أثار مسلسل «هوامير الصحراء» الذي عرض على «روتانا خليجية» في رمضان الحالي، ردود فعل المشاهدين والنقّاد الفنيين، منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي خصوصاً وأن العمل تدور أحداثه حول شخصية رجل أعمال من الطبقة المخملية وكواليس حياته اليومية، ليكون أول عمل درامي سعودي يطرح بهذه الجرأة والتي كانت سبباً رئيسياً في منع الصحفيين والإعلاميين من حضور أي موقع من مواقع التصوير، كما فسّره البعض، خوفاً من أن يتمّ تسريب أحداث العمل التي قد تكون سبباً في منع عرضه. فهل هذه التوقّعات صحيحة ولماذا اتّهم العمل بالجرأة؟ «سيدتي» جمعت هذه التساؤلات وواجهت بها المعنيين، أبطال العمل والكاتب من خلال التحقيق التالي:
مشهد يجمع أحمد الصالح والمخرج أيمن شيخاني وميساء مغربي
السلبيات
لاحق العمل العديد من الإتّهامات وأهمها الجرأة، حيث تناول شخصية رجل أعمال سعودي من خلال شخصية أبو عبد اللطيف الرجل الثري والتي قدّمها الممثل الكويتي أحمد الصالح. وأشار البعض إلى أن هذه الشخصية فيها تلميحات لشخصية سعودية محدّدة. وقد اتّهم العمل بأنه عرض أول قبلة بالدراما السعودية، حيث عرض مشهد قبلة رجل الأعمال السعودي لعارضة الأزياء الفرنسية وهي تجلس بجانبه على خدها. كما اتّهم فريق العمل بأنه تكتّم على الأحداث خوفاً من منعه، وذلك بسبب منع الصحفيين من حضور التصوير أو الإطّلاع على الأحداث قبل عرضه في رمضان.
ومن الإنتقادات التي تمّ تداولها عرض العمل في شهر رمضان لما يحمله من مشاهد جريئة، حيث تمّ عرض مشاهد للرقص والموسيقى، وهو ما لا يتماشى مع الشهر الفضيل.
دفاع
الممثل السعودي عبد الله العامر هو بطل من أبطال العمل وكاتب
السيناريو والحوار بمشاركة الكاتب عبد الله بخيت. وهو يقدّم دور حمود، زوج الإبنة الصغرى
لرجل الأعمال والذي يعتبر أقل من أسرتها مكانة اجتماعية، وتقوم بدور الزوجة الممثلة
أميرة محمد. وقد واجه كل هذه الأقاويل قائلاً: «كل هذه الإتّهامات برأيي ليست إلا من
أعداء النجاح. فالعمل والحمدلله نجح بشكل كبير جداً، وهذا متوقّع من قبلنا لاسيما وأننا
تناولنا شخصية عامة موجودة في الواقع، وهي شخصية رجل الأعمال الثري وما له من تصرّفات
في الخفاء. وأرفض ما يقال عن أنها شخصية غير واقعية، فهذا غير صحيح. وأكبر دليل على
ذلك، قضية هشام طلعت مصطفى التي كشفت لنا عن خفايا رجل أعمال شهير لم نكن نعلم بها.
ولكن، ليس المقصود شخصاً معيّناً بل حياة رجل الأعمال الثري بشكل عام في الخليج». أما
في ما يخصّ مشهد القبلة فقال: «المشهد كان يتطلّب حدوثها. ومن الطبيعي ألا نغفل عنها
خوفاً من ضياع الفكرة الرئيسية. وعلى أي حال، هي قبلة على الخد لا تحمل أي إثارة.
ولا أعتقد أنها تؤخذ كنقطة سلبية علينا، بل كنقطة إيجابية، حيث لا نجد طرحاً جريئاً
في الدراما السعودية أو الخليجية بهذا الشكل، وهذه تعتبر خطوة جريئة للعمل. وفي ما
يخصّ الرقص والموسيقى أيضاً، فهما أمران موجودان وواقعيان في حياتنا، ولمَ ننكر ذلك؟
وقبل الحكم على العمل، هناك عبرة يجب أن يؤخذ بها، وهي عدم الرضوخ لكل ما يقال حتى
ولو لأصحاب النفوذ والمال». أما عن توقيت عرض المسلسل في شهر رمضان فقال: «أدعو أصحاب
هذه الآراء إلى الإستمتاع بالقصة التي هي أهم من كل هذه الإنتقادات».
أما عن سبب عدم حضوره أحد المؤتمرات التي تمّ عقدها من قبل «روتانا خليجية»، وعمّا إذا كان هناك خلافات بينه وبينها في وجهات النظر كما قيل، نفى هذا الكلام جملة وتفصيلاً مؤكّداً أنه لم يحضر بسبب انشغاله في التصوير ليس إلا. وأضاف: «روتانا خليجية» أثبتت من خلال العمل أنها أكثر قناة قادرة على عرض أي عمل درامي، كما أنها تقدّمت على قنوات منطلقة منذ سنوات، وكانت داعمة للعمل بشكل كبير جداً وخدمته بكل طاقاتها، حتى أن الأستاذ تركي شبانة كان يشرف مع فريق التصوير يومياً على كل التفاصيل».
أميرة محمد وميساء مغربي وممثلة سعودية صاعدة
ما يقال مجرّد تكهّنات
أما بطل العمل الكويتي أحمد الصالح والذي يقدّم شخصية رجل الأعمال الثري أبو عبد اللطيف في المسلسل، فقال: «إن أصداء العمل في السعودية سبقت الكويت. ولكن، بعد أن وصلت إلى الكويت وجدت ردود فعل إيجابية والحمدلله. وأعتبر أن العمل وبغضّ النظر عن كل الإنتقادات، نقلة في الدراما السعودية بل الخليجية بشكل عام». أما عن القبلة التي ظهرت، فقال: «المعالجة الدرامية تتطلّب مشاهد معيّنة، وهذا ما حدث معنا، وهي نقطة إيجابية أيضاً لحبكة العمل». أما ما يقال عن تلميح حول شخصية معيّنة، فأقول، لقد لمّح العمل لشخصية موجودة في الواقع، بشكل عام، ولكن ليس لشخصية معيّنة. وما يقال مجرّد تكهّنات غير صحيحة، وكل هذا الهجوم ليس له أي أساس من الصحة. بالعكس، فالعمل يعتبر بداية لخط جديد في الدراما السعودية سواء بالجرأة أو الطرح أو القصة».
رفض وغضب
كاتب العمل عبد الله بخيت غضب بشدّة من كل ما يتردّد ورفض التعليق على السلبيات وقال: «أرفض حتى أن أجيب على تساؤلات تهدف للإنقاص من شأن العمل، لأننا بكل بساطة حقّقنا ما لم يستطع غيرنا تحقيقه. وبناء على ذلك، هناك محاولات تسعى لهدم ما بنيناه، خصوصاً حول ما يقال إننا نقصد شخصية معيّنة، وهذا الكلام غير صحيح. فأنا كاتب العمل، وأعلم أن القصة كانت من الخيال وهي شخصية «فانتازية»، ولا يحقّ لأحد أن يقول كلاماً ليس له أي أساس من الصحة. وهذه الآراء تعتبر قذفاً بالعمل، فنحن نتكلّم عن عمل محترم يعرض على قناة محترمة، ويضمّ أبطالاً محترمين. إضافة إلى أن الموضوع يطرح في مجلة محترمة، ويجب ألا نأخذ الآراء المتشدّدة فيه، بل يجب أن نكون حياديين. فالعمل والحمدلله وفّق أكثر ممّا كنا نتوقّع له. لذا، نحن بالفعل بصدد التحضير للجزء الثاني، لاسيما وأن العمل ما زال فيه الكثير من الأمور التي لم نتطرّق لها، والنهاية تركت مفتوحة، ما يعني أنه يحتمل وجود أجزاء أخرى». وعمّا إذا كان سيعرض الجزء الثاني على «روتانا خليجية» أيضاً، قال: «بالتأكيد، فنحن كنّا فريق عمل كاملاً ومتكاملاً تحت إشراف الأستاذ تركي شبانة وبميزانية مريحة تخدم العمل، وهذا شيء لا يمكن أن نستغني عنه».
أما في ما يخصّ القبلة فقال: «لا أعلم بمفهوم القبلة لديكم، فالقبلة هي على الشفاه، وما حدث لم يكن جديداً لا على الدراما السعودية ولا على الخليجية. فكم من الأعمال التي عرضت وكانت فيها قبلة على الخدّ لممثل مع شخصية تؤدّي دور الأم أو قبلة على الرأس. هذا كلام أترفّع فيه عن الرد». وعمّا لاحق التصوير من تكتّم بحيث لم يتمّ كشف الأحداث ممّا قد يهدّد عرضه قال: «أبداً، هذا الكلام غير صحيح. فهدفنا كان تجنّب المشاكل التي قد تحدث بحضور الصحافة لأماكن التصوير، خصوصاً بوجود ممثلات في السعودية. والكلام الذي ذكر غير منطقي. فهل يعقل إذا حضر صحفي مشاهد العمل أن يستطيع تقدير أحداث العمل وقصته والتي قد تكون سبباً في منع العرض؟! هذا أمر يفوق الخيال».
ميساء مغربي ومريم الغامدي وأميرة محمد
دور راقٍ في عمل ضخم
بطلة العمل ميساء مغربي التي قدّمت دور الإبنة الجوهرة تقول: «العمل جريء بالطرح، ولكنه راقٍ جداً، بل هو من أرقى الأعمال التي تناقَش كقصة بسيناريو وحوار بنّاء يضيف لنا، ولا توجد فيه إباحية كي تلاحقه هذه الإتّهامات. بالعكس، فقد تكلّم بحدود وبشكل مباحٍ عن خفايا كثيرة في الواقع، على عكس بعض الأعمال التي عرضت سواء هذا العام أو الذي سبقه وحملت مشاهد كانت خادشة للحياء إن كان بالنص أو بملابس الممثلات. ونحن احترمنا المشاهد الخليجي بالنص والحبكة الدرامية، لكننا أحياناً نهوى التهويل ليس إلا. فهو باختصار عمل يقدّم الحياة الغامضة والمشوّقة لبعض الأشخاص عبر امتدادهم السياسي والإجتماعي والشخصي، فمن أجل المال ومن أجل المتع الحسية يندفعون ضاربين بالمبادئ الإنسانية والقيم والأخلاق عرض الحائط، واضعين الثروة والمتعة والسلطة هدفهم الأسمى. فهؤلاء يعيشون حياة مختلفة لا تخلو من الصراعات الداخلية التي تصل إلى حد البطش أحياناً.
وما يقال حول تناولنا شخصية معيّنة، غير صحيح. فالعمل لا يجسّد سيرة ذاتية لأحد كي يقال عنه ذلك. نحن تناولنا شخصية تمثّل ظاهرة، وهذا دورنا بتقديم الأعمال الدرامية للظواهر النادرة. فقد يقدّم العمل موعظة معيّنة، وقد تكون مقولة لأحد الزملاء بالعمل وهي: «فلوس الدنيا لا تكفي أحداً مقابل صحته». وقد تكون هي أساس العمل، وعبرة للمشاهد». وعن وجود جزء ثانٍ للعمل قالت: «العمل يحتمل وجود جزء ثانٍ، لكن بالنسبة لي لا بدّ أن يكون هناك تطوّر في شخصية الجوهرة التي قدّمتها لأتمكّن من المشاركة، خصوصاً وأنني أحببت الدور. لا أريد أن أكرّر نفسي، بل لا بدّ من وجود شيء جديد، فشخصية الجوهرة تحمل الكثير من التناقضات والتركيبة الصعبة التي أضافت لميساء مغربي. ولا بدّ أن يكون هناك جديد في دوري كي أشارك في الجزء الثاني».
الإيجابيات
حمل العمل أيضاً آراءً إيجابية، منها الجرأة التي قيل إنه آن الأوان لطرحها بالدراما السعودية والخليجية بشكل عام. وكانت جديدة وخارجة عن المألوف وواقع موجود يتجنّبه البعض، خصوصاً في التفاصيل التي تمّ تناولها، إضافة إلى تقديمه لقصة جريئة ومتماسكة يتنامى فيها الحدث بحيوية عبر القصص الجانبية لأبطال المسلسل التي تجري كل واحدة منها على حدة، لكنها تؤثّر وتتأثّر بالمسارات الأخرى.
لم يعتمد العمل على أبطال مشهورين، ولكنه ساهم في إبراز العديد من الأسماء. ومن مزاياه أنه أعاد بعض النجوم إلى الواجهة الدرامية من جديد.