وصل إلى بيروت (منكوشاً) ولم يستطع مصفّفو الشعر أن يضيفوا إليه شيئاً من مستلزمات النجومية، صوته جميل، حضوره خفيف الظل، غير "مبرمج" كالمطربين الذين يردّدون كلاماً مستهلكاً وفارغاً. أطلقته قناة الـ أم بي سي من برنامج "ألبوم" فحمل اللقب في حينها، وحمله عشقه للأغاني إلى مصر ليطلّ علينا بين فينة وفينة مقدّماً مجموعة من الأغاني معظمها باللهجة المصرية. لم يطرأ الكثير على نجومية هذا الشاب الموهوب، فشهرته التي حصل عليها من البرنامج لا زالت تراوح في مكان ما، يحلّ ضيفاً في البرامج التلفزيونية، يشارك كبار النجوم حفلاتهم وجلساتهم الخليجية... وشعره الغجري "منكوش".
كلمات أيمن بهجت قمر وألحان وليد سعد جعلا لهذا الشاب حضوراً وانتشاراً أوسع، يبقى الفضل لصوته الذي دفع شركة "بلاتينيوم" ومن حوله اليوم من شعراء وملحنين لتبنّي هذه الموهبة، لديه خامة صوتية جذبت الأذن المصرية والعربية... وإن علق في الشرك الفني المصري الذي يصعب الخروج منه، لكنه وبرغم ذلك قادر على "التميّز" وإثبات وجوده باستخدامه لأدواته الطربية وعلى رأسها "العُرب" الصوتية التي تسير معه على طول الأغنية كما في أغنيته الشهيرة "3 كلمات"، وكثير من إنتاجاته السابقة خاصة الطربي منها، حيث يسهب الجريني في استخدام "العُرب" الصوتية (لتحلية) وتجميل اللحن الأصلي، وهذه التقينة تميّز الفنانين المتمكّنين الذي يعرفون الأصول في حرفة الغناء، لكن الخبراء لا يفرطون في استخدامها كي لا يكرّروا ويعيدوا بحيث تفقد جماليتها، وكي يبقى "للعُربة" الصوتية قيمة بارزة حين تغنّى.
عبد الفتاح من المغرب العربي قدّمته القناة السعودية mbc، وانطلق من بيروت ويعيش الآن في مصر. وهنا لا بدّ من السؤال إذا كان عبد الفتاح قد أشاح بوجهه عن الفن المغاربي الغني؟ هل سيعيد تجربة وردة الجزائرية وسميرة سعيد وميادة الحناوي وقبلهم فريد الأطرش الذين دقّوا باب القاهرة و"نجّموا" في سمائها؟ أم أنه من الأفضل اعتماد تجربة الشاب خالد التي هي أكثر التصاقاً بلهجته وجنسيته وتراثه والتي سهّلت شهرته مشرقاً ومغرباً وجعلته نجماً عالمياً؟
إن التقصير الذي يبديه الفنانون المغاربة المنفتحون على الشرق غير مبرّر هذه الأيام، فعليهم مسؤولية كبرى في نشر فنون بلادهم كما فعل الشاب خالد الذي أطلق الأغنية الجزائرية من خلال زاوية (الراي). وكانت المدخل الصحيح لنشر أغانيه وثقافته الفنية في حينها، وكما هو معروف أن الراي هو أكثر الفنون (شعبوية) وإن كان ليس بحجم الفنون الكلاسيكية المغاربية كـ (المالوف) والأغنية التقليدية المغاربية ككل، لكن الشاب خالد استغلّ هذا الباب وأدخل تجربته وشجّع نجوماً آخرين للمضي في نشر هذا اللون الغنائي. وهنا لا بدّ من التذكير بأن ما قدّمه صابر الرباعي ولطيفة وغيرهما الكثير من الفنانين المغاربة ليس كافياً تجاه فنون بلادهم الغنية والتي فيها الرقي، وفيها الفرح، والصور الجميلة الحالمة، وهو ما يستحق النشر بالتأكيد.
عبد الفتاح الجريني، أنت نجم محبوب ولكنك "متوفر" في مصر ولبنان والخليج، وهناك الكثير من الشباب الذين يوازونك موهبة وحضوراً، لذا نريد أن نسمع بصوتك الكثير من التراث المغاربي ومن جديد موسيقى الشباب المغربي المنفتح على التجارب الغربية التي ساهمت بشكل أو بآخر بنشر وشهرة الشاب خالد... وبالمناسبة الشاب شعره (منكوش) أيضاً.