على الرغم من تلامُس الأوتار حولك لتُصدِر نغماتٍ مُختلفة المعاني، مُتشابِكة الأهداف، تُحيطُ بِكَ فتفصِلك عن الواقع، وتُعيق عينيك عن السير قُدُماً، لايزال هُناك نبرة ضعيفة بالكاد تسمَعُها في داخِلك، تتردد على عقلِك بين اللحظة والأُخرى، تُحاوِل إفاقَتِك لتعود إلى الشعور بذاتِك، كُلما غفوت.. تَحمِلك عالياً فوق أسوارِ القيود المُتلاحِمة، لترى كم كُنت مُقيداً في دائرتك الصغيرة، وكم فاتَك مِن لحظات الحياة اللامحدودة..
لايزال ذاك الصوت الساكِن في أعماقك يُراوِدَك للنظر إلى الوجه الآخر لتلك الجميلة.. "الحياة ".. يُحرِك أوتار قلبِك لتشتاق، لتشعُر، و لتعشَق.. إن تِلكَ المشاعر هي أعمِدة وركائز وجودك الإنساني في الحياة، فلا تتجاهلها، وكُن دوماً على تواصُل بها، تُراسِلك أحياناً بكلماتٍ مُبهمة، لكِنك تفهم مقصِدها، تُخاطِرك بما ينبغي عليك فعلهُ، وبضرورة الاهتمام بالخطوة التالية، وبأهمية عدم تكرار أخطائك السابقة، يا لها من مشاعر غريبة، حينما تضعف أنت.. تُقاتِل هي من أجل دعمك وتزويدك بالقوة الروحية لمواجهة الحياة، وحينما تضعف هي.. تستند إليك، وتستغيثُ بِك لتُغذيها مِن روحك، إنها عِلاقة تَكامُل روحي بينك وبين قواك الداخلية، فإن ترك أحَدكُم الحَبل على غارِبه انقطع التواصُل وصارت السفينة تائهة في عرض البحر من دون قُبطان..
إن صوت عقلِك يختلف عما حولك من أصواتٍ ونغمات، فهو صوت غير مسموع، لكِن يُمكنك إدراكهُ باستشعار صداه في داخلك، ثِق في إحساسك بما يعنيه لَك ذَلِك الصوت، فهو بوصلتك حين تفقد الاتجاه، ومُرشِدك حين تقع في دوائر الحيرة، ورفيقك حين تكون وحيداً في الحياة، حين يتخلى عنك الجميع في أكثر الأوقات احتياجا لهُم، حين تُهاجِمك آلام الفِراق، ويغمُرك الحنين لما فقدتهُ في الماضي، وتُغلق الأبواب والنوافِذ أمامك بين ليلةٍ وضُحاها، حينها فقط استمع إلى خواطِرك، كاستماعك لشريك الحياة الأوحد، كاستماعك لنبضات قلبٍ كادت صعوبات الحياة أن تُعفيه عن العمل، لَكِنهُ لايزال يعمل، فلابُد أن تُرافِقه بالأمل والتَحمُل، حتى تُشرِق شمس الحياة المُرتقبة، التي طالما انتظرتها لتُجدِد أحلامك وأهدافك، ولتضع نُقطة نهاية لِكُل ما اعترض طريقك يوماً..