مما لا شكَّ فيه أنَّ أسوأ الكذابين في الحياة الزوجيَّة هو من يستمتع بالاستمرار في الكذب، ويقدم من أجل ذلك سلسلة من الأكاذيب سرعان ما تتكشف بمن لا يراعي علاقته الزوجيَّة، أو ارتباطاته الاجتماعيَّة، فضلاً عن أنَّ استمراره في أكاذيبه يبيِّن حاجته الماسة إلى إعادة ترتيب أوراق حياته.
ويرى المختصون أنَّ أفضل طريقة لفهم الكاذب هي التفكير في الظروف التي أدت بالكاذب إلى الوقوع في الكذب، كأن يكون دافعه إلى الكذب الحصول على حياة سهلة، أو تجنب المواجهة مع شريك الحياة، على الرغم من أنَّ قول الحقيقة هو المنقذ الوحيد من الأقوال الكاذبة المستمرة التي إن تقبلها شريك الحياة مرة فلن يتقبلها ثانية، وتصبح الحياة صعبة بعد جرح المواجهة وحشد الاتهامات، وهناك نوع آخر من الكذب يلجأ إليه الكاذب من أجل اكتساب العطف، وعادة ما يأتي الجانب الضعيف في العلاقة الزوجيَّة؛ أي الجانب الذي يشعر بأنَّه يفتقد العطف، ويحتاجه بشدة، ومثل هذا الكاذب يؤمن بمبدأ أنه من اللطيف أن يتجمل بالكذب، وعادة ما يطمئن نفسه بأنه الكذب الأبيض الذي لا يؤذي كثيرًا.
وينظر المختصون إلى الكذب الأبيض باعتباره سلاحًا خطيرًا للغاية، حيث إنَّه يبني حواجز عدم الثقة بين الأزواج، ويدفع من استدامه إلى اللجوء إلى الاعتذار بصفة شبه مستمرة من الإحساس بالضيق والتدني والضعف.
وأحيانًا قد يتمسك أحد طرفي العلاقة الزوجيَّة بالكذب لتغطية وإخفاء عيب، أو عمل يعتقد أنه مشين، أو أمر يخجل منه؛ بهدف خداع الطرف الآخر، أو للهروب من موقف معين. وقد يعتقد البعض أن الخداع يمكن أن يكون مقبولاً عند إخفاء واقعة قد تجلب العار، مثل وقوع الزوج في مخالب الإدمان، أو حدوث خطأ يلزم التغطية عليه، حتى تمر الأيام ويدخل هذا الخطأ في سرداب النسيان. أما أخطر أنواع الكذب فهو خداع الذات؛ لأنَّ من يستخدم مثل هذا الكذب يكرره ويصر عليه، ثم يصدقه في النهاية، وأبسط صور مثل هذا الكذب الذي يندرج تحت اسم خداع الذات هو أن تدعي الزوجة أنها سعيدة في حياتها الزوجية، وأن زوجها شديد التعلق بها ويعشقها، ثم تظهر كل فترة والكدمات في عينيها ووجهها.
إن المصارحة وقول الحقيقة لن يهدما الحياة الزوجية، بل هما يزيدانها قوة وتماسكًا، مع ضرورة التأكد أيضًا من أن تقدير الذات سيكون مكافأة كل طرفي العلاقة الزوجية على عدم قول الكذب. ويتزايد تقدير الذات مع كل زيادة في المصارحة والارتباط القوي بقول الصدق.