تلفتُنا بعضُ الأخبار أو الأحداث بتناقضها ومفارقاتها.
ومن آخر ما قرأت في هذا الشأن عن رسالة كتبها الموسيقي الألماني «لودفيغ فان بيتهوفن» في العام 1823؛ أي قبل أربع سنوات من وفاته.
حُفظت تلك الرسالة في معهد «براهمز» للموسيقى في مدينة «لوبيك» الألمانية. أمّا ما تتضمّنُه فهو شكوى من الفقر والقلّة وسوء الحال.
وكان الفنّان في تلك المرحلة من عمره يرتزق من التدريس وإقامةِ حفلاتٍ موسيقية.
>>>
وقد لقيت الرسالة اهتماماً كبيراً فخضعتْ لعملية ترميم واسعة، على ما أذاعتْ وكالة «نو فوستي» الروسية للأنباء.
ومن بعض ما جاء في الرسالة: «إن دخلي المتدنّي، وسوء وضعي الصحّي يدفعانني للسعي إلى تحسين ظروف معيشتي».
الرسالة مكتوبة بخطّ اليد، وتتألف من ستّ صفحات يعكس معظمُها طلبَ صاحبها مساعدةً من «المحسنين» كي يُنهي مقطوعةً موسيقية كان يعملُ على تأليفها. كما تنقلُ شكوى الموسيقي من تَردِّي أحوالِهِ الصحّية.
والمعروف ان الفنّان عاش السنوات العشر الأخيرة من حياته فاقدَ السمع؛ وهذا ما جعله عصبيّ المزاج؛ إلاّ أنّه في خلالها ألَّفَ أهمَّ أعماله الموسيقية.
وجدير بالتنويه ان الفنان حافظ على استقلاله، فلم يكنْ تابعاً لأحدٍ مثلما كان مألوفاً في ذلك الزمان، حيث كان يكفلُ الفنانين والمبدعين أحدُ الحكّام أو الأمراء.
>>>
هذا الخبر يُعيد إلى الذاكرة وضعَ الفنّان الهولندي «فان غوغ»، صاحب اللوحات النادرة. وقد عاش فقيراً معدماً، بينما تُباعُ اليوم لوحاتُهُ بملايين الدولارات.
>>>
أمّا رسالة بيتهوفن، والذي تصفُهُ الموسوعة بأنه أعظم المؤلفين الموسيقيين على الإطلاق، و«محرّر الموسيقى» فسوف تُباعُ الصفحاتُ الثلاثُ الأولى من رسالته بمليون ونصف المليون يورو.
ومن بعض ما توصفُ به أعمال هذا الفنّان، أنّه أكّد أكثرَ ممّن سبقوه في التأليف، قوّةَ الموسيقى على نقلِ فلسفةٍ من دون اللجوء إلى كلمات. كما أنّ لموسيقاه قدرةً على التعبير عن العواطف الإنسانية أكثر من لوحةٍ مرسومة.
ومن بعده لم تعد الموسيقى تعني الأصوات الممتعة والجميلة وحسب، بل ضمّنها الحسَّ الإنساني، إلى الصورة، ليكتمل بهما المشهد.