خُلق الإنسان من طين، طين غُرس فيه قلب تنبت به المشاعر، يرعى بعضها ويهمل بعضها، أؤمن كثيراً أن الإنسان القادر على تربية طفل أمامه، قادر على تربية مشاعره مثل الطفل، لكننا نميل بإيمان أكبر للأشياء التي نراها، هل يرى الإنسان مشاعره؟ لا إنها مهمة الإحساس، يمر الإنسان بشتى المشاعر التي مر بها أبانا آدم من حب وشوق وامتنان حتى الغضب الذي نزل عليه من الله حين مس الشجرة التي حُذر منها لكن الفضول أصابه، كان الغضب الإلهي مقرون برد فعل مبني على فعل الذنب الذي تم اقترافه.
تعرف أبونا آدم على كافة المشاعر البشرية التي نخوضها اليوم في غمرة الحياة، نُجدف ببعضها ويسحبنا بعضها للقاع مثل شعور الغضب.
إننا جميعاً نمر بمواقف تزعجنا، تُعكر أمزجتنا، وطبيعي أن يكون لهذا الفعل رد فعل قد تختلف فيه قوانين الفيزياء، مثل أن يكون رد الفعل أكبر وأبلغ من الفعل نفسه، فيلاحقه الندم حتى نومه وينخز ضميره في كل حين.
نحن البشر ما يميزنا عن بقية ما خلق الله هو مشاعرنا، والشعور بداخلنا هو ردة فعل لما يمس قلبنا، الغضب ليس شعوراً يمس العقل فقط، بل يمس القلب، ما الذي يدفع الإنسان لتتغير حالته النفسية من شخص في حالته الطبيعية إلى شخص يحكمه تصرف ما سوى أن شخصاً ما أصدر تصرفاً مسه في منطقة ما في قلبه، فأثار الساكن فيه.
الغضب هو حالة شعورية تُثير في الإنسان مشاعر غير معتادة مرتبطة بحدث ما، قد يكون حالة دائمة موصوف بها الشخص او مؤقتة يسببها تصرف ما سرعان ما تنضب، وقد يكتم الإنسان مشاعره فترة طويلة، ثم فجأة نراه بركان لا ينخمد ونتسائل عن السبب في هذا، لا يمكننا الإحاطة بالسبب في مثل هذه الحالة، وهناك غضب فوري يسببه موقف وسرعان ما ينتهي ويندم الإنسان في قرارة نفسه عما صدر منه ولكنه شعور كان يحتاج التعبير عنه، وردة فعل الغضب متفاوتة من شخص لآخر، ومن موقف لآخر، حيث أن هناك من يغضب فيقول ما لا يعيه، وهناك من يُكسر كل ما أمامه، وهناك من يكتم في نفسه ويفرغه في غير موضعه كأن يمتلىء غضباً من موقف ويفرغه في شخص لا دخل له سوى أن الحالة الشعورية خرجت به، وهناك غضب صامت، وهو أسوء أنواع الغضب بالنسبة لي، فهو قد يحول الإنسان مع مرور الوقت إلى شخص آخر، شخص يكتم في نفسه غضبه حتى ينفجر، هناك غضب يكبر مع الإنسان مثلما نسمع صفة هذا الشخص عصبي، فيصبح معروفاً بالعصبية ونتجنبه في أوقات الغضب.
الإنسان الملتصقة به صفة العصبية هو ضحية لمثل هذه المشاعر، فهو لم يُربِ نفسه على الصبر والتأني، بل لكل موقف لديه رد فعل مباشر، وبمثل هذه الحالة قد يتجنبه الناس من حوله لأنها صفة مُنفرة ولا يُمكن أن نجعلها مبرراً للمواقف.
الغضب له وجه آخر نقيض له وهو الخوف، قد يتكئ الناس على الغضب من باب خوفهم مما هو وراء المواقف، فيستبدلون خوفهم بالتعبير عن الغضب، مثل أن يخاف الطفل أن يُترك وحده فيُعبر عن غضبه بالصراخ والتكسير، في هذه الحالة هو خائف، وكذلك نحن الكبار أطفال بالمشاعر التي تخصنا، فلذلك الغضب هو إحدى تفاعلات الإنسان الطبيعية.
من هنا يجب أن تبحث عن طريقة للتعامل مع الغضب، والسيطرة عليه لأن هذا الشعور بالذات مرتبط بصحتك، فالغضب يجلب القلق، التوتر والأرق وهذه أمور تؤثر على صحتك، وتستنزف أعصابك، حاول أن تسيطر على نفسك، سافر بمشاعرك، جد طرق بديلة للتعبير عن نفسك من دون غضب، لتستثمر في صحتك.