عندما كنت في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنيرة، على ساكن ثراها الصلاة والسلام، درسنا حكمة تقول: "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب".
في تلك الفترة دخلت هذه العبارة مزاجي واقتنعت بها والذي جعلني أقتنع أكثر هو أن الفكرة موجودة عند أبناء عمنا الإنجليز كما هي عندنا حيث يقولون في أمثالهم:
Silence is gold.
حقاً؛ لقد اقتنعت بالفكرة ومارست السكوت وأحاط بي الصمت، وقلت كما قالت مريم عليها السلام: "إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا".
مرّ شهر على مرحلة الصمت وأنا أبحث عن الذهب، كنت أسكن في حي اسمه "أرض الكردي، في منزل يتكون من غرقتين وكل غرفة تطل على حوش صغير، وفي كل صباح ألفلف في هذا المسكن والحوش بحثاً عن الجوائز الذهبية التي سأحصل عليها مقابل صمتي وفضيلة السكوت.
مرّ الشهر والشهران، والذهب لم يصل إليّ، فغيّرت تلك الفكرة، وأنا ولله الحمد أمتلك عقلاً مرناً يتكيف مع المعطيات الجديدة، ويتغيّر إذا وجد أن التغيّر لابد منه، لذلك تحوّلت من الخيار الأول، وهو الصمت، إلى الخيار الثاني، وهو المفيد والمثمر لعله يعطيني بعض الفضة.
في تلك الفترة ؛ كنا ندرس في الجامعة مادة العروض، وهي المقياس الذي يقاس بها الشعر الموزون المقفى عبر النظريات والمقاييس والمعايير التي وضعها شيخنا "الخليل ابن أحمد الفراهيدي الزهراني"، لقد أعجبتُ بهذا العلم واستوعبته وتمكنت من ايقاعاته، فصرت أعطي لبعض محبي الشعر دورات في طريقة نظم القصائد، وكنت آخذ على كل رأس "خمسمائة " ريال، وبعد أشهر كوّنت ثروة، استطعت من خلالها أن أدفع إيجار المنزل، وبنزين السيارة، وفواتير الكهرباء والماء، وتناول العشاء الفاخر في مطعم "جلال" الشهير، وكل هذا بفضل الله وكرمه، ثم بفضل كلامي الفضي الذي جلب لي الدرهم والدينار والفضة والريال.
في النهاية أقول:
إن هذا المقال يحاول أن يفتح باباً واسعاً لمناقشة الأمثال التي ورثناها من الأجداد، هل هي كلها صحيحة وسليمة حتى نقتنع بها ونورثها إلى الأحفاد..!؟