هل يمكن أن يذهب الواحد منَّا، سواء أكان رجلاً أم امرأة، إلى الطبيب طالبًا العلاج، وبعد انتهاء الطبيب من الفحص، يمسك الطبيب بالقلم ويكتب في الروشتة الطبيَّة عبارة من ثلاث كلمات «قليلاً من الحبِّ»!
ليس في هذا الأمر دعابة وإنِّما هو توصيَّة علميَّة أوصى بها مؤتمر علمي عقد أخيرًا في سويسرا، وكان موضوعه الرئيس كيفيَّة الوقاية من أمراض القلب. وهذه التوصية جاءت بناء على العديد من الأبحاث العلميَّة التي قام بها فريق من العلماء.
يؤكد الخبراء أنَّ الشعور بالحبِّ والدفء العاطفي يقي القلب من الأمراض، ويقوي جهاز المناعة، ويكافح الاكتئاب، ويؤجل الشيخوخة، كما أكدت أبحاث الدكتور «دين» أنَّ الإحساس بالحبِّ الصادق يمكن أن يعادل نتيجة الجري لمسافة خمسة كيلومترات يوميًا، واتباع نظام غذائي سليم، والإقلاع عن التدخين.
وبعد دراسات على مئات الأشخاص الذين يتبادلون مشاعر الحبِّ مع المحيطين بهم من الأهل والأصدقاء، وجد أنَّ إصابتهم بالأمراض تقل، وفي حالة إصابتهم بمرض ما يكون شفاؤهم منه أسرع على عكس أولئك الذين لا يتبادلون فيما بينهم مشاعر الحبِّ. فهم إصاباتهم بالأمراض أكثر، ويستغرقون وقتًا أطول في الشفاء من المرض الذي أصابهم.
كما أظهرت دراسات الدكتور «دين أندرتيشي» صحة قول الفيلسوف اليوناني «أرسطو» منذ 2500 عام عندما قال: «إنَّ الإنسان حيوان اجتماعي، وقد تقتله الوحدة» وأثبتت دراساته أنَّ الأشخاص المحرومين من الحبِّ، والذين يعانون من الوحدة والاكتئاب يصابون بالأمراض أكثر من غيرهم بمعدل خمسة أضعاف.
يحتاج الإنسان إذن إلى الحبِّ تمامًا مثل احتياجه للطعام.. هذه النتيجة التي توصل إليها العلماء تطرح التساؤل: هل كل إنسان قادر على منح الحبِّ وتلقيه؟
يجيب الباحثون عن هذا التساؤل بأنَّ القدرة على منح الحبِّ وتلقيه تولد مع كل إنسان، ويختلف كل إنسان عن الآخر في كيفيَّة التعبير عن هذا الحبِّ، وكيفيَّة تلقيه. فلا يكفي أن يشعر الإنسان بالحبِّ، بل عليه أن يعرف كيف يوصل شعوره بالحبِّ إلى إنسان آخر، وكيف يحيطه بالدفء والاهتمام.