لم يفتشوا عن الدموع؛ لأنها تخرج من الدائرة سهوًا!!
لم يتركوا المصابيح مضاءة؛ لأنها خيانة للظلام!!
لم يدركوا أنهار النسيان؛ لأنهم في ليل الذكرى!!
هكذا يقول ذاك المسمى لهذا الاسم!!
من هنا أنطلق لمعانقة صديقي الشاعر عدنان الصائغ، الذي يقتله الخفاء،
وكأنه تجسيد لقول الفيلسوف أحمد الصافي النجفي القائل:
سعى للشهرة الجوفاء قوم
وكم بالشهرة اندثر الشهير!!
فبعض الناس يقتله خفاء
وبعض الناس يقتله الظهور!!
أحاوره عبر ديوانه «نشيد أوروك»، فأشعر وكأنه يناديني قائلًا: (انظر وراءك
في غضب، كم خسرت من الأرض حتى وصلت لمنفاك!!)
عدنان هذا، تفجرت أبجديته «فجأة»، فجمع أيامه في محتوى كـ«سم الخياط»، كأنه حبات الحصى التي كونت جبالًا لا تتصدع حين تصادم المألوف، والسهل، واليسير!!
ذات تبادل، شكوت له الحزن، فقال، والدمع يفضح جدار ابتسامته:
«ضع حزنك في جيب مثقوب وامش»
سألته: أمشي إلى أين أيها الصديق؟!
امتعض من السؤال، وأجاب بدمع أزرق:
إلى أين يمضي بأحزانه المتنبي؟!
وعشرون كافور فوق عروشهم، ويحلبون قوافيه ليل نهار، ولا يتركون له غير ريح
السؤال!!
«هكذا هو عدنان يحلم بالصباح، صباح بمزاج عصافير تنقر نافذة الروح»!!
أوجعني كثيرًا، وبكيت طويلا؛ لأن هذا الوسيم يتسكع كليل أضاع من خوفه
النجوم، وبقي وحيدًا، لا يرغب فيه عاشق، ولا يستعمره ظالم!!
استوقفني بعبارته «المتوجعة»، وهو يوزع جماله على نوافذ السراب، وكل الذي يحمل «زوجة وطفلين وكتبا» تجاوزها الراكضون، ولم يبق له من نصيب
سوى القصائد ورمل المضمار!!
لا عجب؛ فهو يرى أن الشعر خير من يسعى به قول!!
أوقفني، وليته لم يفعل؛ لأنه قال:
أصيح على قارعة المارة:
من يرحم عمرًا كالثلج يذوب في عز الصيف،
بكيت على صحب سيذوبون على طاولتي،
أحسست بلا جدوى العالم...
هكذا هو عدنان دائما.. كلام لم يكتمل!!.