يبقى زوال الأشياء ذو تأثير على الكثيرين، لربما خاف البعض البدء في شيء مخافة انتهائه.. أعتقد أن الأغلبية العظمى ترعرعت على فكرة "إن من خاف سلم"!، لكن ما آلت إليه النتائج لذاك المنهاج غني عن مجمع الكلام، والضرر الوخيم في سيكولوجية وحتمية وصول المرء..
المرء الذي وإن نظر وتمعنّ فيمن حوله، كيفما يبدأ نهاراته، وكيفما ينهي يومه، ما المستمر على كل حال؟. وماذا ليس بمنتهٍ بأي وضع كان؟!. فكيف وأنهم من تواتروا بأن "دوام الحال من المحال"؟!..
كم فرصة لم ننقض عليها بشباكنا جراء ذاك الاعتقاد؟، وكم من باب تم هدمه لانسياقنا وراء المهاترات؟، وكم من فتى قد ضل دربه، وضاع بين الأزقة والبلدان؟. لمجرد عدم إيمانه بما لديه من قدرات، مقومات، وأن الله في عون من أراد دوماً تشكيل المعجزات على أرضه، حينما يمكن لمن يريد فيما يريد، ويقول كن فيكون، ويعطي لمن يشاء بغير حساب، فيهب ويمنع وتتوالى الأقدار..
كبزوغ الشمس وانجلاء القمر، وتعاقب الليل والنهار، أليس هذا الفجر يبث فينا ما يشعرنا بالاطمئنان، ألا نرى الكثيرين من حولنا يحبون هذا الوقت خصيصاً دون الأوقات؟!.. عله بين بينين!. أو أن السماء حينه لا لون لها!، بينما خطتها جميع الألوان، لبرهة تجد نفسك عالقاً بين ظلمة الليل المنسدل وبين النور المنبثق، بين يقظتك وصحوتك التي تفض عنك ثوب النعاس، يحمل الفجر بين طياته الكثير من البدايات، الإنجازات، والاحتمالات، دعنا ننفرد بصب الفكر صوب الإيجابي فقط، كرر ذاك يوماً بعد يوم، وأخبرني ما التغيير الذي طرأ عليك بعدها.. فستعلم يقينا بأن الفجر هو الشاهد على تلك الروحانيات في الظلال الرمادية، وذاك الجمال المتأصل في ثنايا التفاصيل والاختلافات، وعلى هبة العقول والقلوب المنفتحة.
وعلى حافة النهر تلك، تراقصت أشعة الشمس المتأهبة للغروب، أيقونة فنية بديعة لا يضاهيها مثيل، تتناغم قطرات الماء مع ما تبقى من نور الشمس، كمرآة كلما نظرت إليها سرّتك، وإن شحت عنها أسرتك، ولم تزل تدقق حتماً، إلا حينما باغتك صوت تعهده، مشيراً لانقضاء اليوم، أو بدقة أكثر على مشارف الانقضاء..
احفظ هذه الكلمات عن ظهر قلب؛ "إذا واجهت شيئاً جديداً، وتزحزحت عنه، فلتوقن بأنك ستبقى رهينة عدم إفلاتك من قيد الغلبة طوال العمر!.". حينما كنا أطفالاً بعمر الزهور، وأقدم الواحد منا ليُعطى "إبرة طبية"، قيل له: "إنها ما هي إلا وخزة بسيطة زائلة وسينقضي الأمر"..
هكذا هي التجارب الجديدة والبدايات العثرة، سرعان ما تتبدل، ويصبح الطريق شيئاً فشيئاً أكثر تمهيداً، سرعان ما ستُزال تلك العقبات من أمام ناظريك، وتصل غايتك..
فلو أن أحدنا همّ بإزالة جبل وهو واثق بخالقه لأزاله، وانزاح الجبل من أمام وطأة قدميه، وما سعى أحدنا سعياً للخير إلا سيق له الخير حيثما كان في بقاع الأرض.