خلق الله تعالى الإنسان وجعله مكلّفاً فيها ومسؤولاً عن إعمارها، واضعاً بين يديه رسالةً معيّنة وهدفاً يسعى إلى تحقيقه، ذلك أنّ الإنسان هو خليفة الله على هذه الأرض، محدّداً هدفه ساعياً إليه من خلال رسالةٍ واضحة بادئاً ذلك بأحبّ الأشياء إلى قلبه كالهوايات مثلاً، فالنّجاح في العمل لا يتحقّق إن لم يقترن العمل بحبّ ذلك العمل، عملٌ بلا حبّ كشجرةٍ بلا ثمار.
كلّ إنسانٍ مهما كانت درجته ومكانته في هذه الحياة كبيرة، صغيرة، بسيطة أو معقّدة فهو صاحب رسالة، وعليه تأديتها بكل صدقٍ وضميرٍ صاحٍ، وحب متجدّدٍ، لأن أولى خطوات النجاح هي وضع الرّسالة والعمل على تحقيقها، وأبسط مثالٍ على ذلك هو الأمومة، فهي رسالة كلّ أمّ تحملها على عاتقها مدى الحياة مهما كبرَ أبناؤها أو تزوجوا، تبقى أمّاً تتقن أعمالها على أكملِ وجهٍ بكلّ محبّةٍ ورحابة ِ صدرٍ وقلبٍ ينبضُ عطفاً ويشعّ حناناً، مزيّناً بضميرٍ حيٍّ، مؤمنة برسالتها، وأنّها ما دامت على قيد الحياة فهي مسؤولة عن تلك الرسالة، ساعية إلى تحقيقها بكل ما لديها من عمرٍ وطاقة وحبّ، فالأعمار بيد الله والموت حقّ على العباد، ولا خوف من الموت طالما أنّ الإنسان يقوم بواجبه على أكمل وجه، حينها سيغادر الحياة الدّنيا وهو مطمئن القلب أنّه قام بواجبه على أكمل وجهٍ، وأدى رسالته خير تأديةٍ، وسعى جاهداً نحو تحقيقها، مدركاً معنى العطاء وكيفيّته، فهو بذلك ذاق طعم حلاوته واستشعرَ بلذّته، غير آبهٍ بسنين العمر ومتى ستنقضي، وأنّ الإنسان ما دام يتنفّس الحياة يجب أن يكونَ معطاءً بلا حدود، مع الابتعاد عن المثاليّة المطلقة، معترفاً بالأخطاء، ساعياً إلى تصحيحها، فكلّ ابن آدم خطّاء وخيرُ الخطّائين التّوّابون.
إنّ رسالة الحياة رسالةٌ إيجابية سامية، تجعل صاحبها يشعر بقيمته، وأنّه عنصرٌ فعّال في مجتمعه، فمتى امتلك الإنسان رسالةً إيجابيّةً هادفةً مفعمةً بالحيويّةِ والطّاقة الإيجابيّة ووضعها نصبَ عينيه وعمل جاهداً لتحقيقها ابتعد عن الشّر وكفّ الأذى عن الآخرين، وعاش النّجاح في حياة كريمة.