هي تعترف بأنها ثرثارة، وهو يعترف بمزاجيّته.. هكذا بدأ الحوار بين صديقين رائعين. نجم سوري ينتمي لبيئة فنية حدّ النخاع، ونجمة سورية بدأت تخطو خطواتها خارج الحدود المحلّية السورية. كندة وقيس جمعتهما أشياء كثيرة، أوّلها الحب والتفاهم والانسجام ثم الأصدقاء والأهل وعالم واحد. هو عالم الفن والشهرة الذي قرّبهما أكثر في الوقت الذي يفرّق هو بين الفنانين. فكيف حافظا على علاقتهما حتى اليوم. "سيدتي" التقتهما في حوار مشترك كشفا فيه عن الكثير من أسرارهما.
• تبدو صداقتكما متينة في الوقت الذي يعاني فيه الوسط الفني السوري من قلّة الوفاء والصداقة" كما يشكو معظم الفنانين. إلى أين تمتدّ صداقتكما؟
- تضحك كندا متسائلة: "من سيجيب أولاً؟ ذلك أنني مشهورة بحبي للثرثرة وأني لا أترك دوراً لأحد"، وتواصل: "صداقتنا تمتدّ لأربعة عشر عاماً، أي منذ أيام الدراسة في المعهد، لكننا مثّلنا مع بعضنا البعض لأول مرّة وأنا في الثانية عشرة من عمري، بينما كان قيس لم يتجاوز السادسة عشر، وذلك في سهرة تلفزيونية بعنوان "موزاييك" أخرجها هيثم حقي.
- قيس: ثم عدنا والتقينا في المعهد العالي للفنون المسرحية، ومنذ ذلك الوقت ونحن صديقان. وأعتقد أن علاقتنا متينة لأنها بعيدة عن حسابات الوسط الفني أولاً، والأهم أنها بنيت على أسس صحيحة وواضحة هدفها التواصل.
- كندا: ناهيك عن كون لبنى مشلح (زوجة قيس) زميلة دراسة، وكنا قد تخرّجنا معاً. وفي الوقت ذاته، كان زوجي فارس الذهبي صديق قيس، وهذا قرّب العلاقة أكثر. وأعتقد أن استمرارية صداقتنا بهذا الشكل الجميل ترجع لعدم إدخال تفاصيل العمل في علاقتنا.
- قيس: وكان هذا بلا قرار وإنما بشكل تلقائي. نحن لا نتدخّل إطلاقاً في مصالح أعمالنا، لكننا نفرح كثيراً لبعضنا البعض في نجاحاتنا، ونهتمّ بالتحاور في تفاصيلنا المشتركة. لذلك، تجدين بيننا انسجاماً تاماً، حتى أن أصدقاءنا هم مشتركون بالصدفة.. ما زاد عمق علاقتنا أكثر وأكثر، ونحن نؤمن تماماً بأن فكرة علاقتنا كصديقين أهم بكثير من فكرة كوننا ممثلين.
• لكن صداقات كثيرة في الوسط الفني السوري انتهت بشكل تراجيدي.. برأيكما، ما هي أسباب انتهائها بشكل قاسٍ وكيف تتفاديا الأخطاء التي وقع فيها غيركما؟
- قيس: للأمر علاقة بالتربية أولاً، وبالأشخاص الذين شكّلوا محوراً في حياتنا منذ الطفولة وكيف أسّسوا فينا مبادئ الصح والخطأ، وأيضاً يتعلّق الأمر بكيفيّة رؤيتنا للحياة وكم نحن متوازنون مع أنفسنا واختياراتنا. فالذين قرّروا أن تأخذهم الشهرة ستتوه بُوصلتهم وتبعدهم عن علاقاتهم الشخصية التي هي محور حياتهم، والذين كانوا أكبر من شهرتهم إنسانياً حافظوا على شفافيّتهم، وكندة إحداهم. فهي بعد أن صارت من الأسماء الهامة في مصر عقب النجاح الكبير لـ "أهل كايرو" ظلّت متوازنة، ومع أنني كنت أراقبها في هذه المرحلة لأرى إن كانت ستتغيّر، إلا أنها كانت عند حسن ظني وصارت علاقتها بي أكثر عمقاً. ولو كانت ممثلة غيرها لأخذها الحال ربما وتخلّت عن علاقاتها القديمة أو الحقيقية .
أحلام وهموم مشتركة
• متى يكون الشخص متوازناً وما هي قوانين التوازن برأيكما؟
- كندا: هو الفصل التام بيني كفنانة وإنسانة، والتأكّد من أن آثار العمل ونجاحه يجب أن تغنيني إنسانياً لا أن تشوّهني وتؤثّر على علاقتي بنفسي وبالآخرين، لأن ثقتي بنفسي كانت موجودة قبل هذا النجاح، وأي نجاح آخر يجب ألا يجعلني أخسر أشخاصاً أحببتهم لزمن طويل، وأعتقد أن النجاح هو الذي يفضح المحبّين الحقيقيين.
- قيس: التوازن يبقى نتيجة وليس هدفاً، لأننا عندما نسعى للتوازن أو نوجد له القوانين، فهذا يعني أننا نمثّله، لأنه يبقى نتيجة لسلوك.. لذلك تجدين مشكلات الوسط الفني متعلّقة بهذه النقطة، وأي شخص متوازن في الحياة هو متوازن في الفن. أنا عن نفسي لا تغريني النجاحات الفنيّة، ولا أشعر بأنها تغيّر حياتي، لأنني أؤمن بأن ما من أحد وصل إلى القمة، فهناك دائماً مجال للتفوّق على الذات لأن النجاح الحقيقي ليس له نهاية، ونجاحي في عمل ما لا يعني أن أغلق الباب على غيره.
• في المعهد العالي للفنون المسرحية. هل كانت هواجسكما مشتركة؟
- قيس: في المعهد كانت أيامنا بسيطة، أحلامنا وهمومنا أيضاً، وأنا درست التمثيل لأنني أحبّه، أحبّ المهنة ولذلك ذهبت باتجاهها، ورغم أنها قست عليّ وأخذتني كثيراً وأثّرت على شخصيتي وحياتي كإنسان، إلا أنها تعيش في دمي كالإدمان، وهي الحب الوحيد الذي لا ينتهي في حياتي.
- كندة: لم يكن التمثيل في بالي، إنما كنت أحب الفن بشكل عام، وكان هدفي الأساسي الإخراج، لكني درست النقد لعدم تواجد تخصّص الإخراج في المعهد. وعندما مثّلت للمرّة الأولى قلت إني هاوية تهوى التجريب، ثم عملت في الإنتاج والإخراج والكتابة، لكنني وجدت نفسي أتورّط في التمثيل يوماً بعد آخر وهذا جعلني لاحقاً أتعامل مع المهنة بمنطق احترافي وليس بمنطق هاوٍ. وأعتقد أن الهاجس المشترك بيننا كان حب المهنة أولاً.
كادر
بين تيم ونورمان
• في لقاء مع الفنان أيمن رضا قال فيه إن كل الخرّيجين من المعهد بدأوا يشبهون بعضهم البعض. الشباب يريدون أن يكونوا تيم حسن، والفتيات نورمان أسعد؟
- كندة: أنا لا أريد أن أشبه أحداً ويحزنني أن أشبّه باسم ما. بدايتي كانت مختلفة، وهذا الشيء يعطيني قوة أكثر لأن ما جذبني للتمثيل ليس حب الظهور والشهرة والنجومية بقدر ما كان حبّي للفن، وأعتقد أني مختلفة عن غيري. لم أبحث عن الانتشار كما هو دارج، ولكني كنت انتقائية في كل ما قدّمته، لذلك أنا خارج هذا السرب الذي ذكره أيمن رضا، ومشروعي لا يتقاطع مع مشروع أي فنانة أخرى مع احترامي للجميع.
- قيس: أنا أوافق أيمن في بعض التفاصيل لسببين، تيم حسن حالة فريدة وخاصة جداً في العالم العربي، وهو شخص موهوب ولديه مواصفات شكلية ممتازة، عدا عن كونه ممثلاً بارعاً جاءته فرص ذهبية استحقّها عن جدارة، ولا أظنّ أن أحداً لا يرى في تيم النجم حتى لا يسعى للتشبّه به، لكنني أريد أن أشبه نفسي تماماً. وأعتقد أن هذه الفكرة موجودة لدى الممثلات أكثر من الممثلين، إذ هناك حالات متفرّدة على الساحة الفنية السورية وكلّ له شخصيته.
الاعتراف بالآخر
• لماذا يخشى جيلكم أن يذكر أسماء أقرانه من الفنانين أو الفنانات.. فكلّما سألت فناناً من جيلكم عن الأفضل ذكر لي اسمين فقط هما أمل عرفة وبسام كوسا لأنهما دائماً خارج المنافسة نظراً لتاريخهما؟
- كندة: أنا ليس لديّ مشكلة في ذكر الأسماء، إنما لا أحب أن أسمّي الأهم حتى لا أنتقص من حق البقيّة، لكني أستطيع أن أذكر لك من تميّز في رمضان الفائت. وإن لم أعترف بالمتميّزات من جيلي، فهذا يعني أنني أعاني من عقدة نقص. للأسف الشديد، نحن في سوريا نحب بعضنا البعض من الداخل، لكننا لم نعتد على الاعتراف ببعضنا، ولا أن ندعم أو نبارك أو نقف مع بعضنا البعض. لا أعرف لمَ نعاني من الاقتضاب في التعبير، مع أني على ثقة بأن الأمر لا علاقة له بالغيرة أو الشر، إنما من الصعب أن نعبّر عن كل ما هو إيجابي، لكني عندما أرى تجربة جيدة لأي فتاة من جيلي أبارك لها لأنني وبأنانية مطلقة أحب أن تفعل معي بالمثل. نحن فقط ينقصنا بعض الأعراف في التعامل الإيجابي وأن نعترف ببعضنا أكثر.
- قيس: سأزيدك من الشعر بيتاً، هناك حالات وظواهر مدهشة تحدث في الوسط الفني السوري تنمّ عن جوع، وكأن الممثلين لا يصدّقون ما يحصل معهم، فنانون ظهروا البارحة عبر مسلسل عرض على شاشة فضائية متابعة ومسوّقة، ويتحوّلون بين ليلة وضحاها إلى مشاهير على مستوى العالم. وفجأة تصبح مهمتهم إلغاء تاريخ الآخرين من خلال تصاريح وسلوك شخصي، لذلك يصبح لدينا رد فعل طبيعي نتيجة هذا الإلغاء، فإذا لم يعترف بنا أحد ولم يرنا لماذا سنذكره؟ وإذا أردت أن أتحدّث، فسيكون عن تجارب موجودة ولها مكانتها مثل تيم حسن وقصي خولي وباسل خياط، هؤلاء أوجدوا لأنفسهم مكاناً خاصاً ومختلفاً، بينما لم تحقّق الأسماء الأخرى أكثر من ضربات مؤقّتة وخيالية وليس لها علاقة بالواقع. لذلك، لن أذكرها.
من بنظرهما نجوم الدراما لعام 2010؟ بماذا يتشابهان أو يختلفان؟ ماذا يكره كل منهما في الآخر وماذا يحب؟ وماذا يتمنيان لبعضهما البعض؟! كل هذا وأكثر في عدد مجلة "سيدتي" في المكتبات