لماذا نحب ونكره في وقت واحد!


 

هل الحب يشفي من الأمراض؟ هذا السؤال يجيب عنه الكثير من أطباء النفس والجسد بنعم، ويؤكدون إجابتهم بأن ذلك من الحقائق العلمية التي يرونها تجري أمام أعينهم في كل وقت، لذلك ليس من المستغرب أن يؤكد صحة هذه الحقيقة العلمية من يحمل الصفتين معًا الطبيب والأديب مثل الكاتب «مصطفى محمود»، الذي يقول في كتاب له: «جرب ألا تشمت، وألا تكره وتحقد وتحسد، وألا تتشاءم، وسوف تحس بنفسك، النتيجة المذهلة، وسترى أنك يمكن أن تشفى من أمراضك»، إنها تجربة شاقة تحتاج منك إلى مجاهدات مستمرة ودائبة مع النفس، وسوف يستلزم ذلك منك أن تظل في حالة حرب معلنة على أنانيتك وطمعك، حرب يشترك فيها العقل والحزم والإيمان، والإصرار والصبر، والمثابرة والإلهام.

في هذا السياق يوضح علماء النفس أن الحب والكراهية لشخص واحد في نفس الوقت هما عنصران أساسيان في كل الارتباطات الإنسانية، وأن الإنسان مخلوق معقد نفسيًا، فعندما ينجذب أحدنا إلى شخص ما تبدأ في نفس الوقت عاطفة مضادة، وهذا التضاد في مشاعر كل منَّا يحتل مساحة كبيرة في اللاوعي بعيدًا عن الأسباب المنطقية. حتى أن كثيرًا من الناس يحتارون من هذه العاطفة المزدوجة، الحب والكراهية في نفس الوقت. وهذه العاطفة بحسب قول علماء النفس تنشأ عادة من الطفولة، من علاقة الطفل بأمه، فالطفل يواجه صراعًا عميقًا بين الرغبة في التحرك، بعيدًا عن أمه ليعتمد على نفسه، والرغبة في أن يظل في حضنها.

الحب والكراهية، هذه العاطفة المزدوجة في نفوسنا هي صدى لكل تجاربنا منذ الطفولة، وتوقظها حاجتنا لنكون مختلفين، بمعنى أن المحب العاقل يفهم أنه لن يحب طول الوقت، فتوجد لحظات غضب تنصب على أنفسنا أو على آخرين في ماضينا، وحتى يرتاح تفكيرنا تجاه تأرجح حالتنا العاطفية، يمكننا أن نفهم أن هذا التأرجح انعكاس طبيعي لاستمرار الحب.

يقول الطبيب والأديب «مصطفى محمود»، إنه لا فرق بين الحب والكراهية، كلاهما نار، اهتمام شديد وارتباط حار بين قلبين، ولولا الاهتمام ما كان الدم يفور هكذا، ولا الأعصاب تتمزق.

ويؤكد «مصطفى محمود» أن الكراهية تكلف أكثر من الحب، لأنها إحساس غير طبيعي، إحساس عكسي مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض. وهي حركة تحتاج إلى قوة إضافية وتستهلك وقودًا أكثر.. الكراهية نمو إلى تحت، وليس نموًا إلى فوق، إنها نمو يتغذى على نفسه ويأكل بعضه، والحب الذي ينقلب بسرعة من غرام ملتهب إلى كراهية ملتهبة هو الحب الشهواني الأناني الصغير الضيق الأفق الذي لا يحالفه الفهم والعقل.

إن حكاية Love- hate أو الحب والكراهية في نفس الوقت استغرقت كثيرًا من الوقت في فهمها.. فالحب هو سيطرة مشاعر معينة على الشخص تجاه شخص آخر.. وهذا يمثل استعبادًا أو استعمارًا له.. ونحن نحاول التخلص من هذه العبودية بمشاعر مضادة هي الكراهية، خاصة عندما يحرمنا هذا الحب من حريتنا.. ويستغرق أكثر وقتنا.. وبالأخص إذا كان الطرف الآخر لا يهتم كثيرًا بهذا الحب.. إنها علاقة معقدة، والغريب أنها السائدة في أغلب حالات الحب في العالم كله.

 

أشياء أخرى:

«وراء كل رجل ناجح امرأة تحدثه عن الأكثر نجاحا»