كلّما كبر سناً كبر في عيوننا كفنان له تاريخه الذي لا ينسى. إنه دريد لحام تلك الماركة الفنية المسجّلة منذ قرابة نصف قرن، وللآن لا زالت محتفظة بجودتها الفنية. شاهدناه هذا العام بشخصية أبو نمر في مسلسل "الخربة". الكثيرون خافوا عليه من السقوط في عمل قد يؤثّر على تاريخه الفني، ولكنه قرّر المشاركة بخطى واثقة ليثبت مجدداً أنه فنان لا يعرف إلا النجاح والتميّز. راهن على دوره في العمل فنجح فيه. دريد لحام في حوارنا التالي يتحدّث عن "الخربة" وهل كان راضياً عن أدائه في العمل وكيف تعامل مع أصدقاء الأمس فيه؟ وكيف وجد أجواء العمل؟ وكيف يرى الواقع السياسي وأثره على الدراما السورية مستقبلاً:
-
لنبدأ من المسلسل الكوميدي "الخربة" الذي شاركت فيه بعد غياب عن الدراما لسنوات عدّة. فما السبب الذي دفعك للمشاركة فيه خاصة أنه يعرف عنك شروطك الصعبة لقبول أي عمل درامي؟
الحقيقة العمل جميل وخفيف، وما وصلني عنه أكّد لي محبة الناس له عند عرضه حيث أكّدت الأغلبية خفّة ظلّه وجمال طرحه. لن أقول لك إن نسبة من أحبّوا العمل وشاهدوه على قاعدة النسب الانتخابية السياسية (يضحك) 99,99 بالمئة، ولكنها مرضية جداً. العمل وصل للقلوب والعقول. وقد جذبني منذ قراءة نصه، فمضمونه وحواراته وقصصه وشخصياته جذّابة. لا شك أن خياراتي كما ذكرت دائماً محدودة جداً. ولهذا، قد لا أقدّم سوى عمل واحد كل عدة سنوات، وذلك بسبب خوفي من المشاركة في عمل قد لا يلقى النجاح وخوفاً على تاريخي الفني المسرحي والدرامي والسينمائي الذي أعتزّ به كثيراً ولا يزال في الذاكرة وموجوداً على الشاشات العربية على الرغم من مرور سنوات طويلة عليه. الحقيقة، أي فنان يمكنه المشاركة بدون قراءة النص في عمل كتبه ممدوح حمادة وسيخرجه الليث حجو لأنهما مبدعان ويقدّمان دائماً أعمالاً مدروسة وعلى سويّة فنية عالية. عندما قرأت نص المسلسل زادت رغبتي بالمشاركة في العمل لأنه متكامل وجميل.
أيام الشباب
-
بعد انقطاع لسنوات عن العمل ربما شعرت بالاسترخاء وعدم الرغبة في خوض غمار متاعب المهنة ومشاقها مجدداً. هل شعرت أثناء التصوير بالتعب والإرهاق خاصة أنه صوّر في قرية وشروط العمل هناك صعبة من حيث الأماكن والملابس والأجواء وغيرها؟
العمل أعادني بالذاكرة إلى أيام الشباب عندما كنت أدرس في هذه المنطقة وفي بلدة صلخد بالتحديد عام 1959 – 1960م منذ ما يزيد عن الخمسين عاماً. فهناك أتقنت اللهجة المحلية لأهل الجبل. أنا أحب الريف. وكانت هناك حميمية في العمل وبما يحيط به من أجواء. وهذه الملابس كنت قد ارتديت مثلها في بداياتي عندما كنت أرتدي "الشروال" في أعمالي الدرامية في فترة الستينات، حيث كان هذا النوع من الملابس لايزال منتشراً بين كبار السن في سوريا. لقد استمتعت بالعمل. وكان يوم انتهاء التصوير يوم حزن عميق وقاسياً جداً عليّ لأنني شعرت بأنني سأغادر المكان والزمان والفريق حيث عملنا معاً لفترة في هذه المنطقة. والحقيقة، كل من شاركوا في العمل كانوا على مستوى مميّز من الاحتراف والمهنية والأخلاق العالية.
-
علمت بأن المخرج الليث حجو كان يخجل عندما كان يقدّم لك التوجيهات والنصائح أثناء التصوير، هل هذا صحيح؟
هو سيّد العمل والموقف، وأنا أتقبّل منه كل توجيه. وعندما أقبل العمل مع مخرج ما، أصبح كالطفل بين يديه "طيّعاً" ورهن إشارته بما يريد. وهو كان يستشيرنا في كل شيء، ولكن في العمل الفني الرأي الأول والأخير للمخرج. وعلى الفنان حينما يختلف مع المخرج في رأي ما، أن ينصاع في النهاية لرأيه لأنه صاحب الرؤية النهائية للعمل. أنا بطبعي ألتزم بمواعيدي في العمل وأدخل التصوير مستعدّاً لكل شيء، أحفظ دوري وأنفّذ التعليمات المطلوبة مني كفنان كاملة. ولهذا، نادراً ما توجّه لي أي تعليمات من قبل أي أحد.
-
عندما تمّ اختيارك لتجسيد دور أبو نمر، ألم تسأل عن أسباب اختيارك له بالتحديد؟