لم تعد الصبية تثق بالحب، هذا ما خلصت إليه، وهي تتكئ على جدار حيرتها. تشعر بقلبها يتسارع نحوه، فتسحبه كمن يسحب شالاً من النافذة في يوم عاصف. هي لا تريد لهذا الحب أن يمضي بعيداً، قالت لنفسها: "سأجعل الحب هذه المرة بمقاس عين الإبرة، وسأسجنه في قفص الطيور، أراقبه ولا أطعمه. هكذا أحمي قلبي من الانكسار، يكفي ما لملمت من قطع منه من قبل، وبصعوبة أعدته كما كان: "مزهرية سعيدة."
تنظر إلى عينيه، تثق به. تنظر إلى كلماته، تثق به، تنظر إلى تاريخه، تثق به. لكن كلما نظرت إلى نفسها تفقد الثقة. هي تعرف أنها امرأة محبة، صادقة وعاشقة حتى يكاد العشق يتسرب من مسامات روحها. تمنح ضوء حياتها للرجل الذي تحب، وتحول نفسها إلى قربان من أجل سعادته. هي تعرف أنها مهما حاولت وأخذت حذرها فلن تستطيع أن تكون غير ذلك، وإن نجحت فستكون بالتأكيد امرأة أخرى.
تخشى الصبية الألم، تخشى أن تفتح عينيها في ليل طويل تمشي فيه بمفردها، من دون اليد التي امتدت لها بوردة وكلمة حب. تخشى من اللحظة التي يتحول فيها الرجل إلى ذئب، بمجرد أن يتذوق قلبها، سيقتلعها من حديقتها المطمئنة كزهرة جافة. وسط هذا القلق كله، كان قلبها يدق الباب من الداخل، يسألها الخروج والذهاب إليه. لو فتحت له وذهب إليه، هل يصونه؟ لا أحد يعرف، حتى هي لا تعرف وهذه هي المشكلة.