أرسل الله، سبحانه وتعالى، الإنسان في مهمة على الأرض، ليعمرها ويناهض شياطينه التي توعدت له أمام الله، وكان على الإنسان حين سمع هذه الحكاية أن يعي أن الحياة مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة.
منذ آلاف القرون والإنسان يُسلم هذه المهمة للذي يليه، ويؤكد على أن هذه المهمة صعبة وليست مستحيلة وهذا شيء أُثبت على مر العصور حيث عاش ولم يكتف بالعيش فقط، بل بحث وتحدى وطور حتى طمعنا في البحث عن حياة على كوكب آخر.
لذلك أريد أن ابدأ من حيث أنتهي، إن مواجهة الإنسان الصعاب هو شيء حتمي ومقدر، الحياة محطات ننتقل بينها، الإنسان ليس رحالاً دائماً، يحتاج أن يستكين من ركض العمر الذي لا ينتهي، وكذلك ترك الله لنا حرية العيش على الرغم من أنه يعلم أننا جميعاً سنواجه المصير ذاته ونحن نعبر بالعمر، لكن ماذا عن ردة الفعل المختلفة من الإنسان.
لا أعدّ الحياة اختباراً، بقدر ما أعدّها تمريناً، قد نواجه بها المسألة السهلة والصعبة، السهل بالعادة يُملل الإنسان إذا تكرر، والصعب يمرنه على الصبر، يعطيه القدرة على أن يمدد قلبه وينشره في وجه الحياة، لأنه يجب أن يكبر ويعلم أنها الحياة لا ملهى لا مكان فيه سوى للضحك والمرح!
تخيل أنك تصعد على الجبل في سبيل وصولك إلى قمته، وفجأة فاجأك طائر يُهاجمك، يتحدى قدرتك على الاستمرارية، وظننت أنك لا مُحالة ستكون الحلقة الأضعف، ولكنك جلبت صبراً وعقدت عزماً لم تعهده في نفسك، هل تعلم لماذا؟ لأن الصعاب تُظهر القوة الكامنة في شخصك، لأن هذه لحظة حقيقية فاصلة في حياتك، والصعاب التي تواجه الإنسان تُغيره، في كل مرة يتعرض الإنسان لها يُظهر معدنه الحقيقي.
هذه هي الحياة، توقع أن تواجه فخاً تُختبر فيه بصبرك الذي تباهيت به وأنت على أرض مسطحة وواسعة!
بالطبع فينا من المنطق ما يجعلنا نؤمن بعد أن نتخطى الأشياء الصعبة أننا قادرون على التحمل، إن قواعد الفيزياء تنطبق علينا في الصبر، كلما زاد الضغط على الإنسان، زاد صبره وتمدد في روحه، أن تمر بالصعوبات يعني أن تنضج، أن تمتلك نظرة مُغايرة للآخرين، إنها اختبارات من ربنا، لا يمكن إلا أن نمر بها.
الحياة تتغير بين الموقف والآخر، وعلى عتباتها يوجد صعوبات قد لا يتخيلها الشخص، ولكنه يتخطاها كبطل يكتشف قواه داخل حلبة القتال.
الصعوبات موجودة لتُقربنا من الله، لتُشير لنا في النفق المظلم أن هناك أمل وبصيص نور يظهر كلما توجهنا نحو الله، لتجدد علاقتنا بالله وانتمائنا الدائم له، كن على يقين آمن أن هذه الصعوبات ستنتهي، لا شيء يدوم، لا الحياة طريق مستقيم ولا الوقت صديق دائم، لا يمكن أن تشبه الأيام بعضها، اليوم الحلو سينتهي وكذلك المر، ستتوالى الأحداث علينا، وسنمر بدوامات نظن أننا الغرقى، فتظهر القشة وتستيقظ الهمم فينا.
وتذكر أنه كلما قدمت لك الحياة ليموناً، اصنع منه شراباً حلواً.