كلمات‭ ‬ضافية‭ ‬ حول‭ ‬مفهوم‭ ‬العافية

أحمد العرفج
د. أحمد  العرفج
د. أحمد  العرفج

يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬العافية‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬فقط،‭ ‬وهذا‭ ‬مفهوم‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الصواب،‭ ‬لأن‭ ‬المرض‭ ‬يقابله‭ ‬الصحة‭ ‬أما‭ ‬العافية‭ ‬فهي‭ ‬أعم‭ ‬وأشمل‭ ‬من‭ ‬الصحة‭ ‬الجسدية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭ ‬السليمة‭ ‬في‭ ‬الدنيا،‭ ‬وقد‭ ‬صغت‭ ‬ناصية‭ ‬تلخص‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬
‭#‬ناصية
‭"‬مؤسسة‭ ‬العافية‭"‬
‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬ستة‭ ‬محاور‭ ‬وهي‭:‬
1‭-‬‭ ‬العافية‭ ‬الدينية
2‭-‬‭ ‬العافية‭ ‬الدنيوية
3‭-‬‭ ‬العافية‭ ‬البدنية
4‭-‬‭ ‬العافية‭ ‬النفسية
5‭-‬‭ ‬العافية‭ ‬الأسرية
6‭-‬‭ ‬العافية‭ ‬المالية
وهذا‭ ‬مستنبط‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬القائل‭: "‬اللهم‭ ‬إني‭ ‬أسألُك‭ ‬العافيةَ‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرةِ،‭ ‬اللهم‭ ‬إني‭ ‬أسألُك‭ ‬العفوَ‭ ‬والعافيةَ‭ ‬في‭ ‬ديني‭ ‬ودنياي‭ ‬وأهلي‭ ‬ومالي‭"‬،‭ ‬وتذكروا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المحاور‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس،‭ ‬وصناعة،‭ ‬ورعاية،‭ ‬وصيانة‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك؛‭ ‬عن‭ ‬العباس‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬قال‭: ‬قلت‭: "‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬علمني‭ ‬شيئًا‭ ‬أسأله‭ ‬الله‭"‬،‭ ‬قال‭: ‬‮«‬سل‭ ‬الله‭ ‬العافية‮»‬‭ ‬فمكثت‭ ‬أيامًا‭ ‬ثم‭ ‬جئت‭ ‬فقلت‭: "‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬علمني‭ ‬شيئاً‭ ‬أسأله‭ ‬الله‭"‬،‭ ‬فقال‭ ‬لي‭: ‬‮«‬يا‭ ‬عباس،‭ ‬يا‭ ‬عم‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬سل‭ ‬الله‭ ‬العافية‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬العالم‭ ‬الجليل‭ "‬صفي‭ ‬الرحمن‭ ‬المباركفوري‭" ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬شرح‭ ‬الترمذي‭: (‬في‭ ‬أمره‭ ‬صلَّى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّم‭ ‬للعباس‭ ‬بالدعاء‭ ‬بالعافية‭ ‬بعد‭ ‬تكرير‭ ‬العباس‭ ‬سؤاله‭ ‬بأن‭ ‬يعلمه‭ ‬شيئًا‭ ‬يسأل‭ ‬الله‭ ‬به،‭ ‬دليل‭ ‬جلي‭ ‬بأن‭ ‬الدعاء‭ ‬بالعافية‭ ‬لا‭ ‬يساويه‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الأدعية‭ ‬ولا‭ ‬يقوم‭ ‬مقامه‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الكلام‭ ‬الذي‭ ‬يدعى‭ ‬به‭ ‬ذو‭ ‬الجلال‭ ‬والإكرام،‭ ‬والعافية‭ ‬هي‭ ‬دفاع‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬العبد،‭ ‬فالداعي‭ ‬بها‭ ‬قد‭ ‬سأل‭ ‬ربه‭ ‬دفاعه‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينويه،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلَّى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّم‭ ‬ينزل‭ ‬عمه‭ ‬العباس‭ ‬منزلة‭ ‬أبيه،‭ ‬ويرى‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الحق‭ ‬ما‭ ‬يرى‭ ‬الولد‭ ‬لوالده،‭ ‬ففي‭ ‬تخصيصه‭ ‬بهذا‭ ‬الدعاء‭ ‬وقصره‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬الدعاء‭ ‬بالعافية‭ ‬تحريك‭ ‬لهمم‭ ‬الراغبين‭ ‬على‭ ‬ملازمته،‭ ‬وأن‭ ‬يجعلوه‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬ما‭ ‬يتوسلون‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬ربهم‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬ويستدفعون‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يهمهم،‭ ‬ثم‭ ‬كلمه‭ ‬صلَّى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّم‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬سل‭ ‬الله‭ ‬العافية‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‮»‬‭ ‬فكان‭ ‬هذا‭ ‬الدعاء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحيثية‭ ‬قد‭ ‬صار‭ ‬عدة‭ ‬لدفع‭ ‬كل‭ ‬ضر‭ ‬وجلب‭ ‬كل‭ ‬خير‭).‬

في‭ ‬النهاية‭ ‬أقول‭:‬
أسأل‭ ‬الله‭ ‬لي‭ ‬ولكم‭ ‬العفو‭ ‬والعافية‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‭.‬