كل شيء هو "اختيار"، هذه هي الحقيقة الأكبر للحياة وأصعب درس لها. حقيقة عظيمة لأنها تذكرنا بقوتنا. لا السلطة على الآخرين، ولكن القوة غير المستغلة في كثير من الأحيان أن نكون أنفسنا والعيش في الحياة التي نتخيلها.
درس صعب، لأنه يجعلنا ندرك أننا اخترنا الحياة التي نعيشها الآن. قد يكون مخيفاً بالنسبة لنا أن نفكر بأننا اخترنا العيش تماماً كما هي عليها اليوم، مخيف لأننا قد لا نجد ما نتمناه عندما ننظر إلى حياتنا اليوم، ولكن أيضاً قد تكون بداية تحرر لبداية اختيار ما سنجد عندما ننظر إليه في الغد.
هل تساءلت ماذا سترى عندما تنظر إلى حياتك بعد خمس سنوات من الآن؟ ماذا ستختار؟
نعم الحياة خيارات، لقد اخترت أن تذهب إلى العمل اليوم، اخترت أن تقرأ كتاباً، اخترت أن تجرب وجبة معينة في مطعم معين سمعت به، اخترت مشاهدة فيلم يعرض حديثاً في دور السينما، اخترت الملابس التي ترتديها، اخترت تخزين أفكار محددة في عقلك؟ اخترت متابعة أشخاص معينين؟ اخترت من يكون صديقك ومن لا يكون؟ نعم أنت من اخترت كل تلك الأمور، فالحب اختيار والعلاقات اختيار والشعور بالغضب أو الخوف أو الحزن أو السعادة اختيار، والقيام بعمل ما وغيرها من الأمور اختيار، اختيارك أنت.
أحياناً نختار أفضل نسخة قريبة لأنفسنا وأحياناً نختار نسخة معدلة منا..
كل شيء هو "اختيار" وخياراتنا طوال حياتنا ما هي إلا تاريخ مسطر وأشخاص وحوادث معينة ومواقف مررنا بها، ولكن معظم الناس لا يقبلون تماماً بهذه الحقيقة، ويقضون حياتهم اليومية كحياة روتينية مملة، نسخة من الأمس ونسخة الغد اليوم، فقط حجتهم نقاط ضعفهم، وكثيراً ما يشكون من الحياة والعمل ويلقون اللوم على الآخرين، فتجدهم أكثر الناس مجادلة وأكثرهم عذراً بأنهم مجبورين على العيش في مدينة معينة وعمل معين وربما قيادة سيارة معينة وأمور أخرى، ولكن هذا ليس صحيحاً فالشخص من اختار هذه الأمور في الماضي عندما صمم حياته المستقبلية، قد أجد البعض يعارضني ويجيب بأنه لم يختر ظروف حياته، ولكن هل سألت نفسك إن وجدت الظروف ألم توجد في داخلك السلطة والإرادة كي ترد على تلك الظروف؟! أن تغير نمط حياتك؟ اعلم بأننا لم نختر البلد الذي ولدنا فيه، ولا آباءنا ولا أمهاتنا ولكن عند ولادتنا ولدت معنا جميعاً "هبة" من الله عزوجل وهي "الإرادة الحرة".
تعلمت أن الحياة اختيار من أمي عندما توفي الوالد كانت لا تتعدى السادسة والعشرين من عمرها مع أربعة أطفال بين السابعة والسنة الواحدة من أعمارهم، لم تختر توقيت رحيله ولم تختر الظروف التي وضعت فيها ولم تختر الناس من حولها، لم تختر أي شيء بل استيقظت في منتصف تلك الظروف والأحداث، وبدلاً من أن تكون ضحية تردد بصورة يومية عبارات اليأس والضعف وغيرها من العبارات التي نسمعها كثيراً من البعض اليوم، استخدمت الإرادة الحرة، واجهت الظروف وسخرتها إلى صفها بدلاً من أن تكون ضدها، فاكتسبت منها القدرة على استخدام إرادتي عند الاختيار، وتعلمت منها بأننا يوم نقبل أن نحدد اختياراتنا، هو اليوم الذي نستطيع فيه أن نلقي أغلال الشعور بأننا ضحية الظروف ونستطيع من بعدها متابعة حياتنا التي ولدنا لنعيشها، حياة إيجابية مختلفة عن الآخرين.
فالحياة اختيارك... أنت، فاختر ما تشاء واترك ما تشاء وغير منها ما تشاء.