خدعوها بقولهم حسناء

كل يوم كانت ماريا -القادمة من أحد أحياء بوغوتا الهامشية في كولومبيا– تستيقظ في الساعة الخامسة صباحًا لتتوجه إلى إحدى ناطحات السحاب في نيويورك قصد القيام بأعمال الكنس والتنظيف، ورغم أنها لم تجد سوى هذا العمل المتواضع إلا أنها في قرارة نفسها كانت غاية في السعادة، فدخلها من عملها هذا كان كافيًا ليحفظ لها كرامتها، إذ يفوق بكثير مرتب موظف كولومبي... وكان ما يشغلها هو الحصول على بطاقة الغرين كارد؛ حتى تستطيع الإقامة الدائمة، وبشكل قانوني في الفردوس الأميركي.

تمر الأيام والليالي، وماريا تكد، وتعمل، ولاتكل من القيام بأعمال التنظيف... وكأن الحظ شاء ذات يوم أن يعوضها عن هذا الشقاء، وعن عملها المرهق... فذات يوم عثرت ماريا على ورقة من فئة دولار واحد، فخطرت ببالها فكرة: لماذا لا تشارك في اليانصيب بنفس الرقم التسلسلي الموجود فوق الورقة الخضراء؟ وبالفعل نفذت ماريا الفكرة بحماس، فشركات اليانصيب تمنح مبالغ مالية يسيل لها لعاب الفائزين... والورقة الخضراء من فئة دولار واحد لاتسمن ولا تغني من جوع، فإن فازت فذلك المبتغى والمراد، وإن لم تفز فإنها لن تخسر شيئا؛ لأن ذلك الدولار إنما حصلت عليه عن طريق الصدفة.

نسيت ماريا أمر الدولار واليانصيب، وانكبت على عملها وكأن شيئًا لم يكن... وبعد أسبوع اتصل بها موظف شركة اليانصيب مهنئًا إياها بالفوز بمبلغ يفوق مليوني دولار... لم تستطع ماريا أن تحبس دموعها، وكادت تجن من فرط الفرحة... معقول؟ دولار واحد بمليوني دولار!! هل أنا في حلم؟!! إنها الدجاجة التي تبيض ذهبا.

تسلمت ماريا جائزتها، وبعد أن رتبت أمورها، حزمت حقائبها واستقلت أول طائرة صوب بوغوتا... هناك ستصبح سيدة أعمال ناجحة.

في بوغوتا اشترت ماريا فندقًا من فئة ثلاثة نجوم، أدخلت عليه تحسينات، وبدأ الفندق يستقطب السياح، والزبناء.

ماريا التي لا تتوفر على قدر كبير من الجمال، سرعان ما توافد على بابها الخطاب بعد أن لم يتقدم لخطبتها أحد عندما كانت فقيرة معدمة، فقررت عن حسن نية أن تبدأ حياة جديدة، وأن يكون لها زوج وأبناء يملأون حياتها ضجيجًا وسعادة!!

عقدت ماريا قرانها، واختارت أن تقيم هي وزوجها في جناح فاخر بفندقها، وفرت فيه جميع مستلزمات الراحة، وكانت تخرج كل صبيحة للعمل بنفس الكد والاجتهاد اللذين تعلمتهما هناك في منهاتن.

 ذات صباح غادرت ماريا جناحها نحو مكتبها، لتعود إليه بعد ساعتين من أجل غرض مهم على غير عادتها، وكانت المفاجأة التي لم تكن تخطر على بالها...وجدت زوجها في أحضان فتاة لعوب في عقر دارها، ووسط النعيم. فما كان فيها إلا أن فتحت أحد الأدراج... أخرجت مسدساً... أفرغت رصاصاته في جسد زوجها، وعشيقته.

ماريا الآن وراء القضبان تقضي عقوبة طويلة... قد تكون مخدوعة، ولكن القضاء لم يغفر لها أبدًا أن تتصرف بتلك الطريقة المتهورة!

انتهت الحكاية...

هذه ليست فقرات فيلم سينمائي أميركي. إنها أحداث واقعية من الألف إلى الياء.