الأمومة هي من أرقى النعم التي تفوقت بها المرأة، فهي غريزة موجودة في قلب الأم منذ الصغر، وهي الوظيفة الأعظم التي منحها إياها رب العالمين. فمنذ الصغر، تجد الفتاة تميل إلى الاعتناء بدميتها، وتعبّر عن حبّها لها، والاهتمام بها، فتنمو غريزة الأمومة، وتظهر في رغبتها الحب والحنان والعطف لكل من بحاجة إلى مساعدة. لولا غريزة الأم لتجّذب معظم النساء عن الإنجاب وبناء العائلة.
لا تتوقف الأمومة عند مدافعة الأم عن صغارها، إنما الرغبة والشغف بإعطاء الطفل كل ما هو بحاجة إليه، الأمومة هي مفهوم العطاء وتجسيدها كالرحلة الممتعة والمتعبة في آن واحد.
تعد غريزة الأمومة من أجمل المراحل في حياة المرأة وفقاً للأخصائيين، فالأمومة مشاعر من التضحية، والشغف، والخوف، والحب في آن واحد؛ لأنها تتحمل المصاعب، وتتنازل عن أمور عدة من أجل أطفالها، ولا تتوقع مكافأة من أحد، فالأهم في حياتها راحة أطفالها وسعادتهم.
كل فتاة تتزوّج لكي تصبح أمّاً وتكرّس حياتها لتكون الأم الأفضل في نظر أولادها، تنضج المشاعر والارتباط ببدء رحلة الحمل والرضاعة والمسؤول عنه هرمون "الأوكسيتوسين"، الذي يعزّز العلاقة بين الأم وطفلها، التي تسمى "العلاقة البيولوجية"، ثم يزداد الارتباط وتلبي جميع طلباته، ويسمى هذا الارتباط "العلاقة النفسية"، وتعد هذه المرحلة من أرقى المراحل وأروعها في حياة المرأة.
يعيش بعض الأمهات لوم النفس والشعور بالذنب، من حيث تلبية حاجات أطفالها، والاهتمام بهم؛ ما يضحي بعض الأمهات من صحتهن النفسية والجسدية من أجل الحصول على أفضل رعاية وتربية لأطفالها. إن المثالية التي تسعى إليها بعض الأمهات غير صحي وسليم لها، فاللجوء إلى الكمال لا يعني أن تقوم الأم بكل الواجبات بلا استراحة أو توقف، وترتقب من الآخرين أن يكونوا نموذجين، وتكون مشاعر الأم بأن الجميع يتوقع منها أن تكون الأفضل؛ ما يسبّب الكثير من التوتر والضغط، وخاصة إذا كانت تقارن نفسها بغير الأمهات.
تشعر الأم بالذنب عندما يبكي طفلها، وتشعر بالتقصير تجاه ولدها؛ ما تفتقد إلى النوم والأكل والاستجمام بما كان يفرحها قبل الولادة، بل تشعر بالذنب تجاه التفكير في حياتها السابقة ومطالبها الخاصة، فهذا الذنب غير سليم وغير صحي.
يجب على كل أم أن تخصص دفتراً لتدوين كل ما يتعلق برحلة الحمل، وكيف تنظر إلى نفسها وهي أم؟ ما الأم المثالية في نظرها؟ كيف تتصرّف الأم النموذجية؟ من الجيد أن تطلب الأم المساعدة من الأقارب أو من أخصائي، فهذا يضفي السعادة والحب في حياتها، وينعكس إيجاباً على الزوج وعلى العائلة بأكملها.
من المفيد أيضاً أن تخصص الأم بعض الوقت لها، وتقدر أهمية الرعاية الذاتية، وتهتم بنفسها جسدياً ونفسياً، فإذا كبر الطفل وعاش ضمن جو يسوده التوتر والقلق، فسيعد الحزن والإرهاق حالة طبيعية، ويتصرّف على هذا النحو. لهذا يجب على الأطفال أن يعيشوا ضمن جو تسوده الطمأنينة والراحة والسلام، بلا مشاعر سلبية.