هل تكرهين الصراعات؟ هذا أمر طبيعي. لكن بإمكانك التعرف على كيفية إدارة الصراعات بشكل أفضل، وبحسب الدكتورة سناء الجمل خبيرة التنمية البشرية، ولأنها تعد من الأمور الطارئة التي يجب أن تتعاملي معها، وتعرفي طريقة حلها.
أول ما يجب فعله بشأن الصراعات هو تغيير مدخلك للصراع؛ لأنه دائماً ما يرتبط بصورة نزاع بين شخصين، ومشهد قبيح لا يمكن أن ينتهي نهاية سعيدة. حان الوقت لتغيير هذا المدخل إذا ما كنت ترغبين في حل الصراع. عليك أن تتذكري أولاً أن الصراع يبدأ صغيراً، ثم يخرج عن نطاق السيطرة للحد الذي يجعله يبدو وكأنه حرب. لكن التفكير في الصراع باعتباره قضية صغيرة، يمكن أن يساعدك في التعامل معه بشكل مباشر، وإليك بعض الصراعات التي يمكنك مواجهتها:
سوء الفهم
تأتي معظم الصراعات التي نواجهها في الحياة من سوء الفهم. فإما أنك لم تتمكني من مشاركة نيتك الحقيقية وراء ما تفعلين، أو أنك تجاهلت فعل ذلك. وفي كلتا الحالتين فإن ما لم تقوليه، وما لم يصل للطرف الآخر هو تحديداً سبب الصراع.
ولتجنب أغلبية الصراعات، يجب أن تلتزمي بالوضوح وإتمام أفكارك ونواياك، وأن تحاولي قدر الإمكان أن تستمعي بعناية واهتمام إلى ما يريد الآخرون إيصاله من رسائل.
قد يكون من المفيد كتابة الأفكار والعناصر على ورقة أو عبر بريد إلكتروني، فما نقوله ننساه، بينما يبقى المكتوب رصداً وتوثيقاً للأفكار والمواقف. كذلك من المفيد الاحتفاظ بكل المكاتبات سواء كانت ورقية أو رقمية، أو رسائل صوتية، حيث يتيح لك ذلك العودة للموقف الذي كان سبباً في الصراع، لتحاولي فهم أين وقع سوء الفهم بالتحديد.
صراع بسبب العلاقات
تسير العلاقات والتواصل جنباً إلى جنب، فالحياة عبارة عن شبكة من العلاقات الشخصية والمهنية، وأي صراع هو عبارة عن مشكلة في علاقة من العلاقات، بسبب اختلاف الشخصيات. فعلى سبيل المثال نضطر أن نتواجد مع أشخاص قد لا نختار أن يكونوا أصدقاءنا في ظروف أخرى، بل وقد لا تكون هناك علاقات جيدة، أو حتى مصالح مشتركة، لكن يتعين علينا العمل معاً.
تعد إحدى طرق حل التعارض في العلاقات هي التعامل مع الفرد على المستوى الشخصي، فإذا كان الشخص قريباً منك، يمكنك الاستماع إليه وإلى وجهة نظره في القضية. وإذا كان الصراع في بيئة مهنية، فعليك دائماً البحث على أرضية مشتركة. ادعيهم إلى فنجان من القهوة، وتعرفي على الاهتمامات المشتركة التي يمكنك أن تشاركيهم إياها. يمكن لتوطيد العلاقة أن يسهل معالجة وحل الصراع والاختلافات في وجهات النظر. يساعد هذا النهج أيضاً في حل الصراعات دون اللجوء إلى مدير أو مسؤولين على مستوى أعلى، ما يمكن أن يضخم من حجم المشكلة.
صراع القيم
يعد ذلك هو أصعب أنواع الصراع؛ لأنه يرتبط بالاختلافات الأساسية بين شخصين، فالصراع المبني على تعارض القيم بين الأشخاص قد يرجع إلى تعارض بسبب المعتقد أو الهوية أو القيم الأساسية في حياة الإنسان، وتتضمن صراعات القيم صراعات السياسة والدين وأي معتقدات أساسية.
من أكبر المشكلات في هذا النوع هو استحالة إجراء مناقشات حول موضوع الصراع، بل ومن المفيد تشجيع عدم الخوض في الدين أو السياسة؛ لأن التوصل إلى حلول وأرضيات مشتركة فيهما قد يكون مستحيلاً.
إذا لم تتفقي مع محدثك في إحدى القضايا الشائكة التي تتعلق بالقيم والمبادئ، فعليك أن تحاولي الاستماع قدر الإمكان، ولا يعني ذلك أنك متفقة معه، وإنما يعني بكل بساطة أنك تحاولين تصور المنطق والأرضية التي ينطلق منها الطرف الآخر. وفي تلك الحالة يتعين البحث عن أرضية أخرى مشتركة، فعلى سبيل المثال، قد تختلفين مع زملائك في العمل حول السياسة أو المعتقد، لكن قد يكون لديكم أطفال في الأعمار نفسها، يمرون بالمراحل نفسها. قد تمرين بصراع مع أحد معارفك حول القضايا الدينية، لكنكما نشأتما في البلدة ذاتها. يظل الهدف دائماً هو إيجاد قواسم مشتركة، يمكن أن تستند إليها العلاقة، بدلاً من البحث عن الخلاف بينكما.
الخلاف بين الشخصي والعام
تتعلق الأمثلة الثلاث الأولى بصراعات أشخاص مع بعضهم البعض، لكن إحدى حالات الصراع الكبيرة التي تجدين نفسك فيها هي صراع الشخصي والعام، كأن تكون لديك مشكلة مع الأعراف والمعتقدات أو القوانين المجتمعية، هذا هو صراع خارجي، تتعارضين فيه مع رؤى معينة قد تكون راسخة لدى مجتمع معين، وأمثلة على تلك الصراعات: المعتقدات البيئية، الصراع على نوعية التغذية (النباتيون ضد آكلي اللحوم مثلاً)، التصنيف على أنواعه (طبقي، اجتماعي، وعرقي)، العنصرية، الاتهام ظلماً بجنحة ما.
حينها تتولد لديك قناعة بأن العالم كله ضدك، ولا أحد يشاركك وجهة نظرك، أو يرى الأشياء كما ترينها. وأحياناً ما يكون ذلك الصراع أن تكوني وحدك ضد المجموع، كما فعلت يوماً روزا باركس التي رفضت أن تخلي مقعدها لراكب أبيض في الحافلة، وكان ذلك موقفها ضد الفصل، وأحد أبرز أشكال الصراع الواضحة، حينما يصر الإنسان على موقفه حتى النهاية، مهما كانت العواقب.
يتطلب هذا النوع من الصراعات قدراً هائلاً من العمل؛ حيث إنه يتطلب إيجاد صوتك، ونشر رسالتك، ويتعلق الأمر أيضاً بخلق الحركات الساعية نحو التغيير، ولا يعني ذلك بالطبع أن العالم يجب أن يتغير، وإنما ببساطة يكون التغيير على نطاق محلي أصغر. ولكن المواجهة سوف تتطلب دائماً تحدياً أو معركة شاقة. إن حل النزاعات من هذا النوع قد يؤدي إلى التغيير، وهو ما يمكن أن يكون عائداً إيجابياً للصراع.
لتكوني قادرة على حل أغلب الصراعات، يتعين عليك أن تكوني منفتحة وواضحة، وأن يحس الآخرون بأنهم مسموعون، وبهذه الطريقة سوف تتمكنين من السيطرة على الصراع، وتحويله إلى خلافات بسيطة سهلة الحل.
لإبداء آرائكم والأفكار التي تودون تناولها في قسم «شباب وبنات» راسلونا
على الإيميل الخاص بالقسم
shababwebanat@sayidaty. net
وسنقوم بالإجابة أو العمل على الموضوعات فى أقرب وقت من الإرسال