هل شعرت مسبقاً وأنت تهم بفعل شيء جديد في حياتك، بأنك محاصر بتوقعات الناس من حولك؟ بأنهم سيلصقون على ظهرك التوجيهات وستتحرك ألسنتهم في مهمة إصدار التقارير حول إرادتك ومقدرتك..
إنه لشيء مُزعج ومحبط للآمال أن تتكون لدى الناس عنك صورة واحدة من جهة واحدة ويعممونها بينهم، كأنك بطل الموقف الواحد، لا يتوقع منك المزيد مطلقاً..!
إننا محاطون بعيون بشرية تُطالع مسيرتنا المستقبلية قبل أن ندركها حتى، محاصرون بتوقعات الناس دوماً، يأخذون احتمالاً واحداً منك ويقيسونه على المواقف كافة.
نعيش الحياة كوجبة يقدمها لنا القدر، نتناول الفرح بشهية شرهة، والحزن يعلق بين فكينا وصعب هضمه، ولكنها وجبات لابد أن تنتهي، ندخل علاقات مختلفة لنمارس اجتماعيات فُرضت علينا، ثم يطفو شيء غريب لا نعرف مسماه تحديداً، يمضي الوقت علينا ونصبح مجرد ردات فعل متوقعة، كأننا آلة برمجها الزمن.
تهرب من توقعات الناس، تصطدم بآبار صدئة في روحك، لا تجديد فيها، تلاحظ على أيامك التكرار، يصبح كل شيء متوقعاً، ونتيجة لذلك تستقبل النتائج بملل واعتيادية، كل شيء دون استثناء مر على روحك، ولكنك في داخلك تنتظر تغييراً..!
دعني أقدم لك الحياة كمسألة رياضية، لنفترض أنك تطرح دوماً السؤال نفسه 1+1 بالمعطيات نفسها، لن تتغير الإجابة التي هي دوماً 2، ولكن إذا غيرت المعطيات سيختلف الناتج، كما اقترحه علينا فيلم الحرائق، والذي أقر بأنه يمكن أن تكون الإجابة واحد صحيحة..
هل وضعت كفك على خدك وتنتظر التغيير "يمرّك"؟ لا يمكن أن يحدث هذا مطلقاً، لأن الله أقرَ وقال "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".
تنتظر أن تمتد يد نوح لتصعد بك إلى السفينة.. لماذا علينا أن ننتظر تغييراً لا يأتي، لم لا نبدأ بأنفسنا؟ ننصفُ أنفسنا بين تغيير المعطيات، لتلقي نتائج مغايرة لكل مرة، كأن الحياة مسألة تحتاج لتغيير معادلاتها.
المدهش روبين ويليامز يقترح في فيلمه الإنساني patch Adams أن علينا تغيير تصرفاتنا إذا احتجنا لردات فعل غير مبرمجة، فاقترح على نفسه أن يُغير من تصرفاته المعتاد عليها، فبدلاً من السير صامتاً متطلعاً لوجوه الناس الساكنة والمارة أمامه، اقترح أن يبتسم لهم ويلقي التحية وسألهم عن حالهم للمرة الأولى، وجاءته ردات الفعل سعيدة ومبشرة من أفواه وعيون الذين قابلوه بهذا المرح. ما الذي صنعه ويليامز وأراد أن يعلمه للمشاهدين؟
تغيير معادلة التعامل المبنية دوماً على الطرف الآخر.
هل جربت التغيير في أبسط الأشياء ولاحظت ردات الفعل عليها؟ جرب مثلما جرب ويليامز، مثلما جربت أنا، ورفضت أن أكون شخصاً متكيفاً مع جميع المعطيات من دون المحاولة في تغييرها، وبهذه الطريقة فررت من فقاعة المجتمع الصلبة.