الشورت والسلوك القويم!

قال معمر القذافي يوما أمام حشد من النساء في ندوة لتحرير المرأة إن «الملابس من صنع الشيطان»،

وذكر أن الشيطان هو السبب في وجود الملابس، بعدما تسبب في إخراج آدم وحواء من الجنة وكشف عوراتهما.

وقال بحماسة لا يجب الوقوف كثيرًا عند الملابس ووضع القيود عليها، انطلاقًا من موروثات عفا عليها الزمن، وكان يرى أن الملابس ليست المعيار الأهم للحكم على الأخلاق، وقال على سبيل المثال: إن امرأة ترتدي شورتا يمكن أن يكون سلوكها قويمًا، بينما يمكن لامرأة أن ترتدي الحجاب وأخلاقها غير سوية.

هذا الكلام من نوع «عاقل عم يحكي ومجنون عم يسمع» الكلام، لكني لم أستطع أن «أبلع» حكاية أنه من الممكن أن امرأة تلبس شورتا يكون سلوكها قويمًا؛ لأن هذا كلام من نوع «مجنون عم يحكي وعاقل عم ينجن».

فلهذا السبب وأسباب أخرى يجب ألا نلوم الشباب عندما يذهبون للبلاج وننظر لهم بسوء نية، فهم أيضًا أخلاقهم «قويمة»، ويذهبون بحثا عن السلوك «القويم» لا الشورت القصير، فهذه مسألة نسبية أيضا ولا يجب أن نحاكم الناس على نواياهم، فكل إنسان يبحث عن ضالته.

في مقابل هذا أصدرت قبل فترة دولة عربية تعليمات محلية تلزم السكان بالاحتشام في الطرقات والأماكن العامة، ومنعت السراويل القصيرة جدًا وكشف الظهر والكتفين والملابس فوق الركبة والضيقة والشفافة.

القرار جيد، وشخصيًا أؤيده بشدة، فهو إن لم يكن قرارًا أخلاقيًا وله فوائد أخلاقية فهو قرار صحي وله فوائد صحية، فارتداء الملابس الضيقة يضر بصحة المارة قبل أن يضر بصحة التي تلبسها، لدرجة أن بعض الناس يُصاب بضيق التنفس كلما رأى ما هو «ضيق».

وأذكر أنني شاركت قبل فترة ببرنامج إذاعي حول قانون منع التدخين في الأماكن العامة، وأذكر أنني طالبت بقانون مشابه لمنع اللبس الضيق والقصير في الأماكن العامة أسوة بقانون منع التدخين، فكلاهما مضر بالصحة.

وجاءني التعليق بعد البرنامج مباشرة من قارئ اتهمني بأنني شاركت في البرنامج على طريقة المعارضة العربية التي تعارض من أجل المعارضة، ولا تلتفت للمطالب الشعبية.

وقال إنه في مقابل الذين يصابون بضيق في التنفس من اللبس القصير، هناك ملايين «يتنفسون بشكل طبيعي» عندما «يشاهدون»، ويضيق تنفسهم عندما «لا يشاهدون»، فالمشاهدة هي أكسجين الحياة بالنسبة لهم.

وأختم بعيدًا عن الهزل، فالأكيد أن اللبس المحتشم يحتاج إلى «ناس محتشمة» يليقون به وهو يليق بهم، فملابس الشخص هي عنوان شخصيته، ويكفي أن بعض المطاعم الراقية تتصرف برقي عندما تمنع اللبس القصير والضيق و«الذي منه»؛ احترامًا لمشاعر زبائنها.

وكنت قد لاحظت أن محلات هارودز اللندنية الشهيرة تمنع منعا باتا كل من يدخل بلباس قصير لا يعكس معه احترامه للمكان، وعليه فمن باب أولى أن يحترم الناس بعضهم في الشارع، ويلبسوا ما يعكس شخصيتهم لا أن يتصرفوا على طريقة من يرى أن لبس الشورت سلوك قويم، وإلا لكان الناس يخرجون من بيوتهم عراة ليثبتوا أن سلوكياتهم قويمة جدا؛ تماشيًا مع التوجيهات!!

 

شعلانيات

>  لا يكفي أن نتكلم عن الفضيلة، يجب أن نمارسها!

>  كان أمله أن يعيش مستورا، اليوم أمله أن يموت مستورا!!

>  الصمت أعظم كلام أحيانا!