وفي روتين الحياة.. لي رأي!

د. سعاد الشامسي 

 

حين تفرض طبائِعنا البشرية مُتطلباتِها، لا يَستطيع أحد الاعتراض، ولا يتمكن أحدَهُم مِن التمرُد على مُجريات الحياة، لذلك ينبغي أن يُسخر كُل مِنا كيانه من أجل إشباع رغبات الحياة وطلباتها المتُكررة،  ويجب على كُل عاقِل أن يُعلم عقله على مواجهة الأقدار وحل مُفرداتِها، فمع شروق شمس كُل صباح، تتجدد المُعطيات وتعود إلى نقطة الصفر، لنبدأ مِن جديد،  عند نقطة البداية وننطلق مِنها إلى تحقيق أهدافنا التالية، لَكِن هُنالك مُشكلة تتعارض مع طبيعة كياننا البشري، إنه الروتين المُتكرر، ذَلِكَ الاستنساخ المقيت التي يجعلنا نعيشُ في أيامٍ مُتشابهة، لا تتباين إلا في الأسماء والأرقام، أما مُفرداتِها فتتطابق.. تجد أحدهم يعيش مُنذُ سنواتٍ ما بين عملهِ وعائلته، لا يُضيف رونَقاً جديداً إلى نِظام حياتهِ، لا يُحاول التحسين أو التطوير بل تكرار ممل، فيبدأ الشعور بالضجر، وتقل رغبتهُ فيما يقوم بهِ مِن أعمال يومية، وتتسرب طاقته شيئاً فشيئاً، حتى يَصِل إلى مرحلة يصبح فيها كالماكينة المُبرمجة، لا يكترث إلى ما هو قادم ولا يُفَكِر في ما مضى، لا فارِق بين الأمس والغد، الأيام كُلها ذات ثوبٍ واحِد، فحين ينفرد بهِ سكون الليل، يتألم فتغتال الأفكار البائِسة بقايا آماله، ويُقتل في بُطءٍ شديد، هكذا نَملُ التِكرار ونبغض استمراره، هكذا نحتاج إلى تغير يُنعِش فينا الروح ويُجَدِد نضرة بشرتنا، فتلمع الابتسامة على ملامِح وجوهنا، وتعود الرغبة بالحياة إلى سكناتِها السابِقة، نحتاج إلى كسر قيود الروتين والتقليد اليومي، طبيعتنا البشرية تحتاج مِنا دوماً القيام بِكُل ما هو جديد، كتغيير مسار الحياة وإنعاش جذورها، لتترعرع سيقانِها في فخرٍ وتفاؤل، وتستعيد العقول قواها المُتهالِكة، إن ما نتحدث عنهُ الآن ليس خياراً أو شيئاً ثانوياً، وإنما هي ضرورة ينبغي على كُل إنسان مُحاولة تحقيقها قدر الإمكان، فليس مِن الضروري أن يُحدِث هذا التغيير يومياً، و إنما التغيير كُل فترة مِن الزَمن كاف جِداً لإنعاشِنا والترويح عن القلوب الصامِتة.

نحتاج حقاً لوقفةٍ مع أنفُسنا، نحتاج لإيقاف تِلكَ العجلة الحياتية المُستمرة، التي لاتزال تطحَن في أفكارِنا وتُفقِدنا الاستمتاع بالحياة، نحتاجُ إلى دَعم مُغاير للنفس والسلوك، وروح جديدة نستبدل بِها روحنا المُستهلكة، فبالتغيير يزداد مِن العُمر عمر، ويرطب القلب مِن قسوة الحياة وجفافها، لنبقى دوماً في حالة مِن ديناميكية النفس، وإبداع التفكير.