادث المروعة أو العابرة، لا يترفع بعضنا عن فتح كاميرا هاتفه المحمول الحديث، والتقاط صور للجرحى وهم ينزفون، والموتى وأرواحهم تخرج، ويتسابق على تصويرهم بفيديو الهاتف المحمول، ونشرها وبثها في رسائل الوسائط المختلفة، ثم وضعها على أحد المواقع الإلكترونية المتنوعة! ويجب أن نتناسى حرمة هؤلاء الناس وأهليهم، ونتناسى كل ما تعلمناه من تقاليد وأديان، فلابد أن نمَاشي التقنية الحديثة! وقديمًا أيضًا، عندما كنا نرى حوادث تحرش ومعَاكسة للفتيات والنساء، من قِبَل ضعَاف النفوس في أحد الأماكن العامة، فتأخذنا الشهامة والمروءة والرجولة، ونقف مستميتين ندافع عنهن بقوة، الآن قد تطورنا وتقدمنا، فنحن في زمن «الفري» و«الأوبن وورلد»، فعندما تصير معاكسة أو تحرش بالنساء والبنات في أحد الأسواق أو الشوارع أو الميادين، يتجمع حولهن الشباب ويتسابقون لمتعة المشاهدة والتقاط الصور للمتحرش بهن، ويلحق هؤلاء المكسورات ما لحق بغيرهن من الفضائح! فنحن في عصر العولمة والإنترنت و«البلوتوث»! ولابد من مسايرته، وإلا فلنتركه ونتخلى عنه! وقديمًا عندما كانت النساء والبنات يجلسن مع بعضهن، فإنهن ستر وغطاء على بيوتهن وأحوالهن وأسرارهن، والآن عندما تخلو البنات بأنفسهن في المدارس والمعاهد وبيوت السكن الجامعية، فإنهن يقتنصن الفرص على بعضهن البعض، ويصورن بعضهن البعض في أوضاع غريبة ومريبة ودخيلة، وتصير فضيحة الفضائح لمن التقطت لها صور ولأهلها وذويها، ويتوقف مستقبلها! حتى الحفلات الاجتماعية الأسرية والعائلية، يداخلها الدسائس الغريبة، وتلتقط الصور التذكارية والفيديو التذكاري! وتعرض وتنشر على المواقع الشهيرة في الفضائح، بدلاً من الستر على بعضنا البعض، نصورها ونبثها ونرسلها ونترك غيرنا من الأمم للتمتع والتشفي! تقول مجموعة من بنات العشرينيات إنهن يذهبن للمركز التجاري والتجمعات المفتوحة فاتحات «بلوتوثات» هواتفهن المحمولة، وصحيح أنه كان من الممكن استغلال تلك التقنيات في إظهار بلداننا وأوطاننا وطبيعتها الجميلة وآثارها القديمة وحضارتها العريقة، وإبراز الوجه المشرق والمشرف لها، وإبراز الطابع الأخلاقي والاجتماعي المميز لنا، لكن تلك التقنية وذلك التطور الإلكتروني و«البلوتوثي» الرهيب، لابد من الاستفادة منه أقصى استفادة ممكنة، ونترك لغيرنا فرص الاستفادة أيضًا والتسابق على نشر الفضائح! تلك هي التقنيات المتطورة، والتقنية تتطور، ومن لم يتطور ولم يعجبه أو يغضبه فليرحل عن عالم الركب التقني الإلكتروني «البلوتوثي» وليعد إلى عالمه المتأخر المتخلف الذي مازال ينشد وينادي بالأصالة والمواطنة والحفاظ على العادات والتقاليد القديمة والتدين والسمو!.