وفي تلك الفترة تدرج زميلي في وظيفته في
المنصب حتى احتل مكانة لا بأس بها بالمنشأة، وكان قانعاً لا ينظر إلى أي من
زملائه، زاد راتبه أو منصبه عنه كثيراً أو قليلاً، فلا يغضب، فهم زملاؤه وما
يفرحهم يسره ويبهجه، والحياة أرزاق، ولكن فوجئ سعيد كغيره، بمديره الذي هو في
الأصل زميله، والذي تعين معه في المنشأة في نفس الشهر والعام، وصحيح أن راتب زميله
المدير ضعف راتبه، بل وأكثر! ولكن سعيد وزملاؤه يسعدون له، فهو زميلهم، وبالطبع هو
أكفأ من أي منهم، لأن الإدارة جعلته مديراً عليهم جميعاً.
ولكن ما أغضب وأحزن
الجميع، هو أن الزميل المدير أتى بمن هو أحدث منهم جميعاً في كل شيء، في سنة
التخرج، أو سنوات الخبرة، أو التأهيل، أو حتى السن، ليعينه على راتب يزيد على دخل
أي منهم! وقد ذهل الجميع، فقد كسر مديرهم جميع الحواجز من المؤهلات وسنوات الخبرة
وجميع الفوارق! صحيح أن الشخص الجديد هذا هو رزقه ونصيبه، ولكن لماذا يكونون هم
الضحايا المظاليم دائماً؟ لماذا يكونون أقل الأقل! إنهم يسعدون للشخص الجديد إذا
تعين بدخل ممتاز، ولكن لماذا يظلون هم بدخول ثابتة، بلا أمل في الزيادة؟
إذا تعديت
كل الفوارق واستهنت بالناس، وجئت بإنسان جديد على الجميع لتجعله مساوياً للجميع،
فلابد أن تنصف أولي الخبرة، لذلك تقدم الجميع بطلبات للإنصاف، أسوة بمن حل جديداً
عليهم، لكن هيهات! فقد نسي الزميل المدير في طي رحلاته المكوكية للعواصم العالمية،
على حساب المنشأة، زملاءه الذين أعانوه لكي يصل لمكانته المرموقة والمقربة من
أصحاب المال، لذا قال كلمته: «هذا الشخص الجديد هو أكفأ منكم جميعاً! ومن لا يعجبه
فليقدم لي استقالته!».
إنها منتهى السخرية والاستهانة والاستهزاء، إن المدير لن يدفع لأي أحد من جيبه الخاص، ولن يوافق على زيادة راتب أحد دون أن يستحقه، وإن كان قد أتى بشخص أقل من أي أحد في الموجودين وألحقه بالعمل بدخل ممتاز، فالأولى أن يزيد دخول أفراد المجموعة القديمة، الذين أفنوا أعمارهم في خدمة المنشأة، ولكن لا، محالة! هكذا نطق المدير.
للتواصل مع الكاتب أشرف عمر [email protected]