السجين والسجان!!

 قال نابليون يوما: الحكم قلعة كبيرة، الذين خارجها يحلمون بدخولها، والذين داخلها يحلمون بالخروج من التزاماتها

وجاء بعده الكاتب الساخر برناردشو، وحولها كنوع من التنويع على مؤسسة الزواج

 فقال: إن الزواج قلعة، الذين خارجها يحلمون بتسلق أسوارها للدخول، والذين داخلها يحلمون بتسلق أسوارها للهروب.

وفي فيلم «الهروب الكبير» الذي حاز على عدة جوائز أوسكار يقول شون كونري وهو يمارس عملية الهروب الكبير من السجن: كنت طوال بقائي في السجن أحلم بمطاردة أيامي التي تهرب مني خارج السجن، وعندما هربت أخذني الحنين لأيامي الهادئة داخل الزنزانة حيث لا توفرها الحياة الصاخبة خارج أسوار السجن!!

كنت أقرأ وأشاهد هذه الكلمات لنابليون وبرناردشو وشون كونري ككلمات خارج نطاق المألوف، باعتبارها فلسفة لمن لديهم متسع من الحياة الهانئة؛ لكي يمارسوا هوايتهم في «الفلسفة»، إلى أن قرأت قصة ذلك العجوز ذي الخمسين خريفا التي قضى ثلاثة أرباعها في السجن، وهو ينام كل ليلة على باب السجن يتوسل إلى «السجَّان» أن يعيده إلى السجن بعد أن صدر حكم بالإفراج عنه؛ لأنه اكتشف أن الحياة سجن كبير، الذين في داخلها يحلمون بالخروج منها، والذين هم خارجها يحلمون بالعودة إليها.

تقدم بطلب بعد طلب للاسترحام، والعودة إلى أيامه التي تركها داخل أسوار السجن؛ فهو ولد في السجن حيث كانت أمه تقضي عقوبة سجن، ثم قضى فترة في مركز رعاية الأحداث، وما إن خرج منه حتى ارتكب أول مخالفة قانونية وعاد للسجن، وخرج ثم عاد، إلى أن أصبح السجن ملاذه الآمن من الخطأ والخطيئة، فأصبح يشعر بالضياع في الخارج، ولا يجد الأمان إلا في داخله، فكتب لرئيس السجن يقول: «لا أعرف أين أذهب، لا أعرف أحدا خارج السجن؛ لهذا أريد أن أعود إليه مرة أخرى، لا أريد أن أقترف خطأ أو خطيئة، كل ما أريده هو أن تسمحوا لي بدخول السجن عن طيب خاطر، فأنا محترم داخل السجن والكثيرون يطلبون مشورتي. أما خارج السجن فلا قيمة لي، وأشعر بأنني أكثر أمانا داخل السجن، فالحياة في الخارج مخيفة وأشبه بسجن كبير، ففي الخارج أنت تخاف من «السجَّان»، أما داخل السجن فــ«السجَّان» يخاف من السجين!!

هذا السجين إما أن يكون فيلسوفا كبيرا لا يعرف قيمة فلسفته إلا الراسخون في علم الحكمة، وإما أن يكون مريضا كبيرا لا تعرف قيمته إلا المصحات النفسية والعقلية  و(العصفورية)، ولكن هذه ليست بالضرورة وجهة نظر آمر السجن، فهو يراه شخصا (مسجل خطر) داخل السجن وخارجه، تهمته داخل السجن أنه يريد الخروج، وتهمته خارج السجن أنه يريد الدخول. 

وفي الحالتين قوانين السجن لا تسمح، فتقدم بكتاب استرحام للقاضي الذي تفهَّم بدوره مطلبه، وأعاده للسجن بناء على طلبه لحسن سيره وسلوكه وسلامة قواه العقلية، مع إعطائه الحرية في الخروج متى شاء، وقال القاضي كلمة: «هذا الرجل إما أن يكون مملوءا بالحكمة أو بالجنون، والسجن يمنحه الاثنين: الحكمة والجنون!!

 

 شعلانيات

>  إما أن تنجح أو تنجح... فلا مكان للفشل

ولو فشلت لا يكفيك شرف المحاولة!!

>  وراء كل عاقل أفكار مجنونة.. ووراء كل مجنون بعض الأفكار العاقلة!

>  تزوَّج من عالمة آثار، فكلما تقدمت بها السن زادت أهمية وتقديرا!