كان جالسًا أمامي ، متكئًا بيده اليمنى على خده. أنظر إلى حدود خصره ، يستغرقني حضوره الرجولي الكاسر وهو يرقص بقدم واحدة على موسيقى الروك المنبعثة من الراديو في غرفة انتظار الطبيب.
يبحث عن معطفه، ليتناول قلمًا فيظهر صدره المزغب من تحت القميص، انتفضت، رباه أحب هذا الغريب.
منذ شهور وأنا أرتعد كلما قابلته في هذه المدينة الصغيرة بضاحية باريس. أحلم أن أندس في صدره، أن أنظر عميقًا في عينيه وأقول:
*خذني معك الآن
لن يحدث ذلك؛ لأنه لم ينتبه. يتابع خطه الحثيث على الأوراق فيما أتابع جلوسي الأبله على كرسي بارد لم يعد يحتمل كل الرغبات بداخلي.
أريده رجلاً لي وحدي مسافة ليلة، يوم، نصف ساعة، دقيقة، ثانية. مسافة لحظة: تلك اللحظة التي قبل النظرة.
ذلك الفعل البدائي حين تهرب منك نفسك لتبحث عن الآخر.
نقطة ارتكاز يبتدئ فيها وجودي من حيث هو سعي إلى تجاوز الحدود الضيقة للجسد.
هذا الجسد يخنقني، أريد أن أفقد الوزن، الكثافة، أن ألغي حدود اللحم لأقطع المسافة بين الكرسي البارد حيث أخبئ رغباتي، وبين كرسيه الأحمر حيث يقبع داسًا أنفه في أوراق يخط عليها كلمات منذ نصف ساعة.
لماذا لا يرفع رأسه؟ لماذا يتجاهلني بهذا الشكل؟
أود أن أنظر مليًّا إلى وجهه، إلى شفتيه. لأنهما وحدهما قادرتان على إخراسي أنا التي تعبت من الكلام.
لأنني كنت متعبة ورحالة لم أجد سكنًا في هاته الحياة.
لم أستطع أن أقول يومًا
*أحبك
كنت دائمًا أبحث عن نقطة ارتكاز لوجودي؛ لهذا لم يكن هناك احتمال للحب في حياتي.
أود أن يكون هذا الغريب نقطة ارتكازي الآن، وأن أتوقف عن الرحيل بين أكثر من بيت، وأكثر من ذكرى وأكثر من ألم.
أود أن أقول له:
«عيناك عشي الأخير
أحط فيهما ولا أطير» أمل دنقل
لكنني أعرف هذا الجسد، فلن يتوقف عن الطيران إلا حين يتوقف القلب عن ضخ الحياة في جسد ملتهب
يقلب الأوراق، وهو ينظر للبعيد، وأغلق عيني لاستقبال الحلم.
يمضي بعيدًا بعينيه الواسعتين، يطارد الكلمات التي تتابع سقوطها على الورقة البيضاء، فيما أنا جالسة على كرسي بارد، أطارد نقطًا سوداء تسقط في قلبي منهية احتمال دفء في هذا المساء الخريفي البارد؛ حيث لم أستطع مرة أخرى أن أقول.
*أحبك