بلحن ركيك وكلمات خالية من الشعر، تطلّ جوانا ملاح من مسرح يكتظّ بالموسيقيين، وهم مجرّد ممثلين على حساب أطفال مساكين من هذا العالم جلّهم من إفريقيا كما بدت الصور التي أبرزها "الفيديو كليب" الخاص بأغنية (بالعطاء). وهو العمل الفني الجديد الذي خصّصته الفنانة ملاح للفت النظر إلى معاناة الأطفال الجائعين والمشرّدين.
ضعف الجملة اللحنية، ساعد النشاز ليستمرّ طيلة وقت أغنية (بالعطاء) لجوانا ملاح. وزاد من التأثير السلبي على المتلقّي الذي يفترض به أن يركض نحو أقرب بنك أو مؤسسة إنسانية، ليضع كل ما يملك تحت تصرّف الطفولة الجائعة... وزاد من الخلل الإطلالة التي اعتمدتها المطربة لتبدو "مفتعلة" وغير مقنعة عبر المبالغة في تعابير الوجه وهزّ الرأس يمنة ويسرى، هادفة إبراز إحساس شديد لم توفّق في تمثيله... وهذا ما زاد من ضياع الأغنية والمغنية التي اكتشفت للتو مجاعة الأطفال في الصومال... قد يكون من الصعب والمستحيل أن تقوم جوانا بزيارة الصومال في الظروف الحالية... لكن بإمكانها التجوّل في بعض الضواحي أو السير في شوارع رئيسية لبيروت لترى بأم عينها باعة العلكة الصغار، و"متسلّقي" زجاج السيارات، والمراكز المكتظّة بالعجائز الذين يعانون الوحدة والإهمال واللقطاء والمرضى المنتظرين على أبواب المستشفيات.
كان الأجدر بالقائمين على هذا العمل بعد أن يختاروا اللحن والكلام الصحيح أن يقوموا بحد أدنى من الجهد ويخرجوا من الاستوديو إلى الأماكن الفقيرة ليصوّروا الحقيقة عن قرب، بدل الاكتفاء بصور متوفّرة على الإنترنت لأطفال أعياهم الجوع والمرض.
وضع الموسيقى في خدمة الإنسانية هدف نبيل، لكنه يحتاج إلى مواصفات أعلى من أغنية (بالعطاء)... فإن كانت النيّة سليمة فلا بأس من اختيار كلام ولحن أفضل في المرة القادمة، وإن كان الهدف تحصيل نوع من "الشهرة"، حينها وحده المطرب من يستحق أن يكون في خانة من تجوز عليه حالة (العطاء).