لا يعرف أحد كيف توفّي الفنّان أحمد رمزي الشهير بـ "الولد الشقيّ" .. كلّ ما كتب في الصّحف أنّه وقع في الحمّام وحدث له هبوط مفاجئ في الدورة الدمويّة. ولكن كيف نُقل إلى المستشفى، وماذا قال لمرافقه الذي كان يعيش معه.. هذه التفاصيل يرويها شاهد من موقع الحدث، وهو ابنته بكينام من عطية الدرمللي، زوجته الأولى، وحبيبة عمره، كما كان يقول دائماً. وكانت باكينام تزور والدها بصفة مستمرّة، وهي تقول:
"عرفت بعض تفاصيل ما حدث يوم وفاة والدي .. فقد استيقظ كعادته في السّاعة الثانية عشرة ظهراً .. وخرج من حجرة النوم متوجّها إلى الحمّام .. نادى على "عبد الله" الذي يرافقه منذ أكثر من 40 عاماً طالباً منه إعداد الإفطار، وهو عبارة عن جبن أبيض بدون ملح وخبز وكوب من اللبن، فهذه وجبته التي كان دائماً يتناولها في الصباح.. وعندما دخل الحمّام شعر بالدوران، فسقط على الأرض.. أحسّ خادمه بأنّ شيئاً ما وقع، فنادى عليه يا أستاذ رمزي .. ردّ عليه بصوت مخنوق "الحقني يا عبدالله" .. لم يستطع عبد الله أن يرفعه من على الأرض، فنادى جاره في الفيللا التي بجواره، وهي فيللا الراحل صالح سليم، صديق عمر والدي، ويسكن فيها دائماً، صيفاً وشتاءً، نجله الأكبر خالد سليم الذي سمع صوت الخادم، فجرى بسرعة. وكان عبد الله قد طلب الإسعاف، فرفع خالد والدي من على أرض الحمّام، وحاول أن يُجلسه على كنبة "الأنتريه"، فيما كان صوت بابا خافتاً للغاية، وقال له "أنا مش قادر أتحرّك يا خالد".
لحظة الوفاة
جاءت الإسعاف، وحملت والدي، وأثناء سيرها باتجاه مستشفى العلمين، كانت روح والدي قد صعدت إلى بارئها. وعندما وصل الجميع إلى المستشفى فشل الأطباء في إعادة الحياة إلى قلب والدي .. على الفور اتّصل خالد بـي، وأخبرني بالنبأ المشؤوم، فأخبرت شقيقتي نائلة وأخي نوّاف وزوجة أبي نيكول التي تعيش في لندن.. ثمّ حضرت إلى المستشفى أنا ونائلة ونوّاف .. وبعد نصف ساعة من وفاته، انتشر الخبر، وعلم الجميع. ومن هنا، اختفى خالد صالح سليم من الصورة نهائيّاً، وحضر الجنازة وهو يرتدي نظّارة شمسيّة.
كما حضر أيضاً أحمد السّقا، الذي صاحب والدي، منذ أن صوّر معه ثلاثين حلقة لبرنامج "أنا والأستاذ"، حيث حكى فيه أبي مقتطفات من حياته، وقد كان يقول دائماً: لن أكتب قصّة حياتي، وما قلته في أيّ برنامج ليس إلا مقتطفات صغيرة من حياتي.. منذ ذلك الوقت، أصبح الاثنان صديقين، فقبلها لم يكن والدي يعرف اسم أيّ فنّان من الموجودين على السّاحة الفنيّة سوى هشام سليم، بحكم أنه ابن صديق عمره الكابتن صالح سليم .. وعندما كنّا نسأله عن الممثلين الذين شاركوه مسلسل "وجه القمر"، كان يقول: "فاكر شكلهم"، وكنّا نقصد نيللي كريم وغادة عادل مثلاً، وكان يقول "أنا عملت هذا المسلسل من أجل فاتن حمامة، ومثّلت فيلم "الوردة الحمرا"، من أجل المال؛ لذلك لم يكن غريباً عندما وجدنا على هاتف والدي رقم أحمد السّقا وهشام سليم ومنزل نادية لطفي، لأنّها لا تستخدم الموبايل. والذي لا يعرفه البعض أنّ أبي كان يُحاول الابتعاد عن الوسط الفنيّ نهائيّاً، ويحبّ الطبيعة كثيراً.
الحزن في القلب
لم يحضر أبي جنازة أحد حتّى صديقته هند رستم، فقد كان يقول: الحزن في القلب فقط، والذي يذهب لتقديم العزاء يكون هدفه التصوير؛ لذلك سارع إلى شراء مدفن في سيدي عبد الرحمن، بالقرب من البدو وأهل السّاحل الشماليّ الذين كانوا يعشقونه ويخدمونه .. لذلك لم يُشارك في تشييع جنازته سوى أهل السّاحل الشماليّ وخالد صالح سليم وأحمد السّقا وطارق عمر الشريف، بالنيابة عن والده الذي هو مريض في فرنسا. وليس صحيحاً أنّ عمر الشريف لا يعلم إلى الآن بوفاة صديق العمر، بل علم بعد الوفاة بنصف ساعة من ابنه طارق عمر الشريف.
نفت بكينام الشّائعات التي تردّدت بأنّ أحمد رمزي توفي نتيجة الاكتئاب، بسبب حالة ابنه الصحيّة وقالت: هذا ليس صحيحاً، فنوّاف أخي عمره 35 عاماً، وكان والدي يُحبّه جدّاً، حيث كانا يذهبان إلى الحفلات الفنيّة سويّاً، كما كان أخي يعيش مع أبي لمدّة 6 أشهر، ثمّ يعود إلى لندن مرّة أخرى، لأنّ نوّاف يعشق لندن، ويقول إنّهم شعب يعرف كيف يتعامل مع المعاق، فهناك باصٌ مخصّص للمعاقين، فضلاً عن الاهتمام غير العادي بهم. ومن الناحية الطبّية، يتمتّع البريطانيّون بالتقدّم الكبير، وكان أخي يُسافر مع "تانت" نيكول، زوجة أبي.. فنوّاف كان بالنسبة لأبيّ نبض قلبه، وكان يُحبّه جدّاً.
بكينام أحمد رمزي: هكذا قضى أبي لحظاته الأخيرة
- مشاهير العرب
- سيدتي - شريف علي
- 18 أكتوبر 2012