على مساحة تقدر بأربعة آلاف متر مربع بملعب الخيل إحدى أكبر المتنزهات التاريخية بمدينة فاس، وبحضور أكثر من 120 عارضة وعارضا من مختلف ربوع المغرب، نظم المعرض الوطني المغربي للزليج والفخار تحت شعار " قطاع الفخار والزليج التقليدي مساهمة وازنة في المنظومة الاقتصادية " عرف إقبالا جماهيريا واسعا وزيارات لشخصيات جهوية ووطنية على رأسها السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية .
صمم بممرات تحمل أبرز أسماء الصناع التقليديين " لمعلمين " ( بفتح اللام وتسكين الميم ) بلغة الصنعة، أمثال " الغالي تحيفة، عبد السلام السنتيسي، أحمد بناني، محمد بن الهادي بلمليح..وغيرهم... اعترافا بما قدموه من خدمات جليلة، وبما تركوا من بصمات خالدة في مجال صناعة الخزف والفخار.
هذه المهنة القادمة من عمق التاريخ، و التي استعملها الإنسان في معماره و مأكله ومشربه ، تستنطقها الاكتشافات بين الفينة والأخرى...لأنها من أكثر المواد المعمرة ومن أشدها مقاومة لتحولات الزمن، ومما زادها قوة ،إثبات العلم لها أنها الأسلم والأفضل على صحة الإنسان والبيئة.
في حين، استمدت استمراريتها في المغرب بحكم وظائفها و الحاجة إليها وبحكم تراثها الحضاري المغربي، العربي، الأمازيغية، الإسلامي.
يقول عبد المالك البوطيين رئيس غرفة الصناعة التقليدية لجهة فاس - مكناس في ندوة صحفية نظمت بهذه المناسبة" تم التفكير في إقامة النسخة الأولى من هذه التظاهرة بجهة فاس مكناس للمكانة الاقتصادية والاجتماعية والحضارية لقطاع الزليج والفخار بهذه الجهة حيث تتوفر على بنية تحتية متميزة منها الأحياء الحرفية " بنجليق " بفاس، " الرميكة " بمكناس، مركب الصناعات الحرفية ودار الصانعة للفخار القروي النسوي بإقليم تاونات ،ويعمل بها أزيد من عشرة آلاف صانعة وصانع ، يساهمون في الحفاظ على الخصوصية الإبداعية والفنية والجمالية ويترجمون حنكة وعبقرية الصانع التقليدي المغربي وروعة منتوجاته ومهارة صناعته ودقة تصميمه وإبداعه في تجديد شكل الزخرفة المغربية..".
ويضيف عبد المالك " فاس معروفة بصناعة وإنتاج الفخار والزليج بفضل كفاءة الصناع الحرفيين ووفرة وجودة مادة الطين الأزرق التي لا وجود لمثلها في باقي المناطق الأخرى، التي تنتج بها هاتان المادتان، وأشار إلى أن فاس تتوفر على مخزون مهم يمكن أن يزود السوق المغربية لأكثر من 100 سنة.
واستعرض من جهته عبد الرحيم بالخياط المدير الجهوي للصناعة التقليدية بجهة فاس- مكناس "...الأنواع التقليدية من الفخار والخزف والزليج والقرميد و الآجور..، والتي عرفت تطورا منذ القرن الرابع عشر، والمتميزة بألوانها الزاهية الناتجة عن مزج بعض الأكاسيد بأكسيد الرصاص والكوبالت، الشيء الذي يمنحها لمعانا وبريقا جذابين، وهذه الألوان تحمل خصوصيات ومميزات كل منطقة، ففخار فاس معروف باللون الأزرق و" دمنات " بالأحمر و"تمكروت" بالأخضر. وقد أصبح لهذه الألوان صيت عالمي نتيجة مهارات الصناع التقليديين في استخراجها".
استضاف المعرض شخصيات معروفة على الصعيد المحلي ، الجهوي والوطني في الزليج والفخار، كما نظمت طيلة أيامه ندوات وموائد مستديرة وحلقات دراسية متخصصة سهر على تأطيرها خبراء وباحثون...أتاحت تبادل الخبرات والمعارف بين مختلف الفاعلين..
وكانت المنتوجات المعروضة سواء للاستعمال المنزلي أو للمعمار أو للديكور عبارة عن تحف فنية، لكل قطعة وظيفتها وميزتها، يقول عبد الفتاح الشلح (عارض) " سررت كثيرا لوجودي ضمن العارضين، فقد تمكنت من التواصل مع الكثير من الصناع التقليديين وكذا اللذين أتقاسم معهم نفس التخصص ( الزليج التقليدي الفاسي) واستمتعت كثيرا بتواصلي مع الجمهور وملامستي للكثير من الأذواق في وقت وجيز..."، وحول منتوجاته يضيف " أوظف الزليج المغربي بألوانه الزاهية المميزة، الأزرق، الأحمر ، الأخضر...في صناعة الموائد بأحجام وأشكال مختلفة...والتي تعرف إقبالا من طرف المغاربة والأجانب...كما توظف كثيرا في الفنادق الفخمة ودور الضيافة.. للاستعمال اليومي وللديكور في نفس الآن...".
اختتم هذا المعرض الذي يجسد الغنى الثقافي والحضاري للمغرب بتكريم الصناع التقليديين وسط أبنائهم وأحفادهم كرسالة من المنظمين على أن هذه المهنة لا تشيخ، ورغم أن معظم المميزين منهم قد فارقوا الحياة، إلا أن بصماتهم تؤثث الجوامع والقصور والإقامات الفخمة... داخل المغرب وخارجه، لتساهم في صنع الجمال عبر العالم في نسخته المغربية.