في مهرجان الأردن الأول: لماذا غنّت مكادي نحاس مدّة أطول من محمد منير؟

أوقد رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي شعلة مهرجان الأردن الأول في المدرّج الروماني الأثري العتيق بقلب العاصمة الأردنية عمّان، بحضور وزير الثقافة الدكتور صبري ربيحات وعدد من الوزراء والسفراء العرب، معلناً انطلاق فعاليات الدورة الأولى له حيث سبقته دورة تحضيرية العام الماضي، اقتصرت على حفلات الغناء فقط دون فنون الشعر والمسرح والفولكلور الأخرى. قدّمت حفل الإفتتاح النجمة نادرة عمران، في أول سابقة من نوعها، أن تقدّم ممثلة حفلات المهرجانات الأردنية. وربما وجود الممثل رشيد ملحس كمنسّق عام له، لعب دوراً في هذا الإختيار.


 


كما تقرّر اشتراكهما في حفل فني واحد, أُقيم للفنان المصري محمد منير والفنانة الأردنية مكادي نحاس مؤتمر صحفي واحد، أداره طلعت شناعة. وأحبّ منير في كلمته ردّ معروف الأردن تجاهه، فكشف أن انطلاقته الفنية الأولى كانت من عمّان، وأنه مدين بشهرته العربية لشاشة التلفزيون الأردني وللمخرج الأردني الراحل حسيب يوسف الذي ألقى الضوء على تجربته الغنائية في برامجه الفنية، ووجّه تحية شكر وتقدير لإدارة المهرجان على اختيارها له ضمن نجوم الدورة الحالية. أما مكادي نحاس، فكشفت أنها نشأت على أغانيه وخصوصاً «الليلة يا سمرا». وتشاء الصدف أن تكبر وتغني معه في حفل فني واحد، وهذا الأمر لم يدهشها فقط بل أدهش والدها أيضاً.


بين الحيرة والغياب

وكانت «سيدتي» أول من افتتحت المؤتمر بأسئلتها حول حيرة محمد منير بين الغناء والسينما، وسرّ غيابه عن أهم المهرجانات العربية، فأجاب: «لا أعيش أية حالة حيرة والتباس بينهما لأنني أمارس السينما من باب الهواية لا الإحتراف، وأتعامل

معها لليوم بإحساس وشغف الهاوي. لذا، شاركت في أفلام قليلة بعدد

أصابع يدي، ولم أبحث يوماً عن أدوار البطولة. وقد قرّرت مؤخراً الإبتعاد عن السينما مؤقتاً، ولن أعود إليها

إلا للتحدّث عن تجربتي وذاتي كمغن، له رؤيته الخاصة لبلده وشعبه. ولم يحدث أن وجّهت لي دعوة إلى مهرجان عربي ورفضتها، وقد غنّيت سابقاً في جرش وقرطاج وعواصم أوروبا في أهم المهرجانات العالمية.

 

فنانون في فنادق 5 نجوم

وأكّد محمد منير أنه لا يوجد فن بشع بالمطلق، بل يوجد فن قوي وآخر ضعيف، والجمهور يختار بينهما، وغالباً ما يختار الفن القوي والجميل والصادق. وتساءل: «لا أعرف إن كان من سوء حظي ولادتي

في هذا العصر، إلا أنني سعيد جداً بأن الناس في الشارع العربي يحلمون معي وأحلم معهم، وبينما يغني فنانون في فنادق خمس نجوم في ليلة شتاء باردة، يأتيني الآلاف تحت المطر متحدّين الصقيع والبرد، ليحلموا معي ويشاركوني ما أعيشه. الناس البسطاء في الشارع هم الذين يحرّضونني بحبهم وصدقهم على البحث عن الفن الأجمل، خلال مسيرتي الفنية الطويلة، وأعرف أنني إذا قدّمت أي تنازل فسيبتعدون عني فوراً لأنهم مثلي». وشاركته الفنانة الأردنية مكادي نحاس الرأي قائلة: «أتتني فرص كثيرة للمشاركة في مهرجانات، ولكنني رفضتها جميعاً لأنها لا تشبهني ولا تناسبني».

 

مكادي فنانة وشاعرة وملحّنة

بدأ الحفل بهدوء وبتقديم مسرحي من الفنانة الأردنية أسماء مصطفى والإعلامية الليبية أسماء مراجعة في مسرح «الأرينا» العريق الكبير الذي يتّسع لأكثر من خمسة آلاف متفرّج، ثم بوصلة الفنانة مكادي نحاس التي لم تذق طعم الشهرة الحقيقي إلا بعدما أطلّت على شاشة «المستقبل» اللبنانية ضيفة في البرنامج الشهير «خليك بالبيت» لمقدّمه الشاعر زاهي وهبي.

إستقبلت المطربة الأردنية مكادي نحاس في أول إطلالاتها الغنائية على مسرح «الأرينا» بتصفيق جماهيري حاد، وقدّمت أشهر أغنياتها الخاصة ومنها «نغم رحل» التي كتبتها ولحّنتها بنفسها.


منير يقدّم حفلاً قصيراً

مشاركة الفنان محمد منير في مهرجان الأردن الأول، نشرت عدوى الفرح بين محبّيه، خاصة وأنه مضى عقدان من الزمن على غيابه الفني، بعد مشاركته الفنية الأولى في مهرجان جرش الدولي للثقافة والفنون عام 1988. لذا، إنتظر الكلّ منه أن يهديهم أحدث أعماله الغنائية المسجّلة حديثاً والتي لم تصدر بعد، كما حصل من نجوم عرب آخرين في جرش أهدوا المهرجانات أغاني خاصة، مثل نجوى كرم عبر أغنيتها «جايي جرش» أو نانسي عجرم. حضر منير متأخّراً عن موعده حيث أُعيدت الفنانة مكادي  إلى المسرح للغناء ثانية، بعد إنهائها فقرتها وتوديعها جمهورها ومغادرتها، مما كشف تأخّره للجميع. ووصل إلينا من مصدر موثوق، أنه فوجئ بتأخّر المنظّمين عليه في الفندق، وأن لا علاقة له بهذا، لدقّة مواعيده في حفلاته. وامتدّت وصلة مكادي كاملة إلى ساعة ونصف. أما محمد منير الذي استقبله الجمهور الأردني بشوق، فلم يغنّ سوى ساعة وربع فقط منهياً حفله في الحادية عشرة مساءً. ومقارنةً بكل حفلات مهرجانات جرش والأردن معاً، يعدّ هذا الحفل الأقصر زمنياً في تاريخ حفلاته الفنية. وأرسل إشارة تدلّ على أنه كان ربما مرهقاً أو متوتر المزاج.

إفتتح منير وصلته الغنائية بأغنيته الأشهر التي أطلقته عربياً في الثمانينيات «الليلة يا سمرا» تلاها بـ «يا بنت السلطان» ثم «علّي صوتك بالغنا». ثم غنّى بأسلوبه المميّز أنجح الأغاني الأردنية المشهورة عربياً بصوت صاحبها إسماعيل خضر «يا طير يا طاير» وقد أُعجب بها محمد منير في الثمانينيات وغنّاها بإذن صاحبها، وحقّقت نجاحاً جديداً بصوته.

ثم أدّى أغنية «أنا بعشق البحر» وهي أصلاً لنجاة الصغيرة ثم «قلبي مساكن شعبية» التي احتلّت المرتبة الأولى بتفاعل الجمهور معها.

 

دردشة مع محمد منير

أجرت «سيدتي» دردشة مع محمد منير حول مشاركته في الحفل، بعد وصوله الفندق عبر مكالمة هاتفية تحدّث فيها رغم إحساسه بالتعب والإرهاق، فقال: بعد غيابي الطويل عن الأردن إثر مشاركتي الأولى في مهرجان جرش عام 1988، تشرّفت بالغناء في دورة مهرجان الأردن الأولى، وهو بحق مهرجان راقِ ورائع بجمهوره العميق فكرياً والحسّاس الذي فاجأني بحفظه معظم أغانيّ عن ظهر قلب، مما رفع مستوى التفاعل بيني وبينه إلى درجة الحميمية. وحول تجاهله المتعمّد لتقديمه أغنيته الشهيرة الجريئة «حرية» في الحفل، رغم مطالبة الجمهور المتكرّر لها دافع عن نفسه قائلاً: «ضيق الوقت وحده هو الذي منعني لا شيء آخر، وسأغنيها له في حفلاتي المقبلة إن شاء الله بعمّان لأني أحب جداً الأردن وشعبه، ولا أضيّع أي فرصة تتاح لي للمجيء إليه».

 

حريص على قراءة «سيدتي»

وعن غيابه عن المشاركة في المهرجانين اللبنانيين بيت الدين وبعلبك المناسبين لاتجاهه الفني تهرّب منير من الإجابة الواضحة بذكاء قائلاً: أي مهرجان عربي يطلبني للغناء فيه بمحبة واحترام لن أخذله، وسآتي إليه إن كان مناسباً لي ولتوجّهاتي الفنية. ووجّه كلمات رقيقة لقرّاء «سيدتي» بقوله: «أحب قرّاء هذه المجلة لأنهم يشبهونني بمتابعتهم الدائمة لها كمجلة راقية وشاملة، وأنا رغم انشغالاتي الفنية الكثيفة حريص على قراءتها دائماً».