إذا ما تحدّثت عن التفاؤل فلابدّ أن يتبادر إلى ذهنك الفنان محمد هنيدي، حيث إنه يمثل أحد معاني التفاؤل وأحد أبرز صنّاعه في الوطن العربي. فمن خلال أعماله الكوميدية أوجد حالة من البهجة والسعادة التي تخفّف من وطأة الضغوط اليومية والمشكلات التي تحوط بنا. حول التفاؤل في حياة محمد هنيدي يدور هذا الحوار.
هل أنت بطبعك إنسان متفائل؟
أنا متفائل رغماً عني... فالتفاؤل بالنسبة إليّ مثل الوقود للسيارة. وعندما أفقد التفاؤل يعني أنني فقدت الأمل. ووقتها، لن يكون لديّ ما أعمل من أجله.
بالإضافة إلى أن التفاؤل مرتبط بالسعادة والبهجة والمرح وهذه عناصر تشكّل مهنتي بالأساس. فأنا أعمل كصانع للضحك والبهجة.
أكون سعيداً مع ابنتي
هناك نظرية تقول إن صنّاع البهجة هم أكثر الناس افتقاداً لها؟
لا أوافق على هذه النظرية، ليس فقط لأنني أرى نفسي متفائلاً، بل لأن كل أصدقائي من الممثلين الكوميديين، لديهم حالة من البهجة. ولابدّ أن أؤكّد أنه إن لم تكن متفائلاً ولديك حالة من الرضا والقناعة، فلن تستطيع أن تضحك الناس وتسعدهم، لأن الضحك يحتاج إلى مصداقية وقدرة على الإقناع.
هل هناك أشياء معيّنة تتفاءل بها أوتتشاءم منها؟
ليست هناك أشياء معيّنة. ولكن في حياتي أشياء تسعدني وأشعر بعدها بأن يومي سيكون جميلاً، مثلاً إن أيقظتني إحدى ابنتيّ من النوم لنجلس ونلعب معاً، أو إذا أفقت على ضحكة واحدة منهما.
أما خارج منزلي، فأتفاءل إذا صادفت عجوزاً في الشارع تدعو لي دعوة بالخير دون أن تطلب مني أي شيء في المقابل، وخصوصاً عندما تقول مثلاً «روح ربنا يبارك لك في صحتك».
البعض يتفاءل بأرقام محدّدة أو أشخاص معيّنين، فهل أنت من هؤلاء؟
لا أعتقد أن التفاؤل محصور بشيء معيّن. ولكن، بشكل عام، أحب رقم11 لأنه رقم فيلم «مبروك أبو العلمين» في مشواري الفني. وبالنسبة للأشخاص فإنني أحب السيناريست يوسف معاطي وأتفاءل بالعمل معه، وكذلك المخرج وائل إحسان.
إذاً، أنت تتفاءل بصنّاع نجاحك فهل تتشاءم ممن لم تحقّق معهم النجاح؟
بالطبع لا، لأنني دائماً أقوّم علاقتي بالناس بشكل إنساني بعيداً من حسابات النجاح أو الفشل. وعموماً،
لا يوجد شخص في العالم يحبّ أن يقدّم شيئاً ولا يحقّق له النجاح.
ولكن في تراثنا الثقافي أشياء نتفاءل بها وأخرى نتشاءم منها؟
أعرف ذلك، عندما كنا أطفالاً كنا نتشاءم من طائر البومة وطائر الغراب وهناك أشخاص يتشاءمون من القطط السوداء. وهناك من يتفاءل بسكب القهوة عليهم ويقولون سكب القهوة خير.
رمضان في الشانزليزيه
هل إصرارك على تقديم جزء ثان من «مبروك أبو العلمين» نوع من التفاؤل بهذه الشخصية؟
التفاؤل مرتبط بالسعادة والنجاح والرضا. والجزء الأول من الفيلم حقّق لنا كل شيء يدفعنا للتفاؤل به. ولذلك، بدأنا في تجهيز الجزء الثاني تحت عنوان «رمضان في الشانزليزيه»، وسيكون هذا الجزء استثماراً لشخصية «مبروك أبو العلمين»، ولكن في قضية أخرى غير التعليم، وأتوقع أن نبدأ التصوير خلال شهرين من الآن.
ولكن الفيلم اتّهم بأنه يسيء للمدرّسين، ألم يدفعك ذلك للتشاؤم؟
بالطبع لا، لأن فيلمي يحاول إنصاف المدرّسين والدفاع عنهم. لقد حاولنا في هذا الفيلم إعادة هيبة المدرّس، والمساهمة في الرفع من شأنه، وإبراز شخصيته الحقيقية وأهميته؛ لأن المدرّس هو المثل والقدوة، ولا يمكن أن نتناوله بشيء لا يرضاه ضميرنا.
هل تعرّفت على آراء المدرّسين في الفيلم؟
من أكثر الأشياء التي دفعتني للتفاؤل بنجاح هذا الفيلم من اليوم الأول لعرضه، الرسائل التي وصلتني من مدرّسين معجبين بالفيلم. فقد اتصل بي أكثر من مدرّس أشادوا بفكرة الفيلم، وأكّدوا على أن أحداثه من صميم الواقع. كما أنه كان واضحاً من الأحداث أن الفيلم يسعى لاحترام المدرس، ويدعو لإنصافه، وتحسين مستوى معيشته؛ حتى لا يلجأ إلى الدروس الخصوصية التي تمثّل الخطر الحقيقي على صورته وهيبته.
إسم الفيلم طويل جداً وغريب، فلماذا اخترت هذا الإسم بالتحديد؟
إسم الفيلم حقّ أصيل للمؤلف، ومنذ أن بدأ يوسف معاطي كتابة السيناريو، كان متردّداً بين أكثر من إسم ووضع إسم «رمضان أبو العلمين» كاسم أولِّي. وبعد انتهائه من كتابة السيناريو، اجتمعت به مع المخرج وائل إحسان، واقترح أن يكون اسم الفيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة»؛ لأنه أسلوب جديد أن تضع اسماً رباعياً للشخصية، وفي الوقت نفسه سيكون جذاباً أكثر للجمهور، واقتنعت بالفكرة، وأقنعت بها المخرج وائل إحسان.
ولماذا اخترت هذا الفيلم بالتحديد من بين كل الأعمال التي عرضت عليك؟
إختياري لهذا الفيلم تحديداً يرجع لعدة أمور، أولها أنني كنت أبحث عن فيلم يتناول موضوعاً حقيقياً عن مشاكل الناس، ويحمل وجهة نظر في قضية مهمة، ولكن بشكل كوميدي ممتع يجمع بين الضحك والمعالجة العميقة.
هل وقّعت بالفعل عقد احتكار مع «غودنيوز»؟
الإحتكار ليس سيئاً وخصوصاً إذا كان مؤقتاً، ولكن الإحتكار الطويل أو لمدى الحياة هو المشكلة. وفي كل الأحوال، لم أوقّع على أي عقود احتكار رغم أن مشروعي القادم سيكون معهم.
هل صراع الشركات يؤثر على الممثلين؟
السينما صناعة وتجارة ولها سوق، وهذا السوق يفرض المنافسة على كل الشركات، وفي النهاية المنافسة
لا تكون في مصلحة طرف دون الآخر، وإنما هي في مصلحة الجميع، من ممثلين وفنيين ومخرجين ومؤلفين؛ لأنها تزيد من جودة الأعمال الفنية المنفّذة.
ولكن، هذا لا يمنع أن هناك صراعاً ومنافسة بين نجوم الكوميديا؟
المنافسة أمر إيجابي، تدفع كل ممثل للتفوّق وإظهار أفضل ما لديه، والسعي وراء الجديد، ما دامت في إطارها الشريف، ولا تؤثر على علاقتنا ببعضنا البعض.
ليلى طاهر أجمل ما في الفيلم
اختيارك لأبطال الفيلم كان مفاجأة للجميع، وخصوصاً ليلى طاهر؟
الفنانة ليلى طاهر كانت من أجمل ما في هذا الفيلم، وعودتها للسينما شيء جميل نفخر به. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن اختيار الممثلين من اختصاص المخرج وائل إحسان.
ما هو رد فعل ابنتيك تجاه «رمضان أبو العلمين حمودة»؟
كنت أقرأ عليهما الشخصية، وخصوصاً بعد أن أطلقت شاربي فبدأتا تشعران بتغيير شكلي، وكانتا تسألانني، فشرحت لهما الفيلم خصوصاً فاطمة؛ لأنها الكبيرة وفي السنة الرابعة الابتدائية، وفريدة في الثانية، وفي بعض الأوقات كنت أمثّل معهما بعض المشاهد قبل أن أذهب للبلاتوه.