منذ انطلاقتها الفنية في أواخر السبعينات من خلال فيلم «حبيبتي يا حب التوت»، تركت الممثلة السورية نادين خوري بصمة لافتة في نفس المشاهد العربي كفنانة ملتزمة لها أسلوبها الذي يميّزها عمّن حولها. ومن منّا ينسى انطلاقتها التلفزيونية في مسلسل «حارة الصيادين» مع المخرج سليم صبري وما يزال صوتها الجميل وهي تنادي لبيع السمك (سمك ياسمك) معشعشاً في أذهاننا في دور مميّز. وكان لحسن أدائها وإجادتها أدوارها الفنية والتزامها الخط الإنساني وإيمانها بضرورة تحويله إلى فن هادف صاحب رسالة، أثر في ازدياد حب الناس لها. كما أنها أجادت في الكوميديا عبر سنوات فأحبّها الناس إلى جانب ياسر العظمة في مسلسل «مرايا». في رمضان 2010، كعادتها، قدّمت أدوراً مهمة في عدة أعمال درامية سورية بدءاً بمسلسل «وراء الشمس» و«ماملكت أيمانكم» وانتهاءً بمسلسلي «ساعة الصفر» و«الدبور» فماذا تقول نادين عن دورها في «وراء الشمس» وتجربتها في «ما ملكت أيمانكم»؟
شاركت لعدة سنوات في «مرايا» مع الفنان ياسر العظمة، ماذا أضافت لك هذه التجربة؟
"مرايا" انتشر في زمن ما قبل الفضائيات كأبرز عمل كوميدي عربي ناقد. وكان يبثّ تقريباً على عدد كبير من القنوات العربية. وهو عمل يتيح للفنان أن يجسّد أدواراً عديدة وأن يؤدي شخصيات متنوّعة وهذا شيء جميل. التجربة أخافتني بداية. ولكن، نظراً لتجاوب الجمهور وحبهم لما قدّمناه قمت بالمشاركة فيه لعدة سنوات. ولا شك أن «مرايا» الذي انطلق منه الكثير من الفنانين السوريين، عمل مهم وكبير ولقي جماهيرية كبيرة.
لنتحدّث عن عملك الأهمّ هذا الموسم ومشاركتك في مسلسل «وراء الشمس» الذي جسّدت فيه شخصية والدة الشاب علاء الزيبق والذي نلت عليه حب وتقدير الجمهور العربي. ماذا أضاف لك هذا العمل؟
من وجهة نظري، إنه الأهمّ عربياً. وبلا شك، هناك أعمال أخرى مهمّة أُنتجت هذا العام. ولا أعرف إذا كنت قد نجحت في دوري. هذا يقرّره الجمهور وليس أنا. وأتمنى أن أكون قد فعلت، وأن تكون رسالة العمل قد نجحت ووصلت للناس. عندما عرض عليّ نص العمل أحببت الفكرة لأنها جديدة على الدراما السورية. ففئة ذوي الاحتياجات الخاصة لم تنل اهتماماً جيداً من قبل الدراما خلال الفترة الماضية. وقد شدّني جداً أن يقدّم عمل خاص بهم وأن يشاركني في العمل شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة (علاء الزيبق).
كيف تصفين علاقتك بـ علاء؟
لا أخفيك أن علاء يعيش في عالم طيّب وطفولي وجميل ومحبّ للجميع. بعد خوضي لهذه التجربة، تعرّفت على هذا العالم الذي ننظر إليه نظرة خاطئة. ولا نعطيهم حقهم في التعامل والاهتمام. وللأسف، نعتبر أنهم بشر ناقصون. بينما هم لديهم مشاعر جميلة وعواطف تفوق مشاعرنا نحن الأسوياء. وهم أذكياء لدرجة كبيرة. وهذا ما لمسته من خلال التصوير وتواجدي مع علاء الزيبق . عاملته بلطف وحبّ وشعرت وكأنه ابني وهو يناديني أيضاً خارج التصوير «ماما».
كيف استطعت أن تتفاهمي فنياً مع علاء للوصول إلى مشهد متكامل، خاصة أنها تجربته الأولى في التمثيل، وقد يكون متعباً في أدائه الفني كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة؟
التمثيل بحدّ ذاته مرهق وصعب. وتقمّص أي دور ليس أمراً سهلاً كما يعتقد الناس. فنحن نصوّر بظروف صعبة وهناك آليه للعمل الفني ولتصوير المشاهد. كان الأمر بداية غريباً على علاء. وكنا نكرّر تصوير بعض المشاهد التي يخطئ بها لأنه كان متعباً بعض الشيء. وهذا أمر طبيعي بالنسبة له. ولكنه كان مصراً على النجاح. وقد صبرنا عليه ونجح في تقديم دوره. وهذا إنجاز للعمل.
مشهد وفاتك في العمل شدّ الناس إليه وتفاعلوا معه ومشهد بكاء علاء الحارّ في العمل لا ينسى. هل بكى علاء حقيقة؟ وماذا تحدّثيننا عن هذا المشهد الرائع؟
هناك مشاهد قبل وفاة الأم بليلة أو ليلتين كان علاء متأثراً جداً بها، خاصة عندما كانت والدته متألمة جداً وتنام معه في غرفته. وكانت قلقة عليه، كان علاء متعاطفاً معها لدرجة كبيرة فقد حرّكت هذه المشاهد عاطفته. وهؤلاء عاطفيون بدرجة عالية. هل تصدق عندما كنت أحضنه كان يتحوّل بسرعة إلى طفل صغير ويستسلم لعواطفه. وما قدّمه في العمل هو إحساسه الطبيعي وليس تمثيلاً.
هل حدث اتصال بينكما بعد العمل؟
لم يحدث بيننا أي اتصال. وأنا لم أرغب بأن يتعلّق علاء بي أكثر من ذلك، وخاصة أن بُعدي عنه، بعد ذلك، قد يسبّب له مشكلة نفسية. ابتعدت عنه من ناحية إنسانية وهذا لمصلحته هو بالدرجة الأولى.
قيل الكثير في الإعلام وفي الشارع العربي إنك كنت تبنيت علاء في فترة سابقة وإنه ابن إحدى جاراتك، كما قيل أيضاً إنك تعرفينه وأنت من أتيت به للعمل، ما هو الصحيح من كل ذلك؟
أشكرهم على هذا الإحساس الذي وصلهم، لأنه يؤكد أن الدراما تلعب دوراً كبيراً ومؤثّراً عند المشاهد العربي لدرجة أنها قد توصله إلى تصديق كل ما يُقال أو أن تجعله يذهب بخياله إلى أماكن أخرى. قيل الكثير عن علاقتي بعلاء والحقيقة أنني لم أكن أعرفه قبل العمل ولا علاقة لي به في السابق ولم أتبنه وهو ليس ابناً لأحد من جيراني. تعرّفت عليه في العمل فقط وكنت سعيدة بلقائي به في تجربة مشتركة.
من الأعمال التي شاركت فيها أيضاً مسلسل «ما ملكت أيمانكم». لماذا ترافق العمل مع ضجة كثيرة؟
لا شك أن مسلسل «ما ملكت أيمانكم» عمل غني جداً. وقد اخترق خطوطاً حمراء وشائكة بجرأة، لكنها مرتبطة بالواقع وليست من الخيال. وقد أحدث ضجة لأنه ناقش العديد من القضايا بجرأة شديدة ودون خوف. العمل لم يطعن بأي شريحة ولم يسئ لأحد. بتقديري، يجب أن نشاهد كل جوانب المجتمع وخطوطه وأن نرى سلبياته وأن ننتقدها لنصلح الخلل فيها. في العمل أجسّد شخصية المرشدة الاجتماعية في مدرسة البنات، والتي تعاني مشكلة مع ابنتها الجامعية، في حين أنها تحلّ مشاكل البنات في المدرسة.
هل شاهدت أجزاء «باب الحارة» وما رأيك فيه؟
لست ضد العمل، ولكنه عندما انطلق كان مهماً جداً وحقّق قاعدة جماهيرية كبيرة، شجّعت المشاهد العربي على أن يتابع بشكل أكبر الدراما السورية. ولكن تكرار الأجزاء أفقدها الخصوصية وربما أساء للعمل. «باب الحارة» عمل كبير بذل فيه الكثير ولا أسمح لنفسي بالطعن فيه. ملاحظتي هي أن تكاثر الأجزاء فيه قد يكون أفقده بريق نجاحه الذي حقّقه في أجزائه الأولى.
تفاصيل أوسع تجدونها في العدد 1561 من مجلة "سيدتي" المتوفر في الأسواق.