مع التطور الذي تشهده المملكة في جميع المجالات، وأبرزها الفن والثقافة، هناك فئة من المجتمع تعمل بأقصى ما لديها من قدرات لتواكب هذا التطور، ولتسجل إبداعاتها في مجال الفن بجميع أشكاله، من رسم وموسيقى وتمثيل، لتبهرنا بما لديها من مواهب وقدرات، ولتكون مثلًا للمعنى الحقيقي للإرادة.
فئة ذوي الإعاقة لم تقف عند حدود القدرات الجسدية القليلة أو شبه المعدومة، فهناك من حُرم من نعمة البصر، ومع ذلك أبدع في الرسم، وغيرهم ممن حُرم من المشي، ومع ذلك أبدع في الرياضة، ومن حُرم من أعضاء حيوية كاليدين، ليبدع في طريقته. رحلتهم بدأت بالتحدي والإيمان بالله، ثم بمواهبهم، ليثبتوا لأنفسهم وللعالم أن الإعاقة الحقيقية هي في انعدام الإرادة.
في العام الماضي دُعيت لأكون إحدى أعضاء لجنة التحكيم الست، لتبدأ مرحلة جديدة بالنسبة لي تعلمت منها الكثير. أقل من أسبوعين قضيناها في التنقل عبر دول الخليج لتقييم المواهب التي حصرتها جمعية الإرادة، بدأت بجدة من مقر الجمعية، ثم الرياض، ومنها إلى جميع مدن الخليج، لتبهرنا مواهب ذوي الإعاقة، وتترك في أنفسنا أبلغ الأثر بقوة الإرادة لإيصال مواهبهم المتعددة للعالم.
تعلمنا الكثير أنا وباقي لجنة التحكيم، بدءاً من القائد الحقيقي خلف كل هذا الإنجاز، الدكتور عمار بوقس، المثل الحقيقي للإرادة، الحاصل على درجة الدكتوراه، ليثبت للعالم بأن المستحيل ممكن، وأن العطاء لا حدود له.. كان الدكتور عمار هو من يقوينا إن ضعفنا، ويرد إلينا البسمة إن حزنا، وكان خلف الروح الجميلة المتماسكة للفريق.
أسبوعان سمعنا خلالهما من أنشد ليبكينا، ومن أدى مشهداً تمثيلياً ليضحكنا، ومن رسمت بالرمل لتدهشنا، وغير ذلك من المواهب المتعددة.
وانتهت تلك الرحلة في الحفل الختامي لإعلان الفائزين بالرياض، ولم يكن من السهل لنا كلجنة تحكيم اختيارهم لتعدد المواهب، ولكن كما هي الجوائز، فإن للمركز الأول فائزاً واحداً، فكان لابد لنا أن نحسم الأمر باختيار من هو أشد إعاقة وأكثر إرادة. ولا يسعني هنا التعبير عن المشاعر الفياضة التي صاحبت الحفل، ليبقى ذلك الحفل في ذاكرتنا للأبد.
اليوم، بدأ التسجيل للمرحلة الجديدة للجائزة، لتسجل فائزاً جديداً، وليخرج الجميع من هذه المرحلة رابحين بمنظور جديد للإرادة.