معنى الحياة

د. سعاد الشامسي 
د. سعاد الشامسي
د. سعاد الشامسي

إن الحديث عن الحياة وحدها لا يكفي، فلولا الإنسان ما وجدت الحياة، لولا ذنب الإنسان بالأصح، هل الحياة عقوبة؟
لا الأبدية تُعيرنا اهتماماً، ولا نشغل بال الحياة في شيء سوى أن نعيشها مثل الآخرين، ولكنها دوماً توجه لنا أسئلة فردية: من أنت؟ وتظل تردد السؤال على نفسك حتى تتوه، وتصادف شخصاً آخر في طريق الحياة يسأل نفسه "من أنا" فتجد الأمر طبيعياً..
هل نحمل مفاتيح أمورنا؟ الطفل يفكر في الحياة، الأم وهي تعد الطعام، الأب وهو ينصح أبناءه، أنت تفكر في الحياة بينما كنت قطعت عهداً على نفسك ان تُصبح ضالاً، لأنك في كل مرة تظن أنك اهتديت فيها إلى السبيل، تجد نفسك في المتاهة، وتجدنا معك... 
 هل هي الرحلة التي منحنا الله تذكرة إليها، لا التذكرة أبدية ولا الرحلة حرية! يقولون إنها بحث عن المعنى، أي معنى هذا في الفناء، في هاوية لا نهاية لها، لا أريد أن أفهم الفيزياء والمعادلات وأن أصل الفضاء لأفهم الحياة، ولكني أريد أن أحيا مثلما تغرني الكلمة، لا مثل أن تُصبح قبراً لي وعلى شاهدها مكتوب: لم يحيَ! 
للحياة أسرار تربيهم كما نربي أطفالنا، ولكنها تطلق أسرارها علينا ليمارسوا الغموض في حياتنا، لنتعب ونحن ندور حول ضلالنا ظناً منها أنه حبال النجاة من فكرة الحياة.. 
لا الحياة مؤذية، ولا شرسة، ولكنها محيرة، تلك الحيرة التي قد تسبب القلق وذلك القلق الذي قد يُسيطر على فكرك، وذلك الفكر الذي لا يحتمل حيرة، فتصير الحياة مقبرة شاسعة، نتوه فيها..
هل نحن أبناء الحياة أم أبناء النجاة؟ وأنا أسير في الحياة، لا تُفاجئني الوجوه، لأننا كلنا نحملها، يفاجئني الذي يُعباً روحه باللامبالاة، لا يهمه شيئاً سوى أنه يعيش، لا الأسئلة تُغريه، ولا الأفكار العكرة تصطاده..
هل الحياة مسابقة ركض حتى نصل لقبورنا؟ يا للعقوبة التي هبط بها الإنسان، علي أن أهتدي إلى أن الحياة معركة لا فوز ولا خسارة فيها، معركة لا تنتهي، تُجبرك الحياة على خوضها..
إن الحياة سؤال ونحن الإجابات المتعددة.
من أنا لأتحدث عن الحياة؟
أسميها بالشقية، لا لشقاء أيامي، ولكن لحيرتي البالغة في التفكير فيها، كلما صادفت الأكتاف التي كانت تصد عني رؤية الحياة، محمولة على أكتاف الآخرين، أحتار في الأمر وأختبئ بين الحشد والسؤال ينقر رأسي: لماذا نعيش هذه الأمور المعتادة؟ يقول حليم متغنياً "لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت" ويرد عليه عبد الوهاب مطاوع "وهي رغم كل ذلك الحياة، ونحن مطالبون أن نحياها كما هي".